الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قميص -فضيلة- الى -الفولارة- : قصص تحكي نضالات المرأة التونسية

سفيان بوزيد
طالب باحث في علوم الاعلامية اختصاص هندسة المعلومات و البرمجيات

(Soufiene Bouzid)

2019 / 5 / 1
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


جدّ صباح يوم السبت 27 أفريل 2019، حادث مرور مريع بمعتمدية السبالة من ولاية سيدي بوزيد على مستوى حي الشارع أسفر عن وفاة 12 عاملة في الفلاحة وإصابة 20، الحادث اثار ردّة فعل ساخطة من ابناء الشعب في وقفات احتجاجية و تعاطفا واسعا من لدن الشعب التونسي و فتح مربّع الحديث عن انتهاكات حقوق العاملات ، كما انّه كشف الوجه البشع عن استغلالهنّ و ظروف عملهنّ المهينة ،كما انّه كشف عن تشغيل الاطفال و بل انّ العديدات منهنّ لا يملكن بطاقات هويّة . و فوق احدى منازل الشهيدات الخبز رفرفت عاليا "الفولارة" التي اضحت منذ ذاك الحادث الاليم رمزا لعزة النفس و المقاومة ، في هذا النصّ اورد اقتران لباس التونسيات بقصص النضال
اللباس التقليدي للتونسيّات مقترنا بالكفاح و الشرف :
مريول فضيلة أو حورية من
اللّباس التقليدي
التونسي النّسائي وهو عبارة عن قميص يصنع من قماش قطني يخطط و يزين باللون الأزرق أو البنفسجي وهو باهض الثمن و لا يقع ارتداؤه إلا في المناسبات مع التخليلة الحمراء ، و حول شعبيّة هذا القميص و بعد بحث في عديد المصادر المنفصلة فانّي توصلت لثلاث روايات اساسيّة اوردها كما هي :
تقول الرواية الاولى : "جبر الاتراك فتاة تونسية ، كانت شابة وجميلة ، واقتادوها اسيرة للخلوة مع السلطان العثماني، كان اسمها”فضيلة الشارني” من مدينة الكاف التونسية ، أخفت “فضيلة” خنجرا في ثيابها ولما اقترب منها السلطان همت بضربه في عنقه فاصابته بجرح عميق وغائر في وجهه فامر السلطان العثماني باعدام فضيلة امام اهلها ، وفي ساحة السوق ، وقطع راسها. كان يوما اسود ، في بلدة “شارن” احدى قرى مدينة الكاف، خاصة انه ، وفي لحظة اعدام فضيلة جردها جنوده، من ثيابها الفوقية وكانت ترتدي قميصا تقليديا (سيعرف ، لاحقا ، عند التونسيين باسم ” مريول فضيلة).
فقررت ،حينها ، نساء وفتيات البلدة والبلدات المجاورة شراء قمصان شبيهة بقميص البطلة ” فضيلة” ولباسه في رسالة للمستعمر العثماني ان نساء تونس كلهن ” فضيلة “: تجوع وتقتل ولا تأكل بثدييها ."
على سياق آخر يقول الاستاذ نجيب عبد الرزاق، أستاذ الحضارة العربية بالجامعة التونسية، أنّ " أحد قادة جيش الاحتلال الفرنسي كان في جولة بجهة "عقلة شارن" بمنطقة الكاف في الشمال الغربي التونسي فانبهر بجمال إحدى الصبايا تُدعى "فضيلة الشارني" وكانت بقدّ ممشوق وصاحبة خال على خدها ينسدل فوقه شعر فاحم. واستتباعًا للحكاية، أرسل هذا القائد الفرنسي جنده لخطف فضيلة غير أنها استبسلت في الدفاع عن شرفها فتركت له ندوبًا على وجهه ولم تجعله يمسها بسوء، وفرّت هاربة وهي ترتدي لباسًا داخليًا مخططًا بالأزرق والبنفسجي كان رائجًا لدى نسوة الجهة آنذاك.
و درءا لفعلته و فضيحته أطلق القائد الفرنسي النار بمسدّسه على فضيلة لتهتز لهذه الحادثة المملكة التونسية بأسرها، وقد تضامنت معها كل نسوة البلاد في يوم مشهود بأن لبسن كلّهن ذلك اللباس الذي تغدّر بدم الشابة الكافية وتنديدًا بالغدر الفرنسي ومحاولة النيل من الشرف. وعليه ومنذ ذلك الوقت، أصبح يطلق في تونس على اسم هذا النوع من القميص الذي انتشر في كامل البلاد مسمى "مريول فضيلة" نسبة للشابة التونسية التي دافعت عن شرفها".
و في تاريخية اخرى تقرن عديد المصادر أنّ تسمية اللباس "مريول فضيلة" الى الفنانة التونسية "فضيلة ختمي" التي عاشت في بداية القرن العشرين و التي اشتهرت في بداية بث الأغاني براديو القصبة سنة 1920 كما كانت تنجز مسرحيات وتسهم في برامج إذاعية تعنى بقضايا المرأة إلى جانب ناجية ثامر والسيدة المحرزي، وقد تأثرت بها النساء التونسيات إذ كانت رمزًا بالنسبة إليهن فتأثّرن بلباسها الذي بات يعرف بـ"مريول فضيلة. "
رغم اختلاف تاريخية منشأ تسمية "مريول فضيلة" الا ّ ان الروايات اتفقت على دلالته ، دلالة عزة النفس و كبرياء المراة و شموخها ، دفاعا عن حقّها في العيش بكرامة و مساواتها مع الرجل في كافة المجالات
الفولارة من رمز للابتهاج و الفرح الى رمز للاحتجاج و غضب المراة
الفولارة او "المحرمة التقليدية" و هو وشاح تلبسه النساء في تونس و يحمل رسوم الازهار بالوان زاهية ، كما ان للفولارة التونسية رمزيّة اثناء الاحتفالات بزواج او نجاح او عودة احد الاقارب من الحجّ او بختان اذّ انهّا تعلق في مدخل المنزل او فوقه كدلالة على الفرحة و الابتهاج تحول على اثر الحادث الاليم الى رمز احتجاج و اعلاء إعلاءً لصوت المرأة الريفية ، 7 نساء استشهدن في سبيل القوت اليومي يرتدين الفولارة للاحتشام و ستر شعرهنّ كما انها كانت حماية من برد الفجر القاسي خاصة انهن كنّ يمتطين شاحنة مكشوفة لا تحميهن من لسعات البرد ، تلك الصدمة المهولة التي اصابت الشارع التونسي كشفت ان الفولارة التونسية كانت تستعمل كذلك لحفظ وجبات الفطور البسيطة : رغيف خبز مع طماطم و فلفل و زيت .
فلقد اضحت الفولارة لدى التونسيات و التونسيين اليوم كرمز للمراة العاملة في القطاع الفلاحي و المغيبةّ تماما عن البرامج التنموية و المشاريع التسغيلية و حمايتها اجتماعيا .
تأنيث الفقر و اضطهاد عاملات الفلاحة
وبخصوص العمل في القطاع الفلاحي تشتغل 61٪ من النساء كعاملات عرضيات موسميات في حين يشتغل 28٪ منهنّ بصفة قارة. وتوكل للنساء مهمة الجني (78٪) ومقاومة الأعشاب الضارة (69.5٪) والبذور (64.5٪) ومهمة حمل المنتوج (36.2٪) ونقل المحصول (17٪) وتولّي أعمال الحرث (10٪). وتعيش عاملات الفلاحة ضغطا كبيرا في أيام العمل بسبب نشاطها الفلاحي وقيامها بالأشغال المنزلية وتربية اطفالها الامر الذي يدفعها لتخصيص ساعتين فحسب لحاجياتها الفيزيولوجية ولاستغلال القليل من الوقت للزيارات العائلية وأداء الصلوات.
وبالإضافة إلى التمييز على اساس الجنس في العمل الفلاحي تواجه عاملات القطاع الفلاحي في الريف صعوبة في ظروف التنقل فتضظر أغلبهنّ الى التنقل الى العمل عبر شاحنات او بواسطة مجرورات او شاحنات ثقيلة. كما يعمد العديد من سماسرة نقل العاملات بسكب الماء في السيارة كي تضطرّ العاملات للبقاء في وضعية الوقوف في الشاحنة وهو ما يسهل له عملية نقل عدد أكبر منهنّ كما ان بعض اصحاب السيارات لا يتولون استخلاص معاليم تامين الجولان ما يعني تعريض العاملات الى مخاطر حقيقية.
وفق احصائيات وزارة التكوين المهني و التشغيل تعمل قرابة 450 الف امراة في المستغلات الفلاحية الصغرى ، كما تحدد مجلة الشغل العمل بالمؤسسات الفلاحية 2700 ساعة عمل في السنة و تقر بحق العمال في راحة اسبوعية و ساعات اضافية و الحقيقة المرةّ ان هذه المجلةّ كما يقال المثل التونسي "بلّها و اشرب ماءها" على اعتبار انّ هذه المجلة لا تطبقّ و اغلب العاملات يجهلن حقوقهن علاوة على غياب الدولة الكامل عن هذه هذه الشريحة فمثلا تمتد ساعات العمل للكادحات من الخامسة صباحا الى الخامسة مساءا ، كما انهن يعملن طيلة ايام الاسبوع على اعتبار ان العمل الموسمي في الجني او البذر او غيره يتأثر بتوقف العمل كما انهن لا يتقاضين مقابلا للساعات الاضافية كما ان 99 % من نساء الريف يعملن في القطاع الفلاحي لاكثر من 9 ساعات و ليس لهن اي ادوات حماية اثناء استعمالهن للمبيدات الحشرية او بعض الادوية و هو ما يمثل خطرا محدقا بصحتهنّ تفيد دراسة للوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية على المنتجات تم انجازها سنة 2003 حول تأثيرات المبيدات الحشرية على الصحة أن هذه المبيدات تحتوي على مواد فاعلة تستعمل في العديد من القطاعات كالفلاحة و الصحة وغيرها.
وأكدت الدراسة أنه ينجر عن هذه المبيدات واستعمالها غير الواعي وغير المراقب تداعيات خطيرة على صحة الانسان، وعلى التوازن البيولوجي وأيضا على البيئة حيث يتواصل وجود بعض المبيدات الزراعية لفترة طويلة بعد الاستعمال ويتحول من محيط إلى آخر إما بطريقة سلبية كالتبخر والاستنشاق أو بطريقة فاعلة بيولوجية كالغذاء وغيره على غرار مادة " ددت " التي يبقى أثرها لسنوات من منع استعمالها في التربة وفي المواد الزراعية وحتى في جسم الانسان.
ومن بين المخاطر التي تظهر على صحة الانسان وخاصة لدى المستعملين المباشرين للمبيدات مثل الفلاح والعامل الفلاحي والبائع و الصناعي وأيضا لدى المستهلك، حالات التسمم و الإصابات الموضعية وإصابات على مستوى الجهاز التنفسي و التسمم العصبي على مستوى القلب والشرايين والغدد الصماء
في ظلّ تكرّر حوادث الطرقات وتعدّد المخاطر التي تتعرّض لها النّساء الفلاّحات نتيجة ظروف العمل غير اللائقة والماسة بكرامتهن، والتي تصل حد الموت الناتج عن اعتماد وسائل نقل غير محمية، ولا تخضع لأي ضمانات قانونية، والتي يتبع أصحابها المسالك الفلاحية للتهرب من المراقبة. وفي ظل سياسة التشغيل الهش وضرب شروط العمل اللائق الذي ينعكس سلبا على الفلاحات كحلقة أضعف في القطاع الفلاحي غير المهيكل تعالت مطالب المجتمع المدني وحتى الهياكل المعنية كالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الذي عبر عن استيائه من تمادي السلطات المعنية في تجاهل ملف النقل الفلاحي وعدم اكتراثها بما يخلفه من فواجع ومآسي.
لا بدّ الإسراع بسن التشريعات القانونية ووضع الآليات الكفيلة بحماية النساء الريفيات من مخاطر النقل غير الآمن وحفظ حياتهن وتوفير أشكال التغطية الاجتماعية لهن بما يضمن كرامتهن ويكافئ تضحياتهن ومساهمتهن الفعالة في تحقيق أمننا الغذائي ودفع التنمية الاقتصادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا عن الانتهاكات في الحرب في السودان خصوصا بحق النساء؟


.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية




.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك


.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج




.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً