الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 6/18

ضياء الشكرجي

2019 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نشرت كمقالة باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).
وفي سورة البقرة نقرأ في الآيتين 256-257:
«لا إِكراهَ فِي الدّينِ، قَد تَّبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ، فَمَن يَّكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى، لَا انفِصامَ لَها، وَاللهُ سَميعٌ عَليمٌ. اللهُ وَلِي الَّذينَ آمَنوا يُخرِجُهُم مِّنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ، وَالَّذينَ كَفَروا أَولياؤُهُمُ الطّاغوتُ، يُخرِجونَهُم مِّنَ النّورِ إِلَى الظُّلُماتِ، أُولائِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ».
كثيرا ما يورد المسلمون، أو حتى غير المسلمين من مستشرقين أو عارفين بالإسلام، في الحوارات عبارة «لا إِكراهَ في الدّينِ»، ليستدلوا على عدم تبني الإسلام الإجبار على العقيدة، أو على الالتزام. وفي نفس الوقت هناك فريق من المفسرين وما يسمَّون بعلماء الإسلام المختصين بعلوم القرآن، كالتفسير، وأسباب التنزيل، والناسخ والمنسوخ، وغيرها، أو المختصين بالحديث، والفقه وغيرهما، يقولون بأن آيات التسامح قد نُسِخَت بآيات السيف، ولكن هناك رؤية أخرى تعتبر أن آيات التسامح والسلام والعدل والعقلانية هي التي تمثل جوهر القرآن الثابت، والأخرى تمثل الطارئ المتغير بتغير الظرف الزماني والمكاني. والمشكلة إن مؤلف القرآن ترك المسلمين يتخبطون ذات أقصى اليمين وذات أقصى اليسار، أو أقصى الاعتدال وأقصى التطرف، ولا أحد يستطيع حسم الخيارات المتباينة والمتناقضة أحيانا، إلا بإهمال كل النصوص الدينية، واعتماد العقل الإنساني، والضمير الإنساني، والتجربة الإنسانية، لا غير.
هذا كله إذا اقتصرنا على نص «لا إِكراهَ في الدّينِ»، وكذلك لا مشكلة لدينا فيما بعد هذا النص، فيما جاء في الآية 256 «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ، فَمَن يَّكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى، لَا انفِصامَ لَها»، مع اعتماد الفهم الأقرب إلى الصواب لكل من مفردات (الرشد) و(الغي) و(الإيمان). وهذا يتطلب التعاطي مع نسبية المفاهيم، بينما نجد أن المعتمدين لمبدأ النسبية من عموم الدينيين، ومن خصوص المسلمين، هم القلة النادرة جدا جدا.
ولكننا عندما نواصل قراءة الآية 257 التالية لها ونقرأ «اللهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنوا يُخرِجُهُم مِّنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ، وَالَّذينَ كَفَروا أَولياؤُهُمُ الطّاغوتُ، يُخرِجونَهُم مِّنَ النّورِ إِلَى الظُّلُماتِ، أُولائِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ»، تتغير الصورة، ويظهر بكل وضوح الموقف المتشنج تجاه غير المسلم ثانية. هذا يتبين لنا بشكل خاص، إذا ما علمنا أن المقصود بالمصطلح القرآني «الذين آمنوا» هم (المسلمون)، وبمصطلح «الذين كفروا» هم (غير المسلمين) [وهذا ما أثبته في بحث (مع مصطلحي «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن)]، فيمكننا عندئذ قراءة النص على النحو الآتي: «اللهُ وَلِي (المُسلِمينَ) يُخرِجُهُم مِّنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ، وَ(غَيرُ المُسلِمينَ) أَولياؤُهُمُ الطّاغوتُ، يُخرِجونَهُم مِّنَ النّورِ إِلَى الظُّلُماتِ، أُولائِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ». لماذا يجب أن يحشر غير المسلمين، أو حتى المسلمون غير الملتزمين، أو المنتمون إلى غير الفرقة الناجية، أو غير المذهب الحق، أو ما شابه، أو غير القائلين بوجوب تحكيم الشريعة الإسلامية، لماذا يجب أن يُحشَر كل هؤلاء في نار جهنم خالدين فيها، فلا هم ميتون ومستريحون بالموت من العذاب، ولا هم مخفف عنهم العذاب؛ كل ذلك لا لشيء، إلا لأنهم لم تقتنع عقولهم بما أوجب الإسلام عليهم الاعتقاد به، وكأن الاقتناع وعدم الاقتناع أمر اختياري؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال