الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-قفة- البؤس وأجمل ملكة جمال في العالم

عذري مازغ

2019 / 5 / 9
كتابات ساخرة



دولة تتصرف كرجل غني يصدق من ماله الخاص، دولة شخص ممسوح عنها كل ما يرمز إلى دولة مؤسسات، دولة تختزل كل هالتها في ميزاج شخص بعينه، شخص يأكل، يشرب، يزني، يغتني ويلبس جلبابا أبيض ليوزع الفطرات في المناسبات الدينية ليبارك له الفقراء عطاءه، جلباب أمازيغي تمسخ، تحول من رمز للبطولات والفروسة والكرامة والعزة بالنفس إلى زي كاهن يلبسه كل منافق... أصبح رمز دولة تتصرف كرجل ينتمي إلى العصور الكهنوتية.. دولة تتصرف مع الفقر كما لو انه لايعنيها بحيث تتحرك بوزاع أجر ديني متوقف على ميزاج شخص فرد متدين لا يشعر بالفعل بالجوع،لا يشعر بما يشعر به الفقراء بالفعل إلا في شهر صيام، أصبح شهر رمضان في المغرب ضرورة على شعب الفقراء ان يبتدعوا أسسا جديدة له، عليهم كلما شعروا بالجوع ان يعلنو في كل مرة صوما جديدا ليشعر بهم الأغنياء وتشعر بهم الدولة كيما تتحرك عواطفها الدينية النبيلة وتمأسس عطاياها الذليلة، على الشعب الفقير أن يعلن الصيام حين تشرف القفة على الإنتهاء لتعرف الدولة المزاجية أن الفقر حالة دائمة وان تفكر في طريقة ما لتوزيع قفة اخرى، على الفقراء أن يكثروا من أشهر رمضان، وان يراقبوا الهلال عبر مدار السنة وعليهم كل مرة أن يعلنوا صوم شهر جديد.. عليهم أن يعلنوا صوما آخر كل مرة شعروا ان الدولة لا تشعر بجوعهم، عليهم فعل ذلك لعل الدولة هذه المرة ستفكر في مأسسة القفة وتصبح شأنا حكوميا
في كل مرة يحضرني أن أصف كيف تتصرف الدول الأخرى في روي جوع فقرائها، في الدول العلمانية التي لا تدين قفتها، بل لديها قفة ممأسسة بالفعل، لكن في كل مرة ألعن في نفسي هذه المقارنات، أصبح عيبا أن تشهر في كل مرة نموذجا للمقارنة لأن القائمين على فاكهة الوقت في المغرب ليس لهم عقل مقارنة بل عقل مزاجي يتحرك بالدين.. لذلك على فقراء المغرب أن يعلنو في كل مرة رمضان جديد، على الشعب الفقير أن يزايد على الأمم الأخرى في الصوم لكي يزايد أغنياؤه في العطاء.
الوجه الآخر لفقر التدبير في "القفة"، وبالإبتعاد عن المقارنة المشؤومة كما أسلفت، هناك غياب للإبداع في سيرورة "القفة" الرمضانية، كم خبيث ان تتساءل حول "القفة" وتوقيتها، وأخبث أكثر أن تتساءل لماذا هي فقط في رمضان؟ ولماذا ذاكرة المغرب الرسمي في الفقر تتم فقط في الشهر المبارك؟ ولن نجادل طبعا أن الشهور الأخرى ليست مباركة وليست أيام الله، بل حاشا لله في الأمر : كل الأيام هي ايام الله، لكن الفقر له أيام صوم هي حين يشعر الأغنياء بعد مضي سنة أن هناك فقراء! يعني عندما يجوع الأغنياء
هل هذه قاعدة للتعريف بالفقر؟ (بالتاكيد ليست، لكن هذا مايراد من خلال سياسة "القفة")
في المغرب يشعر أغنياؤه بجوع الفقراء في رمضان فقط!!!
هنا لا نتكلم عن الدولة التي في التعريف الأكاديمي تحاول أن تكون محايدة، نحن هنا نتكلم عن مسألة مشخصنة جدا بشكل طبقي: نتكلم عن أغنياء وعن فقراء، وبشكل ما غياب الدولة كمؤسسة للعلاقة حيث يصبح الفقر مشكل خاص ويصبح الغني متضامنا بالمزاج، أي حين يشرب جعة، أو ينفح غبرة مخدريستطيع أن يتنازل عن انانيته ويصدق بدون رقيب لدرجة أن زوجته التي هي الدولة في هذه الحالة تخبره أنه بالغ في الإسراف بسبب التخدير (سكرتي بزاف أولليتي كاتصدق بزاف: سكرت كثيرا وأصبحت تصدق أكثر من اللازم، وهو يرد عليها مخمورا: عادي جدا، مرة يجب ان نكون إنسانيون وليس وحوش على طول): هذا هو شهر رمضان! هو تخذير يسرف فيه السكارى كثيرا، رمضان ليس أكثر من جرعة جعة أو حفنة كوكا يعيش فيها الغني تلقائيا ويشعر أنه ليس وحيدا وانه في حاجة إلى من يسمعه، إلى من يقبل هديته او قفته...! (السكر هو الخروج عن حالة الحزم عند الفرنسيين، ورمضان القفة هو حالة طلاق من حزم البخل البورجوازي ).

أصبحت "قفة" رمضان في المغرب تقليدا رائعا لا يقارن، إنها التعبير عن "سرط" (تجرع بالعربية الفصحى) دولة بأكملها وبأعضاء حكومتها المساكين الذين لاحولة لهم ولا قوة برغم طيبتهم الدينية وسحنتهم النفسية التي توحي بالصدقة: حكومة متسولين، الحكومة لا تملك حلا سحريا للفقراء، لكن القائم بأمر الله في الدولة يملك بركة المنح: يملك "قفة"، ثم يملك أيضا كفنا للموتى في حوادث مؤلمة، لكن الشيء المؤلم بكل جد، هو أن هذه "القفة" برغم طيبوبتها الجميلة والرائعة، لم تحظى بحسن التنظيم ، كان على الحكومة المسكينة ان تتفتح في "القفة" على الإستثمار الأجنبي أيضا، كان عليها أن تنظم لها مهرجانا وطنيا ودوليا لإدخال المواد الأجنبية "الصعبة" على مقاس "العملة الصعبة"، كان عليها أن تنظم عروضا مذهلة في التسول وتقيم مباريات في الجمال لاختيار أجمل ملكة جمال متسولة في المغرب، وربما لأننا نحن السباقون في التنظيم، ستكون ملكة جمال كل متسولات العالم، لم تفكر الحكومة "المسكينة" وهي بالفعل مسكينة لأنها لا تتقن الإبداع في أن تستثمر في "القفة" ليكون لها صدى دولي وعالمي: أن تكون "القفة" المغربية "باروك" يشفي من الفقر ويتحول الآمر بالله في المغرب إلى ولي صالح لكل زمان حين يموت، يشفي من الفقر لمجرد زيارته، بهذه الطريقة تكون حكومتنا قد خلقت حجا جديدا يأمه الفقراء والمتسولون من كل حدب للإستشفاء بإحسان "القفة".. يجب أن نكون مبدعين أكثر من الفرنسيين الساحرون باللغة، الفرنسيون الذين يختارون اسما جميلا لجبنة عادية في إفريقيا وتصبح جبنة فرنسية خالصة.
الأغنياء لا يصومون بل يتصدقون في شهر الصيام، يصومون بأداء الفطرة او "القفة"، هذه هي الحقية المطلقة بالنية ولن أدخل في جدل الإيمان الحقيقي والإيمان بالندم أو الإيمان ب"القفة" التي هي وخز ضمير الأغنياء حول محيطهم: وخز ضمير السارق لأرزاق الآخرين!
أصبحت "القفة" واجب مزاجي، سكران يحب الخير وقت سكره، يزيح "كربطته" (مسطلح إسباني يعني ربطة العنق) التي تميزه ليتساوى مع القطيع، يزيح تميزه لكي يكون أي شخص: "المال مال الدنيا" لا ينفع في الآخرة، وعليه كل ما يؤطرنا هو فكر ديني مناسباتي وليس فكر إنساني!
لن اتكلم في شهر الصيام على ان أكبر دولة مصدرة للسردين في العالم، سكانها يشترونه بنفس ثمن بيع في أوربا وعلى ان الطماطم في المغرب المصدر لها هي بنفس الثمن في المانيا المستقبل لها ...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
بلبل ( 2019 / 5 / 10 - 19:43 )
يقول المثل بدن ان تلعن الظلام اشعل شمعة فلو سالناك انت مثلا الجالس خلف حاسوبك طالقا العنان لمخيلتك وانت تلعن الدولة ومؤسساتها ما الذي تقدمه للناس من مالك الخاص فطبعا امثالك ليسوا بالفقراء فانت ميسور ولو لحد ما


2 - جميل تعليقك
عذري مازغ ( 2019 / 5 / 12 - 07:07 )
كم سهل على المرأ أن يطلق عنان تخيلاته ويبني عليها احكامه..
انتقد مؤسسة الدولة وليس أفراد وبالتالي تحويل نقاش إلى نقاش شخصي مشكل العقل المغربي في حد ذاته
يمكنني ان اتصور ما أريد حولك وأطلق العنان لأحكامي على شخصك هل سيرضيك الأمر؟؟

اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع