الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استراتيجية الهدم ونموذج التنمية بالمغرب …الحصيلة الراهنة 2019

عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)

2019 / 6 / 9
الادارة و الاقتصاد


لكل زمن تحدياته وإكراهاته، لكن هذا لا يمنع من فهم وتحديد التوجهات الكبرى للمستقبل؛ لسبب بسيط أن المستقبل هو نتاج -بشكل كبير- للحاضر. فالجيل الحاضر يحدد مصير الأجيال المستقبلية، إما أن تعيش الرفاه الفردي والجماعي، أو تعيش الشقاء والتقشف الاقتصادي والاستبعاد الاجتماعي.
ضمن التقرير الذي أصدره البنك الدولي (2017) تحت عنوان: "المغرب في أفق 2040: الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي" نجد أن المغرب لا يستثمر في أهم رأسمال له، والذي يتجه في المستقبل القريب نحو النقصان، إنه الشباب. لم يستطع أن يحقق إدماجا حقيقيا لهم مما سيكون عليه تحمل أعبائهم الاجتماعية في المستقبل (في سن الشيخوخة) كحتمية طبيعية لمنحى الحياة عند الفرد. هذا التطور التنازلي لمعدل الشباب في الهرم الديموغرافي توقعته أيضا المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها (2016) تحت عنوان "مستقبلية مغرب 2030: أية ديمغرافية؟".
من المعلوم أن وضع الاستراتيجيات الماكروالاقتصادية للنهوض بالأوضاع المادية واللامادية للمواطن(ة) وتحقيق رفاهه(ها) الاجتماعي والاقتصادي، يقتضي من الحكومة المغربية دراسة هذه التقارير وغيرها من التقارير وصياغتها على شكل برامج فعالة وواقعية بعيدة عن منطق الانتخابي أو الظرفي أو التدبير الإجرائي اليومي أو رد الفعل مع اعتماد مصالح الفرد والجماعة ضمن الأولويات ويتم معالجتها بكل غيرة وطنية.
الواقع المعاش في هامش وقرى وجبال وحواضر المغرب يبين بالملموس أن المغرب يُفَوت الفرص الحقيقية للتنمية، والتي سيصعب عليه تداركها مستقبلا خاصة مع وثيرة النمو ومعدل الدين المقلق المسجل طيلة سبع أو ثمان سنوات الأخيرة من التحكم الحكومي لحزب الأغلبية. كأننا أمام استراتيجية تهدف إلى إغراق البلد في فقاعة ديون لن يخرج منها إلا بمزيد من التهميش لمناطقه وإهدار الطاقات الشابة التي تعتبر عماد كل نموذج تنموي، وتخطيط ممنهج لتحطيم كل الاستراتيجيات الأفقية الأساسية والداعمة لكل القطاعات الأخرى، مثال التعليم والصحة.
بدل تسخير كل المجهودات واستغلال الزمن الاقتصادي والسلم الاجتماعي في جعل قضايا الاجتماعية قضايا وطنية يلتف حولها الجميع من أجل بناء مغرب متعدد وديموقراطي، مغرب قوي اقتصاديا ومتضامن اجتماعيا، مغرب يستطيع الوفاء بالتزاماته الداخلية والقارية والدولية؛ نجد أنفسنا أمام استراتيجية تهدف إلى محاولة هدم كل التراكمات الإيجابية التي حققها المغرب حتى الأن.
التحولات الاجتماعية العميقة التي يشهدها العالم، يتطلب تكثيف الجهود ليعيش المغرب زمنه الحالي بهدوء وثقة سياسية وسلم اجتماعي، ويستشرف المستقبل وفق التوجه العام الذي رسمه في دستور 2011، لا أن يتم جرُّه إلى الوراء في محاولة لتحطيم كل أمانيه، فقط ليستجيب "هو" لأجندات غريبة عن تربته وثقافته.
عكس ما كان متوقعا وضربا لكل الأماني التي علقها الشباب المغربي إبان الثورة التونسية، نجد أن هناك استراتيجية مسطرة -وهي في عمقها متناقضة مع جوانب عديدة لما يطمح إليه المغرب- تهدف أساسا إلى ضرب القدرة الشرائية للمواطن(ة) وكذا إلى وَقْف الحركية المجتمعية الطموحة والمشروعة للفئة المتوسطة (التي تعتبر صمام أمان سياسي واجتماعي واقتصادي وتساهم في خلق الثورة الثقافية لأي بلد) ودفعها إلى الانحدار المجتمعي والتفقير الممنهج. إنها استراتيجية تجر المغرب إلى سنوات عجاف، يعمق خلالها هوة التطور بينه وبين مجموعة من الدول التي تعيش حاليا نفس وضعه أو أسوء منه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي