الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاري والدكتورة

ضيا اسكندر

2019 / 5 / 13
كتابات ساخرة


نادرةٌ هي المرّات التي أتطرّق فيها بحواراتي مع المختلفين معي إيديولوجياً إلى موضوع الدين. ونادرةٌ المرّات التي أُستَدرَجُ فيها لساحات الاستفزاز بهذا الصدد. كما أنني أسعى دائماً لعدم استفزاز الآخر. انطلاقاً من قناعتي بأنه ينبغي عليّ احترام عقائد الآخرين ليحترموا بدورهم رأيي وعقيدتي. إلاّ أن لكلّ قاعدةٍ شواذّ كما يقال. وقد يضطرّ المرء أحياناً إلى خرق منظومته القيَميّة ويلجأ إلى الهزل الذي يضمر استفزازاً ظريفاً للآخر، بغية الوصول إلى حالة يمكن تسميتها بـ "تلطيف المزاج".
فالبارحة مثلاً وكنت شديد الضجر. اقترحتْ زوجتي عليّ القيام بواجب زيارة جاري المريض لتغيير أجوائي النفسية وتبديد حالة الضجر التي أتخبّط فيها. فقد تفيدني هذه الزيارة وتعيدني إلى سابق عهدي من ابتسامٍ ومرح حسب رأيها. وختمتْ ديباجتها بالقول: «إن الرسول أوصى بسابع جار، فما بالك وأن جارنا (الباب عَ الباب!)».
وافقتُها على مضض ودخلت بيت جاري متثاقلاً وأنا مسربلٌ بالملل. وبعد تبادل عبارات المجاملة المعتادة سألته مستفسراً عن نتائج التحليل الذي أجراه مؤخراً، فأجاب باطمئنانٍ واعتزاز:
- عال العال بفضل الله سبحانه وتعالى، كل النتائج ولله الحمد والشكر ممتازة.
سألته مجدداً وأنا أداري تبرّمي:
- بالمناسبة، أين أجريتَ التحليل؟
ردّ باحتراس وقد اكتسى وجهه أثر ضئيل من ابتسامة:
- عند مخبر الدكتورة (سمر).
وسرعان ما وَمَضَ في ذهني إلهامٌ سارّ. وشعرتُ بأن الظرف يسمح بالمراوغة والاقتراب تدريجياً من خطّ المرمى لتسجيل الهدف. وحيث أن جاري من المسلمين المعتدلين، قلت له باندفاع وبلهجةٍ تشي بالاحتجاج والمداعبة معاً:
- ولكنها امرأة!
زمَّ شفتيه في استعلاءٍ واستنكار:
- امرأة؟ وماذا يعني ذلك؟
أجبته بمكرٍ وتربّصٍ وتقريع، وفي صوتي رنّة انتصارٍ جليّ:
- يا رجل، كيف تثق بها لوحدها وهي أنثى؟! لماذا لم تطلب شاهداً آخر إلى جانبها للإقرار بصحة التحليل؟!
مسح جبينه بأصابعه كمن يحاول أن يستذكر شيئاً ما، وتطلّع إلى السقف لحظات، وبدا كأنه يرتّب أفكاره، ثم سرعان ما ابتسم بعد أن استشعر سخريتي وهو الذي يعرفني عن كثب، فأضاف مفنّداً:
- إذا كنت تلمّح بنقدك لشهادة المرأة في ديننا الحنيف، فالموضوع يتعلّق بالقضاء وحسب، ولا علاقة له بالطبّ والعلم وخلافه.. وأردف مدمدماً بلهجة مرحة حابساً بسمة مغمّسة بغضبٍ طفيف: «يا إلهي! مو معقول أنت يا زلمة أبداً! أوف منّك.. ولك الله يهديك».
أطلقتُ ضحكة احتفالية ومنحْته ضربة ودّية على كتفه تنمُّ عن مصالحة. وطلبتُ منه أن يوصي لنا على إبريق شاي وأنا أجهش بهمْهماتٍ من النشوى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع