الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الديمقراطية العلمانية خيارنا .

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الدولة الديمقراطية العلمانية خيارنا .
جل مشاكل العراق وأزماته وما تعرض أليه ، من 2006 وحتى يومنا هذا هي فلسفة ونهج وفساد الإسلام السياسي الحاكم منذ عقد من السنين ، ولا يمكن أن يستقر العراق أمنيا وسياسيا واجتماعيا ، بوجود هؤلاء على دست الحكم ، هذا أولا وثانيا غياب مؤسسة أمنية وعسكرية وطنية جامعة ، ومهنية مستقلة عن الصراعات السياسية والطائفية والحزبية والمنطقة والعشيرة ، وتدار من قبل أناس مهنيين وطنيين أكفاء ، يتمتعون بالسمعة والسيرة الذاتية الحسنة ، وتناط بهم مسؤولية حماية الوطن والذود عن حياضه ، وتحافظ على أمن الناس وعلى أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم ، وتحمي الدولة ومؤسساتها ودستورها ، وتفرض القانون والنظام في أنحاء العراق ، ووفق صلاحياتها ومهماتها التي كفلها الدستور والقانون ، وحل كل الميليشيات الطائفية ، ومصادرة أسلحتها وممتلكاتها وأعلامها !.. والتي أصبحت تمتلك إمكانات مادية وعسكرية وإعلامية تضاهي إمكانات الدولة وقدراتها ، وهي في تضخم مستمر أفقيا وعموديا .
وتمكنت أحزاب الإسلام السياسي الحاكم ( الائتلاف الشيعي والمتحالفين معه ) والذي يمتلك أكثر من ثلاثين فصيل مسلح !.. تمكن بأن يضفي على هذه الميليشيات الطائفية المسلحة ، وخارج أطار الدولة !.. الشرعية القانونية !.. من خلال تشريع قانون ما أطلقوا عليه اليوم ( الحشد الشعبي ) والتي تعمل تحت خيمته جميع الميليشيات الطائفية والعنصرية العاملة على الساحة العراقية ، وتستلم مرتباتهم من خزينة الدولة ، ناهيك عن هبات ومخصصات مالية ومن دون حسيب ولا رقيب .
الجميع يعلم بأن هذه الفصائل !.. لكل واحدة منها مرجعية وحزب تأتمر بأوامره ولن تكون خاضعة للمؤسسة الأمنية والعسكرية ولن تمتثل حتى للقائد العام للقوات المسلحة !.. كما يسوقون ويدعون كذبا وتظليل .
هذه الميليشيات الطائفية المسلحة ، ارتكبت أبشع الجرائم والمحرمات ما يندى له الجبين ، وعرضت حياة المئات من الناس الى الموت ، والترهيب والاختطاف والتهجير والقمع الطائفي وعلى الهوية !؟ ...
بقاء هذه الميليشيات واستمرارها خارج القانون والدستور ، يعني تهديد للسلم الأهلي ، ويعني التمزق والتفتت ، وتعريض المجتمع الى الكثير من الانقسامات والكراهية والصراع وبأشكال مختلفة !..
هذا النهج العنصري لا يعدو كونه قنابل وألغام موقوتة تم زرعها في مجتمعنا العراقي ، وانعكس سلبا على الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي ، وسيستمر العراق وشعبه يعاني ، جراء وجود هذه المجاميع المسلحة الخارجة عن القانون ، والمخالفة الصريحة للدستور ، لعدم شرعية هذا السلاح المنفلت ، ومن المفترض أن يكون حصرا بمتناول المؤسسة الأمنية والعسكرية فقط دون غيرها ، ولا يجوز امتلاكه خارجها وتحت أي ذريعة كانت .
تحرير المحافظات التي أحتلها الإرهابيون من الدواعش وحلفائهم القتلة ، سوف لن ينهي الأزمة ، ويستتب الأمن ويعيش الناس بأمن وسلام !..
سيشهد العراق أزمات متعددة ومتجددة ، في كل يوم سنشاهد أزمة وفي مجالات متعددة في ( الدولة !) والمجتمع ، وبأشكال مختلفة وطرق مختلفة ، مثل ما شاهدناه خلال السنوات الماضية ومازال الحال على ما هو وربما أكثر سوء !.. نتيجة الصراع على السلطة وعلى المغانم ، وتقاسم الكعكة والمحاصصة ، واستمرار الفساد على أشده وبوتائر متصاعدة كما ونوعا !..
ويستمر النهب والفساد وتهريب أموال العراق الى الخارج وغسيل الأموال ، وليس باستطاعة أحد التصدي للفساد ولحيتان الفساد الناهبين للثروات ، الذين حولوا الدولة الى خُرْدة تباع في أسواق الدول الإقليمية ! ..
إن الفساد والمفسدين وحيتان الفساد ، هم أنفسهم الحكام وزعماء أحزاب الإسلام السياسي !.. فهم ( الحاكم .. والقاضي في الوقت نفسه ، ومثل ما يقول المثل [ حرامي بيت لا يمكنك كشفه ألا بصعوبة بالغة !) .
فمن يجرؤ على التحقيق مع هؤلاء وما هي الوسيلة لمقاضاتهم واسترجاع ما نهبوه ؟ ..
تستمر الطائفية سيدة الموقف ، والفيصل في كل أنشطة الدولة ومؤسساتها ، بسبب الأحزاب الإسلامية الطائفية الحاكمة ، أحزاب طائفية بصبغة مذهبية وعنصرية مقيتة ، ولا يمكنها أن تتخلى عن طائفيتها وثقافتها القائمة على الإلغاء والإقصاء وعدم الإقرار بالتعددية والرأي الأخر ، كون ذلك يعني نهايتهم !..
تستمر عملية الترقيع التي تنتهجها هذه القوى ، من خلال إجراءات غير مدروسة وتفتقر الى التخطيط في بناء الدولة ، وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب والأكفأ والنزيه والوطني الغيور، ناهيك عن الفساد الذي أهلك الدولة وبدد أموالها وثرواتها .
ولم يلمس شعبنا من وعودهم في الإصلاح وإعادة بناء الدولة وتقديم الخدمات وتحسين الوضع المعاشي للناس ، ولم يوفوا بعودهم في الإصلاح ، وجادوا على شعبنا بالكذب والتظليل والخداع !...
وبنهجهم وسياساتهم هذه ، فإنهم يسخرون من الشعب ، ويُسَخِرُونَ كل ما في جعبتهم من وسائل إعلامية ومالية وما نهبوه من المال العام لمصالحهم ، ويحاولون تسخير واستمالة المؤسسة الدينية والمراجع لخدمة مصالحهم الأنانية الضيقة .
وحولوا البعض من رجال الدين وخطباء المساجد والحوزات ودور العبادة الى وعاض سلاطين تخدم مصالحهم ، مستخدمين وسائل الترغيب والترهيب والقمع والتسويف ، لبقائهم جاثمين على رقاب الناس ، وعدم الوفاء بتعهداتهم وما قطعوه على أنفسهم ، والبدء في إعادة بناء الدولة ومؤسساتها ( الكسيحة .. والعرجاء المترهلة ، وأدى الى قتل أحلام الناس وتطلعاتهم في بلد يعيش الأمن والرخاء والعيش الكريم .
حتى نعيد للعراق ألقه وأمنه واستقراره ورخائه ، لا مفر غير الدولة العادلة ( الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية ) دولة المواطنة وقبول الأخر .
هذه الدولة لا يمكن أن ترى النور بغياب المؤسسة الأمنية والعسكرية الوطنية المستقلة والمهنية ويقودها أكفاء مهنيين ، وبعيدة عن الصراع على السلطة وبعيدة عن السياسة وتأثير القوى السياسية في بنائها وفلسفتها العسكرية ، وغياب هذه المؤسسة يعني تغييب للدولة العادلة .
وحتى نؤسس للدولة الديمقراطية ، والتعددية وتحقيق المساواة والعدل بين جميع مكونات شعبنا ، فهذا يقتضي الفصل الكامل للدين عن الدولة وعن السياسة ، وهذا شرط من شروط قيام دولة ديمقراطية بحق .
الدين خيار فردي بين الفرد وخالقه ، وتعميمه وفرضه يعني رفض مطلق للديمقراطية والتعددية والمساواة . وعلى القوى السياسية التي تسعى لبناء وقيام دولة ديمقراطية ، علليها أن توضح للجميع هذه الحقيقة وتأكد بأن غياب هذا الشرط ، يعني تغييب للديمقراطية ولدولة المواطنة والمساواة .
هزيمة الإرهاب والإرهابيين وفكرهم وفلسفتهم ، وتجفيف منابعه وبؤره وحواضنه ، والتصدي لعصابات الجريمة المنظمة والمخدرات وتجارها والمروجين لها والمتعاطين ، باعتبار هذه العصابات هي الحليف القوي والممون الكبير لهذه العصابات ، التي ألحقت أفدح المخاطر والأضرار بشعبنا وفي الاقتصاد الوطني وبالنسيج الاجتماعي وسلامته واستقراره ، هذه العصابات التي تعيث في العراق الفساد ، لا يمكن للدولة والمجتمع أن ينهض بهذا الإرث الثقيل ، ويضع الحلول الناجعة والسليمة ، من دون أن تكون لدينا دولة ديمقراطية عادلة ، دولة مواطنة تساوي بين الجميع ، والقضاء على هذه العصابات وتحقيق الأمن والسلام ودوران عجلة التنمية المستدامة واجتثاث الفساد وحيتان الفساد وتقديم الخدمات ، هذا كله وغيره ، يمكن تحقيقه من خلال الدولة الديمقراطية العلمانية ، وكل شيء دون ذلك ، سنبقى نراوح في نفق مظلم ونتراجع عقود ، ونعرض العراق للأزمات الواحدة تلو الأخرى .
الحراك الجماهيري والنضال الطبقي ، ورفع وعي الناس ودفعهم للمشاركة الفاعلة في الضغط على النظام الحاكم هو إحدى المعاول الأساس للتصدي للفاسدين والطائفيين وللمحاصصة والعنصرية وللظلام والتخلف .
مغادرة نهج وثقافة وفلسفة الدولة الدينية ، والتي هي نقيض الدولة الديمقراطية ونقيض التعددية والرأي الأخر ، هذه الثقافة والفلسفة للدولة الدينية التي فرضتها قوى الإسلام السياسي خلال عقد ونصف ، هذه الثقافة هي من ألحق كل هذا الموت والدمار والخراب في العراق ، ولن يتوقف هذا الموت والخراب والدمار والتشريد والمعاناة والفقر والبؤس أبدا ، إلا بمغادرة نهج الدولة الدينية وعدم اقحام المؤسسة الدينية في بناء الدولة وفرض رؤيتهم الظلامية المعادية للديمقراطية وللحقوق والحريات وللمرأة ومساواتها مع أخيها الرجل .
وأقصر الطرق التي تخلص العراق وشعبه من هذا الكابوس المرعب ، هو طريق الدولة الديمقراطية العلمانية .. دولة المواطنة .. الدولة العادلة ، دولة الحق والمساواة .
صادق محمد عبد الكريم الدبش .
19/ 5/ 2016 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي