الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدمير الثروة العقارية فى مصر

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2019 / 3 / 29
دراسات وابحاث قانونية


اهدار الثروة العقارية
فى اوائل الثمنينات كنت ابحث عن شقة للايجار ، وبالفعل وفقت لشقة جميلة فى الدور الثالث واجهة بحرية وكان ايجارها زهيدا بالنسبة لسعر السوق ولم افطن الى السبب

اجرت الشقة ودفعت مقدم بسيط يخصم من الايجار الى ان يحين الوقت المناسب للانتقال فيها ، وفى يوم انتقالى لها لاحظت وقوف فنطاس ماء كبير امام العمارة التى كانت مكونة من خمسة ادوار

وحولها اناس يملائون اوعية منها ، فسألتهم بكل براءة هم بيملوا مياه ليه هى العمارة المياه قاطعة فيها ، فوجئت باحدهم يقول لى العمارة مافيهاش ميه يابنى لانها مخالفة والحكومة رافضة توصلها المرافق وبقالنا على الحال ده سنتين

اسقط فى يدى وعرفت وقتها لماذا كان الايجار زهيدا وانه لاامل حتى تاريخه فى وصول قريب للمرافق

ذهبت الى صاحب العمارة وكان كريما ورد لى ما دفعته من عربون طبعا عدا الاشهر التى كانت الشقة مغلقة لحسابى

تذكرت هذه القصة وانا امر على الطريق الدائرى المحيط بالقاهرة وهناك عشرات العمارات محطمة الاسقف والجدران فى معظم الادوار وكانه كانت هناك حرب طاحنة ، الامر الذى يذكرك بالمبانى المهدمة فى دول الجوار جراء الحرب الاهلية
طبعا الهدم هنا هو بفعل الدولة لان هذه المبانى اقامها مواطنون بالخالفة للقواعد والقوانين السارية ، فتقوم الدولة من جهتها بهدم هذه الادوار المخالفة من ان الى اخر وعلى نفقة المخالفين

بالقطع الحكومة محقة فى هدمها للعقارات المخالفة وتطبيق القوانين ولكن فى تقديرى كان من الاجدى منع البناء ابتداء

لان هدم العقارات المخالفة وخصوصا غير الخطيرة من حيث السلامة الانشائية او غير المتعدية على خط التنظيم يمثل اهدار للثروة العقارية المملوكة للافراد والتى هى فى النهاية مجموع ثروات الدولة

قد يقول قائل وهل تقف الدولة مكتوفة الايدى وهى ترى بعض المواطنين ينتهكون القانون ويبنون بالمخالفة له

حقيقة الامر انه لايجوز على الاطلاق السماح بذلك للافراد تحت اى زريعة ، ولكن هناك طرق اخرى قادرة ىضبط الاوضاع اذا كانت الدولة غير قادرة على منع وقوع جريمة البناء ابتداء وهى منع توصيل المرافق العمومية للابنية المخالفة وعلى رأسها المياه والكهرباء مهما طال الامد

هنا يثور سؤال لماذا كانت الدولة فى اوائل الثمنينات تمنع ايصال المرافق للعقارات المخالفة بما كان يشكل ردع يمنع البناء المخالف ولا تفعل ذلك اليوم
السر بكل بساطة ان هيئات الدولة الان تعمل بشكل جزر منعزلة فهيئة الكهرباء حتى لو كان البناء مخالففانها تقوم بتحصيل الرسوم القانونية وتقوم بتوصيل الخدمة مثل توصيل الكرباء وتكتفى بذكر كلمة البناء مخالف فى ايصالات السداد ، او حتى اخذ مبلغ معلوم كل شهر يسمى ممارسه مهما كان استهلاك الكهرباء او عبارة وصلة غير قانونية فى المياه

وهكذا اصبحت لدينا عشرات الالاف من المبانى فى كل ربوع مصر تتمتع بالمرافق من مياه وكهراء وغيرها من خدمات فى مبانى تفتقر الى الاساليب الحديثة فى البناء وتغيب عنها الاشتراطات الصحية لتكون سكن محترم وملائم للمواطنين

المطلوب الان وبحزم ان تعلن الدولة واعتبار من اليوم عدم توصيل المرافق لاى مبانى مخالفة تتم اقامتها منذ الان وعن نيتها عدم التنازل عن هذا القرار تحت اى مسمى وفى اى وقت خصوصا ايام المواسم الانتخابية

فى هذه الحالة فقط نستطيع القول ان اى مواطن سيفكر الف مرة قبل ان يقوم بانشاء بناء يعلم جيدا انه لاقيمة له ويستحيل الانتفاع به دون مرافق

اما هدم الثروة العقارية بهذه الصورة المريعة فانه ابدا لن يشكل حلا ونهائى لمشكلة اقامة المبانى المخالفة وانما اهدار للثروة العقارية واموال المواطنين الذين يقومون باعادة البناء مرة اخرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج