الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواقع الإخبارية في العراق: الواقع والتحديات

حسني رفعت حسني
(Husni Refat Husni)

2019 / 4 / 29
الصحافة والاعلام


مثّلت المواقع الإخبارية منذ ظهورها وانتشارها عبر الإنترنت شكلًا من أشكال الإعلام الجديد، تميزت بالسرعة في نقل الأحداث وتغطيتها، واستخدامها لأدوات تفاعلية جذبت مستخدمي الشبكة إليها، كإتاحة نشر مقالاتهم وتدويناتهم عبر صفحاتها، وهو أحد أهم العوامل التي ساهمت في إبرازها بشكل أكبر في الساحة الإعلامية، فضلًا عما يستخدمه القائم بالاتصال فيها من تكنولوجيا متطورة يمكن ملاحظتها في طريقة تصميم وإخراج الموقع، وأساليب تقديمه للمواد والمضامين الصحفية.

على مستوى العالم والوطن العربي، ظهرت مواقع إخبارية بإمكانيات وقدرات بشرية ومادية كبيرة، حققت نجاحًا في السوق الإعلامي، تميزت بتغطيات ومعالجات إخبارية منفردة لأحداث وقضايا مهمة وجوهرية في المجتمعات الغربية والعربية، وقدمت محتوى صحفي يتميز بالجودة والحرفية، إلى جانب مجموعة من الخدمات التي تقدمها للمستخدمين والتي لا تقتصر على نشر الأخبار والتقارير فقط، بل تشمل خدمات متنوعة ومتعددة كمشاهدة القنوات الفضائية بصورة مباشرة والاطلاع على الصحف، والنشرات البريدية وخدمات الأخبار المتخصصة عند الطلب، ونتائج الدراسات والأبحاث واستطلاعات الرأي، وأدوات صحافة المواطن المتمثلة بإرسال ما يوثقه المستخدم من أحداث وما يرصده من صور ومقاطع، فضلًا عن توظيف ما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي من مميزات وخدمات، لتكون بمثابة منصات نشر فرعية عن الموقع، وهو ما عزز من فرص انتشارها وتزايد في أعداد مستخدميها.

في العراق، لا يزال المشهد بالنسبة لمواقع الأخبار غير واضح المعالم وفيه نوع من الفوضى وعدم الانتظام رغم وجود عدد كبير من المواقع التي تنشر أخبارها بصورة منتظمة، لكنَّ المحتوى الذي يُنشر في كثير منها يشبه إلى حد كبير ما يُنشر في وسائل الإعلام التقليدية، من ناحية أسلوب التحرير وطريقة صياغة الأخبار والفنون الصحفية الأخرى، وهو ما لا يتوافق مع الكتابة والنشر لشبكة الويب، وخصائص مستخدميها.

وإذا صنفنا المواقع الإخبارية في العراق فهي تنقسم إلى ثلاثة، الأول: مواقع إخبارية تُعد امتدادًا لمؤسسات ووسائل إعلامية (صحف مطبوعة، إذاعات، قنوات تلفزيون) لكنّها غالبًا ما تكون مستقلة بمواردها البشرية والمادية عن الوسيلة، والثاني: مواقع نشأت في بيئة الإنترنت، ليس لها أي ارتباط بمؤسسات إعلامية، لها مقر عمل وغرف أخبار خاصة بها، فضلًا عن محررين ومراسلين يزودون الموقع بالأخبار والأنباء، وهذا النوع يتواجد بكثرة في العراق لسهولة الحصول على ترخيص بفتح الموقع وإدارته ونشر الأخبار فيه، أما الصنف الثالث: هي مواقع إخبارية ممولة ومدعومة من مؤسسات حكومية وغير حكومية، أو جامعات وكليات، أو شركات تجارية، أو منظمات مجتمعية، أو أحزاب وشخصيات سياسية واجتماعية، وهذا النوع يهتم بنشاطات الجهة التي تدعمه إلى جانب تغطية الأحداث والأخبار الداخلية والخارجية من مصادر مختلفة.

إنَّ مشكلة مواقع الأخبار في العراق والتحديات التي تواجهها يمكن رصدها في عدة جوانب، أبرزها ما يتعلق بالرسالة الإعلامية التي لا تزال تُعاني من الصياغة والتحرير التقليدي أو "الكلاسيكي"، وعدم الاستثمار التام للأدوات والخصائص التفاعلية التي تتيحها شبكة الإنترنت، فقوالب تحرير الفنون الصحفية للجرائد الورقية هي ذاتها التي تُستخدَم لتحرير أخبار وتقارير الويب، وهو أمرٌ يُعزى إلى سياسة تحرير الموقع الإخباري وطبيعة العاملين فيه الذين يفتقرون إلى المهارات الصحفية الحديثة المتمثلة في تحرير وإنتاج قصص تُخاطب الجمهور بصورة مباشرة، لا مجرد أخبار تأخذ قالبًا ثابتًا يسبب الملل للقارئ.

والجانب الآخر يتمثل في هيمنة التقنيين والمبرمجين على إدارة الموقع والسيطرة على منصات النشر الخاصة به، رغم أهمية هذه الاختصاصات ودورها الفعال والمؤثر في غرف الأخبار داخل المواقع، لكن يبقى الصحفي المهني هو الشخص الوحيد القادر على إنتاج الرسالة الإعلامية بالصورة الصحيحة طبقًا لمبادئ وقواعد العمل الإعلامي المتعارف عليها، إذ يوجد عدد كبير من مواقع الأخبار العراقية تُدار عمليات التحرير فيها بواسطة مهندسين تقنيين ليس لهم أي صلة بالإعلام، وهو ما أراهُ مؤشرًا سلبيًا يؤثر على الإعلاميين الذين يمتلكون الخبرة والمؤهل الأكاديمي، لكن لا يمتلكون الفرصة التي تمكنهم من العمل في هذه المواقع، وهو ما يولد فجوة في السوق الإعلامي المحلي.

وهناك تحديات أخرى كثيرة منها ما يتعلق بالأمور المادية وعائدات الإعلان الضئيلة، والمنافسة القوية من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي غالبًا ما تحصل على السبق في تغطية أبرز الأحداث من الشارع العراقي عن طريق المستخدمين أنفسهم، وسرعة التطور والتغيرات التي تطرأ في مجال الإعلام جانب آخر يمثل تحديًا لابد من مواكبته بإدخال التكنولوجيا الحديثة في غرف صناعة وتحرير المضامين الإعلامية.

على مؤسسات ووسائل الإعلام العراقية إعادة النظر في مفهوم الإعلام الجديد أو الرقمي، والسعي للارتقاء بالمواقع الإخبارية وحتى الصحف الإلكترونية إلى مستويات أعلى، ومن أجل إنجاح ذلك ينبغي استقطاب الجيل الإعلامي الجديد الذي يمتلك المهارة والقدرة على التعامل مع الأدوات والتطبيقات الصحفية المتطورة، ومنح الصحفي قدر من الحرية للابتكار في تقديم شيء مختلف غير تقليدي، يتميز بالتفاعلية والقدرة على جذب المستخدم لقراءة أو مشاهدة القصة الصحفية، والحرص أيضًا على تدريب الملاكات الصحفية الحالية وإدخالهم في دورات وورش عمل تُنمي قدراتهم وتطور خبراتهم، من أجل تقديم مواد ومضامين هادفة تتميز بالمهنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس