الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المناضلون الأوفياء لا يؤبنون
محمد الحنفي
2006 / 5 / 6الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
إلــــــــى:
روح فقيد حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، و فقيد الطبقة العاملة المغربية،، و الحركة الحقوقية، الرفيق مصطفى أكحيري.
رفيقة دربه في الحياة، و المناضلة الطليعية، الرفيقة سعاد الادريسي.
أيمن أكحيري الذي نواسيه في فقدان جسد والده.
نسمة أكحيري التي نشاطرها ألم الفقدان.
كل زوجات و أبناء المناضلين الأوفياء الذين فقدناهم في عز الحاجة إليهم.
من أجل أن نعتبر القيد مصطفى اكحيري حيا فينا.
محمد الحنفي
1) لقد فقدنا الرفيق مصطفى أكحيري، و بفقداننا له نكون قد فقدنا جبلا شامخا، و صرحا نضاليا عظيما. و بقطع النظر عن زمن، و مكان فقدانه، فإن الرفيق مصطفى أكحيري سيعش فينا، و في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، و في الفكر الاشتراكي العلمي، و في ضمير الشعب المغربي، الذي قضى حياته مناضلا من أجل انعتاقه من الظلم، و القهر، و الاستغلال، و الاستبداد، و من أجل تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و في أفق تحقيق الاشتراكية.
2) و إذا كان المفروض أن أكتب كلمة، أو مقالا، أؤبن فيه الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، منذ وفاته مباشرة، فإن شعوري تجاه الرفيق مصطفى أكحيري، يأبى علي ذلك، لأنه يرفض الإقرار بفقدانه، و لاقتناعي شخصيا بحضوره المستمر معي، و في فكري، و في ممارستي الشخصية، و الحزبية، و النضالية، كمناضل طليعي، و كمثقف ثوري، كما وصفه الرفيق أحمد بنجلون، الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لابراز عظمة شخصيته ساعة الدفن.
و قد وصلت، من خلال تفكيري العميق، في فقدان الرفيق مصطفى أكحيري، إلى أن المناضلين الأوفياء لا يؤبنون. لأن التأبين، بالنسبة لي، يعتبر مقدمة لنسيان المناضلين، و أنا أرفض نسيانهم، لأنني لم أشعر يوما ما، بفقدان الرفيق لحسن مبروم، و لم أشعر يوما ما بفقدان أي مناضل عرفته الحركة الاتحادية الأصيلة، و عاش في صفوفها، لأن أرواحهم تبقى فينا، ولأن وجودهم معنا، باستمرار، يعتبر قوة لنا، و حرصا على سلامة الحزب من لانحراف عن الخط النضالي الديمقراطي، و على سلامة الفكر الاشتراكي العلمي من التحريف.
فوجودهم المستمر معنا يكسبنا مناعة ضد كل ذلك. و يجعل أداءنا النضالي في مستوى الأهداف المرحلية، و الإستراتيجية لحزبنا، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يتأكد وجوده، ونضاله باستمرار. كما يتأكد إشعاعه و تجذره في صفوف كادحي الشعب المغربي، و طليعته الطبقة العاملة، رغم الحصار المادي، و الإعلامي، المضروب عليه، و على جميع المستويات.
3) و بالمناسبة، أوجه عظيم التقدير، و الاحترام، إلى الأخت مليكة طيطان، التي كتبت كلمة بمناسبة فقدان الرفيق مصطفى أكجيري، و نشرتها على صفحات موقع الحوار المتمدن. كما أتوجه إليها بعظيم شكري، و تقديري لشخصها، على ما كانت تنتظره مني، و أقول لها: إن حضورها لوداع الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، رفقة الأخت أمينة رفيقة درب الفقيد الرفيق لحسن مبروم، و كتابتها عنه في الحوار المتمدن، هو عنوان الارتباط بالنخبة الوفية، من أبناء الشعب المغربي، و عنوان على النضال المستمر، من أجل انعتاق هذا الشعب، مما يمارس في حقه من أجل تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.
فالأخت مليكة طيطان، بنضالها المستمر، و الحاضرة بقلمها في العديد من المواقع الإليكترونية، و في الصحافة الوطنية، شكلت، و تشكل باستمرار، صرح المرأة الشامخة، و التواقة إلى انعتاق بنات جنسها، و انعتاق الإنسان المغربي، و العاملة على فضح، و تعرية انحراف المتاجرين، بدماء شهداء الحركة الاتحادية الأصيلة، و جميع شهداء الشعب المغربي.
و لذلك لا أستغرب، شخصيا، أن تكون حاضرة في مختلف المحطات النضالية، وفي وداع أجساد المناضلين، و في دعم أسرهم، و هو ما لا يمكن وصفه إلا بالوفاء . و هو ما يعني، بالنسبة لي، استمرار الفقيد لحسن مبروم، و الفقيد مصطفى أكحيري في وفائها. و لذلك فالأخت مليكة طيطان، ستشكل نموذجا يجب استحضاره باستمرار، في ممارستنا النضالية بقطع النظر عن هويتها الحزبية، أو السياسية.
4) و تبعا لما تكونه الأخت مليكة طيطان، المناضلة العضوية، فإنني أرى، و أنا استحضر أيضا روح الفقيد الرفيق لحسن مبروم، و روح الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، أن المناضل الحقيقي، هو مناضل وفي. لأن الوفاء بالنسبة إلي لا يعني إلا ارتباطا عضويا بالطبقة العاملة، و سائر الكادحين، على وجه الكرة الأرضية.
و الارتباط بالطبقة العاملة، و سائر الكادحين، كان هما يوميا للفقيد الرفيق لحسن مبروم، و للفقيد الرفيق مصطفى اكحيري، لأن كليهما وفى، و أفاض الوفاء، و لأن كليهما سيبقى حيا، في صفوف الطبقة العاملة، و سائر الكادحين، و سيبقى حيا في الحركة العمالية المغربية.
و الأخت مليكة طيطان وفية، و ستبقى وفية، كما يدل على ذلك فكرها، و حضورها، في مختلف المحطات التي يتم فيها التعبير عن الوفاء إلى الطبقة العاملة، و سائر الكادحين، و إلى أرواح المناضلين، و إلى أرواح الذين فقدنا حضورهم اليومي معنا، في الممارسة النضالية اليومية.
و انطلاقا من خاصية الوفاء التي تميز المناضل الحقيقي، كما في تصورنا جميعا، فإن حياة المناضل ليست بالضرورة حياة الجسد، لأن حياة الجسد هي محطة يمر منها المناضل الوفي، ليصنع من خلالها، أسس حياته في الطبقة العاملة، و في المناضلين الأوفياء، و في الحركة العمالية، و في كل الجماهير الشعبية الكادحة.
و لذلك فالحضور في جنازة المناضل الوفي من عيار الفقيد الرفيق لحسن مبروم، و الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري ليس إلا استحضارا لعظمة وفاء المناضل، أثناء عملية وداع الجسد، و احتفاء بانتقال حياته إلى مستوى الحضور اللانهائي، في الطبقة العاملة، و في كل الكادحين، و في الحركة العمالية، و في كل المناضلين الأوفياء.
و على هذا الأساس، فأنا لم أتصور قط، أنني فقدت الرفيق لحسن مبروم، و لن أتصور قط أنني فقدت الرفيق مصطفى أكحيري. و كل خطوة نضالية أخطوها، لابد أن يحضر فيها كل من فقدنا أجسادهم من المناضلين الأوفياء.
4) و ما دام المناضل الوفي حيا فينا بروحه، و بتضحياته، و بعطائه اللامتناهي، فإن تأبينه، أو رثاءه، غير وارد، بالنسبة لي شخصيا، ما دام التأبين لا يعني إلا الكلمة الأخيرة، التي تقال في الهالك، قبل صدور حكم النسيان، الذي لا يعني إلا الانشغال باليومي، و الاستغراق فيه، و الابتعاد عن كل ما يذكر بالمناضل الوفي، حتى لا تعمل تلك الذكريات على استعادة زمن الوفاء.
فهل من حقنا أن نساهم، بتأبيننا للمناضلين الأوفياء، في نسيانهم ؟
إنني شخصيا، أعتقد أن ذلك ليس من حقنا، و ما يمكن أن يقال في حضرة وداع الجسد، هي إعلان عن انتهاء حياة الجسد، و في نفس الوقت، إعلان عن الحضور الأبدي، للمناضل الوفي في الطبقة العاملة، و في سائر الكادحين، و في الحركة العمالية، و في المناضلين الأوفياء. و هذا ما فهمته شخصيا من كلمة الرفيق مبارك المتوكل أثناء وداع جسد الفقيد الرفيق لحسن مبروم، و هو ما فهمته من كلمة الرفيق أحمد بنجلون البليغة، و المعبرة، ساعة وداع جسد الفقيد، الرفيق مصطفى أكحيري. الأمر الذي يؤكد، و بقوة الواقع، أن المناضلين الأوفياء لا يؤبنون، بقدر ما يتم التعبير، و بحرارة، و حرقة، عن لحظة وداع الجسد، الذي يختفي، و إلى الأبد، و عن بداية الحياة المتخللة لأنسجة المجتمع، من خلال المستهدفين بنضال الأوفياء، الذين نفقد أجسادهم.
5) فماذا يعني نسيان المناضلين بالنسبة إلينا؟
إن النسيان معناه فقدان الصلة، مع الأفراد، و مع أفكارهم، و مع كل ما يمكن أن يجعل الذاكرة تستعيدهم، و تستحضر صورهم، و أفكارهم ،و ممارساتهم. و نسيان من هذا النوع، هو الذي سماه غاستون باشلار بالقطيعة الإبستمولوجية، و هي قطيعة لا تحدث إلا في الخيال، و كأن الإنسان ليس استمرارا لما سبقه، و ليس تأسيسا لمن يأتي بعده، و قطيعة من هذا النوع غير ممكنة، و غير علمية في نفس الوقت.
و انطلاقا من مفهوم القطيعة الباشلارية، الذي تلقفه منظرو البورجوازية الصغرى، و عملوا على الترويج له، من مختلف مواقعهم المعرفية، و بواسطة الوسائل الإعلامية المختلفة. فإن نسيان المناضلين بالنسبة إلينا لا يعني إلا :
أ- القطع مع الجسد بتأبينه، و الدخول في عملية النسيان الممنهجة، بالانشغال باليومي الممل، و بالاستغراق في المشاغل الفردية، و الذاتية، و العمل على تجاوزها بمختلف الوسائل، مهما كانت دنيئة، و منحطة.
ب- التخلي عن الأفكار، التي عمل المناضلون الأوفياء على سيادتها، و أجرأة ممارستها، و اعتماد أفكار نقيضة لا علاقة لها بهم، مما يدخل أولئك المناضلين الأوفياء في ذمة التاريخ.
ج- التخلي عن الحركة التي عملوا على بنائها، أو العمل على تحريفها، كممارسة تهدف إلى إعلان التنكر، لأولئك المناضلين الأوفياء، و إعلان الولاء المطلق للطبقة الحاكمة، التي لم تعد تعاني من وجود حركة مناهضة لإيديولوجيتها، ولخطتها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية.
د- التخلي عن الطبقة العاملة، و حلفائها، من الأجراء، و سائر الكادحين، و الانحياز اللامشروط للطبقة الحاكمة، سعيا إلى تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى.
و مادام رفاق، و رفيقات الفقيد الرفيق مبروم لحسن، و الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، لا يدخلون في عملية النسيان الممنهج ، و لا يتخلون عن الأفكار التي عملا على سيادتها، و أجرأتها، على مستوى الممارسة اليومية للطبقة العاملة، و حلفائها، و ما داموا لم يتخلوا عن الحركة العمالية، التي ساهما في بنائها إيديولوجيا، و تنظيميا، و سياسيا، و ماداموا لم يتخلوا عن الطبقة العاملة، و حلفائها، فإن نسيان الفقيدين الرفيقين لحسن مبروم، و مصطفى أكحيري يكون من باب المستحيلات. و هذا ما تؤكده كل الوقائع، و الأحداث في مختلف المحطات النضالية، لأن كلا منهما موجود في فكر، و في ممارسة كل مناضل مرتبط عضويا بالطبقة العاملة، و بالجماهير الشعبية الكادحة.
و لذلك فالمناضلون الأوفياء لا يعرفون نسيان رفاقهم، و لا يخونون نهج الحركة العمالية، و لا يتنكرون للطبقة العاملة، و حلفائها، لأن كل ذلك لا يعني إلا موت الضمير فيهم، و المناضلون الأوفياء، لا يموت ضميرهم، لأن ذلك الضمير، هو البوصلة الموجهة لفكر، و ممارسة المناضل الوفي.
6) و الخلاصة التي وصلنا إليها، تقودنا إلى طرح السؤال :
ألا يعتبر التخلي عن الأفكار التي ناضل من أجلها الفقيد لحسن مبروم، و الرفيق مصطفى أكحيري، و غيرهما، ممن فقدنا أجسادهم، قتلا لهم، حتى و إن كانوا على قيد الحياة ؟
إن قتل المناضلين، و اغتيال أجسادهم، يعتبر عملا عظيما، و كارثة كبرى، لأن أجساد المناضلين لا تعوض، نظرا للدور الحركي الذي يلعبونه في حياتهم، و للتأثير المباشر لهم في الحركة العمالية التي ينتمون إليها، و في الحركة النقابية، و في الحركة الجماهيرية، و في كل مجالات الحياة، إلا أن التنكر لفكرهم، و محاربته من أجل إقصائه داخل الحركة، و من المجتمع، يعتبر قتلا آخر أعظم، و أكثر كارثية. لأنه يقف سدا منيعا، يحول دون مرور ذلك الفكر إلى مجمل الممارسة الجماهيرية، على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.
و قتل هذه طبيعته، و هذا هدفه، يغيب المناضلين الأوفياء من ضمير الجماهير الشعبية الكادحة، و من فكرها، و ممارستها حتى يتم نسيانهم فعلا، وبصفة نهائية. و عمل كهذا لا يمكن تصنيفه إلا في خانة الخيانة العظمى، التي تسحق كل ما يعترض طريقها، خدمة لمصالحها، و لمصالح أسيادها، الذين يستبدون بمصير الشعب المغربي، و يحرمونه من التمتع بحقوقه الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، بل و يحكمون عليه بالانفصال عن جذوره التاريخية، و يمنعون عنه امتلاك وعيه الحقيقي في مستوياته المختلفة.
و لذلك، نرى، من الضروري، ضرورة التصدي لكل أشكال التحريف الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، التي تطال الطبقة العاملة، و سائر الكادحين في الممارسة النقابية، و الجماهيرية، و السياسية، حتى نحول دون قتل فكر المناضلين الأوفيا،ء نظرا لما قدموه من تضحيات، و نظرا لحاجة الجماهير الشعبية إلى ذلك الفكر، و حرصا على استمرار حياة المناضلين الأوفياء، الذين فقدنا أجسادهم، حتى يلعب ذلك الفكر دوره في قيام حركة عمالية رائدة، و حركة جماهيرية متقدمة، و متطورة ،من أجل تغيير الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، بما يخدم مصلحة الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، و في أفق تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.
7) و الحرص على استمرار فكر المناضلين الأوفياء، هو الضمانة الكبرى، لاستمرار فكر الشهيد عمر بنجلون فينا، مما جعله يلعب دورا رائدا، في قيام حركة عمالية رائدة، و متجذرة في صفوف الطبقة العاملة المغربية، و في صفوف الكادحين، و على مدى عقود بكاملها، و أنتج لنا أجيالا من خيرة المناضلين الذين احتضنوا ذلك الفكر، و عملوا على تطويره، و تفعيله في نفس الوقت ،حتى يستمر في التجذر، و في التفعيل إلى أن يتحقق المجتمع الاشتراكي، و يتبين، ما يجب عمله للمحافظة عليه، باعتباره هو الأصلح لتحقيق آمال، و تطلعات سائر الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، في الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.
و لو لم يوجد من يعمل على استمرار الفكر الاشتراكي العلمي، باعتباره فكرا للشهيد عمر بنجلون، لطوى النسيان عمر بنجلون، و لوجد عمر بنجلون نفسه، كفكر مغتالا من جديد، كما تم اغتياله على يد الإرهابيين الظلاميين في 18 دجنبر سنة 1975 رغم المحاولات الكثيرة، و المتعددة التي تهدف إلى إقبار فكر الشهيد عمر بنجلون، من خلال اعتباره شهيد صحافة الحزب، و من خلال ممارسة إقصاء الفكر الاشتراكي العلمي، من صفوف المنتمين إلى الحركة الاتحادية، و الالتفاف على العمل النقابي الصحيح، و تحريفه، ليصير بيروقراطيا، أو تابعا لحزب معين، أو حزبيا، أو مناسبة للإعداد، و الاستعداد لتأسيس حزب معين، أو للسيطرة على أجهزة ذلك الحزب، و من خلال الارتماء في أحضان الطبقة الحاكمة، و دون حياء يذكر، و دون إعطاء الاعتبار لممارسة الطبقة الحاكمة في حق الجماهير الشعبية الكادحة، و طليعتها الطبقة العاملة، و دون استحضار لقيامها بتزوير إرادة تلك الجماهير الشعبية في مختلف محطات التزوير.
و رغم ذلك سيستمر المناضلون، الأوفياء، في العمل على استمرار فكر الشهيد عمر بنجلون، على درب الفقيد الرفيق لحسن مبروم، و على درب الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، و غيرهما ممن فقدناهم، ممن تربوا على فكر الشهيد عمر بتجلون، وتشبعوا به، وعملوا على استمراره، حتى يزداد فعلا، و عطاء، و حتى يبرز في الأفق، من يحقق الأهداف الكبرى لذلك الفكر.
8) و من هذا المنطلق سيبقى الفقيد الرفيق مبروم لحسن كفكر، و كممارسة، حيا فينا، و ستبقى ذكراه ماثلة أمام أعين المناضلين، من خلال مساهماته، في بناء الحركة الاتحادية الأصيلة، و من خلال مساهماته التنظيمية في بناء الحركة العمالية، انطلاقا من مراكش، فابن جرير، فاخريبكة، فمراكش. و من خلال مساهمته في تأسيس الك.د.ش، التي وفى للنضال في إطاراتها، فبخسته حقه، مع العلم أن محاكمته في 1981 و توقيفه عن العمل لسنوات عديدة قبل التحاقه من جديد بالعمل، و شروعه في المعاناة من الحصار الذي ضرب عليه في إطار الك.د.ش من قبل من لا يخطط إلا لتحقيق تطلعاته الطبقية، كان كل ذلك بسبب إضراب 20 يونيو1981.
إن الفقيد لحسن مبروم اقتنع بالنضال في صفوف الطبقة العاملة، و حلفائها، و أخلص في ذلك النضال، و ساهم في بناء الك.د.ش، و أخلص في عملية البناء، و حارب كل أشكال التحريف، و أخلص في حزبه، و ساهم في بناء الحركة العمالية، و أخلص في ذلك، و تحمل التوقيف، و معه الجوع، و الفقر، و المرض، و لم يبدل تبديلا، سنده في كل ذلك اقتناعه بالاشتراكية العلمية، كنظرية، و كممارسة، و حلمه بتحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، في أفق تحقيق الاشتراكية، و بقي وفيا إلى أن وافاه الأجل الذي خذ منا الرفيق لحسن مبروم كجسد، و لكنه لم ينتزعه منا كفكر و كممارسة.
فهل ينجب الشعب المغربي أمثال الفقيد الرفيق لحسن مبروم المناضل الوفي لما اقنع به ؟
إن الشعب المغربي الذي انجب عظماء التاريخ النضالي، و أفرز حركة اتحادية أصيلة، و حركة عمالية رائدة، لابد أن ينجب المئات، بل الآلاف، من أمثال الفقيد الرفيق لحسن مبروم، و علينا نحن فقط - كأبناء لهذا الشعب، أن نعمل على إنضاج الشروط المؤدية إلى ذلك. و هي شروط يغلب فيها الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية، و بحلفائها، و سائر الكادحين، و قيادتهم من أجل العمل على تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و حينها سيكون كل مناضل هو الفقيد مبروم لحسن.
9) و نفس الشيء نقوله بالنسبة للفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، الذي كان كما عرفناه، عندما كان طالبا، متشربا للفكر الاشتراكي العلمي، و بقي كما عرفناه، و هو يمارس مهنة المحاماة، واضعا نفسه، و مهنته، و ما يملك، في خدمة الطبقة العاملة، و من أجلها، تجسيدا لاقتناعه بفكر الطبقة العاملة، و بأيديولوجيتها، و عاملا على جعل الوعي الطبقي الحقيقي للطبقة العاملة في متناولها، و في ملكها، توظفه كسلاح لتحقيق وحدتها، و في نضالها من أجل تحسين أوضاعها المادية، و المعنوية. و العمل على جعل وسائل الإنتاج في ملك المجتمع، حتى يكون ذلك طريقا للتوزيع العادل للثورة، بين أبناء الشعب المغربي.
و الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، عندما اقتنع بفكر الطبقة العاملة، و بأيديولوجيتها، لم يكن يعبث، أو يمارس الهواية، أو الادعاء، كما يفعل العديد من المدعين، ممن يغيرون مواقعهم بين عشية، و ضحاها، من يعملون، باستمرار، على تحقيق تطلعاتهم الطبقية، بل كان بذلك يعبر عن انحيازه، و بإخلاص، إلى الطبقة العاملة، و يمارس الانتحار الطبقي، و يتخلى، و بصفة نهائية عن التطلعات الطبقية، سنده في ذلك المناضلة الطليعية، التي نقدرها تقديرا عظيما، الرفيقة سعاد الإدريسي، التي عاشت حاملة لآمال و طموحات انعتاق المرأة المغربية، و لآمال، و انعتاق الطبقة العاملة، و سائر الكادحات، و الكادحين. و هي لحد الآن لازالت حاملة لنفس الآمال، و الطموحات، رغم الفقدان الجسدي، للرفيق مصطفى أكحيري، رفيق حياتها، الذي كان همه رصد مشاكل معاناة الطبقة العاملة، و الوقوف إلى جانبها، و دعم الموقوفين، و المطرودين، و مؤازرة المعتقلات و المعتقلين لأسباب نقابية، أو جمعوية، أو سياسية، منطلقا، في ذلك، مما هو مدون في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إلى أن فقدنا جسده، الذي لم يمنع المناضلين الأوفياء، من اعتباره حيا فيهم، بمنهجه، و بانحيازه إلى الطبقة العاملة، و بتضحياته، و بطموحاته العظيمة تجاه الكادحات، و الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة المغربية. و سيبقى حاضرا إلى أن تتحقق آمال و طموحات الشعب المغربي في تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و قيام الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة الحق، و القانون.
10) و استحضارنا المستمر، و الأبدي، لأرواح الرفاق الذين فقدنا أجسادهم، من أمثال الرفيق لحسن مبروم، و الرفيق مصطفى أكحيري، إن كان يدل على شيء، فإنما يدل على أنهم أحياء فينا، و الأحياء لا يؤبنون، لأنهم يستمرون في النضال، من خلال الممارسة النضالية المجملة، و المفصلة، و من خلال الحركة النقابية، و الحركة العمالية، و من خلال حزب الطبقة العاملة المغربية : حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي قام، و استمر، على سيل عارم من دماء الشهداء الأبطال، منذ محمد بن عبد الكريم الخطابي، إلى عمر بنجلون، و محمد كرينة، و القائمة ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، مما يجعله بحق استمرارا لحركة التحرير الشعبية، التي كان الفقيد لحسن مبروم و الفقيد الرفيق مصطفى أكحيري، من أهم المساهمين في استمرارها، و سيبقى منهجهما، و فكرهما، و تضحياتهما، مثالا لمناضلي هذه الحركة، إلى أن تتحقق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و إلى أن يتم القضاء، و بصفة نهائية، على أسس الاستغلال على المستوى الوطني، و القومي، و العالمي.
و هذا الاقتداء بالمنهج العلمي، و النضالي، للرفاق الذين تفقدهم الحركة العمالية، و حركة التحرير الشعبية، التي يجسد حزب الطليعة استمرارها، هو أعظم دليل على أن المناضلين الأوفياء، لا يتم نسيانهم. و لذلك فهم لا يؤبنون، حتى لا يصير التأبين مقدمة للنسيان، الذي لا يعني، في العمق، إلا الانحراف عن نهجهم، و خيانة للطبقة العاملة، و حلفائها، و الارتماء في أحضان الطبقة الحاكمة، سعيا إلى تحقيق بعض التطلعات الطبقية.
11) و خلاصة القول : إن الأخت مليكة طيطان التي قدمت الكثير من التضحيات، تجد نفسها، باستمرار، في عمق المعركة من أجل الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و مرتبطة بالمناضلين الأوفياء، و لها الفضل الكبير، في إنجاز هذه المقالة التي أريدها انطلاقا في اعتماد منهج المناضلين الأوفياء، واستحضارا مستمرا لهم، و حفزا للمناضلين على اعتماد ذلك المنهج، من أجل إذكاء الصراع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، في أفق تحقيق الأهداف الكبرى، لجميع المناضلين الذين فقدناهم، سواء في ذلك الذين استشهدوا، أو الذين ماتوا موتة عادية.
و نحن عندما نختم هذه المقالة نؤكد على الشكر، و التقدير، و الاحترام للأخت مليكة طيطان، التي تستحضر في كتابتها أرواح من فقدناهم من المناضلين الأوفياء، استحضارا لارواحهم و لنضالهم، لا تأبينا لهم، و لكن لتذكير القراء بما قدموه ،من أجل جعلهم مثالا للاقتداء.
و قد أتينا في هذه المعالجة على أن المناضل الحقيقي هو بالضرورة مناضل وفي، و أن حياة المناضل، كذلك، ليست بالضرورة حياة الجسد، و أن اعتماد التأبين يعتبر مقدمة للنسيان، و محاولين الإجابة على الأسئلة : هل من حقنا أن نساهم بالتأبين في نسيان المناضلين ؟ و ماذا يعني نسيان المناضلين الأوفياء ؟ و هل يعتبر التخلي عن الأفكار التي ناضلوا من أجلها قتلا لهم؟ حتى و إن كانوا أحياء جسديا ؟ و ألا يعتبر الشهيد عمر بنجلون حيا فينا ؟ و ألا يعتبر الفقيد الرفيق لحسن مبروم حيا فينا ؟ و ألا يعتبر الفقيد الرفيق مصطفى اكجيري حيا فينا و في الأجيال التي تأتي من بعدنا ؟ أليست حياتهم فينا دليلا على أنهم لا يؤبنون ؟
فهل بعد هذا نلجأ إلى تأبين المناضلين ؟
و بتناولنا لفقرات هذه المعالجة، و محاولتنا الإجابة على الأسئلة الواردة في السياق، نكون قد أعلنا عن الوفاء اللامحدود، و اللامشروط، لأرواح المناضلين، و لأرواح الشهداء، الذين فقدناهم في عز حاجة الشعب المغربي إليهم، و إلى أمثالهم. و اعتبرنا أن فقدان أجسادهم ليس فقدانا لهم، و أن نهجهم سيستمر في مسلكية المناضلين الأوفياء، في كل ربوع هذا الوطن.
فلتدم فينا أيها الرفيق العزيز مصطفى أكحيري حتى تكون أنت في حلنا و ترحالنا، في التزامنا بالنضال على نهج مناضلي حركة التحرير الشعبية، و الحركة الاتحادية
الأصيلة، و حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.
ابن جرير في 30/04/2006
محمد الحنفي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مطيع البطين: المحتجون في ساحة الأمويين بدمشق يرفضون -الحرية
.. Diffusion en direct de الشرارة
.. وزارة الدفاع التركية: أولويتنا القضاء على حزب العمال الكردست
.. لقاء قدري جميل مع تلفزيون سوريا
.. مشروع نظام الموارد البشرية و أخطاره الاجتماعية- أ . فهمي الك