الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوانين الحرب عند مكيافللي : تجريم الهيمنة الدائمة

جنات حرات
(Djennat Harrat)

2019 / 5 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


خط رفيع يجعلنا ننصف في قراءة مكيافللي ونميز بين ما يكتبه وما يقصده
أولا يقول عن تجارب الحروب " يجب تجريم كل من يجمع ما يكفيه في وقت الحرب لدعم نفسه للأبد عن طريق السرقة والقتل والكثير من العنف تجاه اضدقائه فضلا عن اعدائه" (1)
ثانيا وعن اهمية الجيش للحفاظ على النظام والقوانين يقول: " افضل القوانين والطقوس في العالم سوف يتم احتقارها وتدهس تحت الاقدام اذا لم تحظ بالدعم من القوة العسكرية كما ينبغي لها ان تكون"(2)
ثالثا كما دعا مكيافللي الحاكم لإستخدام كل الوسائل الضرورية من اجل الحفاظ على الدولة. وتشمل هذه الوسائل القسوة والخداع والقوة.(3 )

فعندما يقول ميكافيلي بالقول الاول ( يجرم من يخادع) ويقول في المقابل في القول الثالث( يحق للدولة ان تخادع )
فهنا يبدو انه تناقض صريح وذهب عديد الباحثين بالفهم الى ان ميكافيلي شرير، فهل هو كذلك ام له قصد محدد مما قاله، فإن كان فما الذي يقصده الفيلسوف الايطالي ؟
اذا عدنا للبراديغم الذي يفكر به الفيلسوف اولا سنجد انه ذو عقلية لها معرفة تقليدية بالنسبة للقوانين الحربية والاسلحة مقارنة بما لدينا اليوم، فعصر ميكافيلي السلاح هو السيف، اما اليوم السلاح هو بيولوجي ونوويي، كما نجد انه يمجد الخير والحق والاخلاق عما سواها لذلك يجيب الميل في فهم كلامه لتلك الجهة لا الاخرى
فعندما قال يجرم المخادع في الحرب اضاف تفصيلا دقيق اذ قال عنه المخادع الذي يجرم هو ( الذي يسعى للبقاء للأبد ) ... اما في الجانبوالذي يبدو انه المناقض والذي يقول فيه ان الدولة يحق لها ان تخادع
فهنا في القوانين العسكرية التقليدية وفي الحروب البسيطة التي يكون بها السلاح السيف فالخداع والقسوة والقوة لا تتعدى رفع السيف في وجه الخصم او بعض الاستراتيجيات التي ترهق الخصم جسديا او نفسيا، فهذا ما يقصده غالبا اذا وضعنا في الحسبان الخلفية الفكرية للفيلسوف.
واذا تجاهلنا ذلك ايضا نستطيع ان ننصف الفيلسوف ، فعندما قال بان الدول يحق لها الخداع واستخدام القوة فهنا من المؤكد انه يتكلم عن دولة في حالة ضعف، او في حالة سعي لكسب أمنها واستقرارها، فهنا يحق لها الخداع ويحق لها استخدام القوة والقسوة التي لا تظهر على انها قسوة في وجه قوة عاتية .
لكن ان تكلمنا عن قوة مهيمنة مثل الولايات المتحدة اليوم
فلا يحق لها الاستدلال بمقولة مكيافللي الثانية ( وتستخدم الخداع ) فهي لديها الاستقرار واكثر من ذلك الهيمنة لان خداعها في هذه الحالة يكسر المقولة الاولى لمكيافللي وهي ( الخداع من اجل البقاء في السلطة للأبد ) وهذا ما يرفضه مكيافللي كقاعدة
ومنه
فإن القاعدة الاولى هي ان تستخدم الدول الخداع في الحالات الطبيعية للسعي الى الاستقرار والفوز في حالة الحرب فقط
والقاعدة الثانية لا يمكن تطبيق القاعدة الاولى من اجل كسب سلطة دائمة او تعزيز سلطة للبقاء عليها للأبد ( وهذا يجرم الهيمنة الامريكية )
((( اي لا يمكن الخداع من اجل الخلود في السلطة )))

_________________________
1- نيقولا مكيافللي: فن الحرب، ترجمة صالح صابر زغلول، دار الكتاب العربي، دمشق القاهرة، 2015، ط1، ص8.
2- نفسه، ص8.
3- نفسه، ص14.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا