الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هموم مغترب ليبي !

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2019 / 6 / 16
التربية والتعليم والبحث العلمي


((غربة الأباء والأمهات بين غربة الزمان وغربة المكان!))
**************************
لا شك أن الأباء الذين من جيلي وفي نفس سني يشعرون - بسبب اختلاف ثقافة الأجيال وبسبب هذه الطفرة في ثورة الاتصالات والمعلومات - أنهم يعانون من فجوة ثقافية وحضارية بينهم وبين ابنائهم وبناتهم!، مهما حاولوا أن يسدوها بالتقرب من أبنائهم ستظل باقية!، ربما هذا أمر طبيعي، فأولادنا مخلقون لزمان غير زماننا!، أي كما قال أحد الحكماء: ((لا تُكرهوا أولادكم على عاداتكم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم))(*)!، فهذا الشعور العميق المتبادل بين الابناء والأباء بأنهم من زمانين مختلفين هو شعور طبيعي يكون شديدًا محتدًا في سن المراهقة ثم تقل حدته مع نضوج ابنائنا وتقدمهم في العمر، فهذا الأمر في اعتقادي ظاهرة طبيعية تعتري الأباء والامهات حيال أبنائهم وبناتهم خصوصًا في عصرنا حيث ثورة الاتصالات والمعلومات قفزت بنا وبالعالم قفزات كبيرة سريعة عالية مذهلة فلا نكاد نلتقط انفاسنا على تكنولوجيا عصرية حديثة حتى نجد أنفسنا نلهث وراء أخرى أحدث وأعجب منها بينما أولادنا يلتقطونها بسهولة وسرعة وهياج وابتهاج لأنها جزء من عالمهم وزمانهم، سريع القفزات!، نحن الأباء من أبناء جيلي ومن قبلي نعيش اليوم في زمان أولادنا ولهذا نشعر بهذه الغربة الزمانية!، فزماننا وعصرنا اختفى وخلفنا خلفه هنا غرباء في زمن آخر هو زمن أولادنا!، بل إننا نحن المغتربين في ديار الغرب مع غربتنا الزمانية هذه التي ذكرتها نعيش غربة مكانية!، فليس هذا الزمان بزماننا وحسب بل ولا هذا المكان مكاننا أيضًا، بينما أولادنا الذين وُلدوا هنا يرتبطون - بشكل طبيعي - بهذا المكان عاطفيًا فهو مسقط رأسهم ومهد طفولتهم وموطن ذكرياتهم وبيتهم القديم وبيتهم الحالي!، وهذا يُلقي علينا نحن الأباء والأمهات المغتربين همومًا إضافية تزيد عن هموم غربة الأباء والامهات المقيمين في الوطن، فهم وإن كانوا مثلنا يعيشون في زمان غير زمانهم إلا أنهم لا يزالوا يعيشون في مكانهم الطبيعي بخلاف حالنا نحن الأباء في ديار الاغتراب، نعيش في زمان غير زماننا هو زمان أولادنا، ومكان غير مكاننا هو مكان أولادنا!، وأولادنا يصرون أنه مكانهم الطبيعي ونحن نصر على أنهم ليس مكانهم!(**).. وتلك والله معضلة أخرى تواجه المغتربين!، خصوصًا وأنهم يرون بأم أعينهم ما يجري في مكاننا ووطننا الأول من خراب واقتتال جنوني مدمر في مجتمع كله مسلم وبلد غني بالنفط لا يتجاوز عدد سكانه 6 مليون نسمة ومع ذلك فحاله من سيء إلى أسوأ، وأنا أزعم أن لو كانت بلادنا ليبيا مثل الامارات مستقرة هانئة فإن هذا بكل تأكيد سيجعل أبنائنا ينظرون لبلد أبائهم بكل اعتزاز وافتخار وربما أغراهم ذلك الوضع المريح لشد الرحال لذلك الوطن الهانئ المستقر!.
سليم نصر الرقعي
(*) هذه المقولة المأثورة ينسبها البعض لسيدنا علي بن أبي طالب وربما الصحيح أنها من أقوال أحد فلاسفة اليونان والله أعلم!
(**) أنا شخصيًا ولله الحمد تمكنت من خلال التوجيه أن أربط ابني (نصر) بموطنه وموطن أبيه وأجداده وأن أغرس في قلبه الجوانب الايجابية الحاضرة والتي ستكون بعد استقرار الوضع، لهذا هو يعبر لي ولأمه عن تطلعه للعودة للوطن، ووالله كان هذا الارتباط في أوج ثورة فبراير 2011 عنده كبير ولكن حينما فشلت الثورة وانتهت لحروب أهلية وصراعات سياسية شعر بشيء من الاحباط كالذي شعرتُ به!، والله المستعان!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق سليم نصر الرقعي
nasha ( 2019 / 6 / 17 - 03:41 )
تقول: أنهم يعانون من فجوة ثقافية وحضارية بينهم وبين ابنائهم وبناتهم!
سبب الفجوة ليس فقط الفارق الزمني. السبب الرأيسي هو انقلاب في المعطيات في الواقع الذي نعيشه.
المعلم الاول للاولاد قبل سن 3 سنوات هو الوالدين. اما بعد 3 سنوات فالمعلم الرايسي هو بحر الانترنت الواسع الذي يحتوي الاولاد والاباء والامهات جميعا.
لا احد يستطيع مواجهة العقل الجمعي للبشرية بمفرده.
لا تقلق لست وحدك حتى اهل البلد الذي تعيش فيه لديهم نفس الفجوة .
تحياتي


2 - اوضاع مقلوبه
كامل حرب ( 2019 / 6 / 17 - 07:21 )
الغريب ان حال المسلمين فى العالم لايسر عدو ولاحبيب , اننى اتعجب لماذا كتب على المسلم ان يترك بلده من الفقر والجوع والبؤس والاضطهاد والقمع ويركب قارب مطاطى عبر البحر المتوسط لكى يصل الى دول الكفر والرزيله والانحلال , احيانا كثيره يفقد حياته فى البحر ويكون طعام للسمك , لماذا الذل والبؤس والجوع والحرمان والحكام الديكتاتورين الدمويين المجرمين والساديين اللصوص هو السمه الواضحه فى بلاد اسلام البائس , لماذا مثلا لايلبى اله المسلمين دعوات الشيوخ فى المساجد على مرور اكثر من عشر قرون من اجل الرزق الوفير للمسلمين والرخاء والصحه والسعاده والاموال الطائله كما صدعونا كثيرا , انا ارى ان اكبر ناس فقراء معذبين وجوعى ومحرومين واذلاء فى العالم اجمع هم للااسف مسلمين , هذه اكيد معضله


3 - اذا عرف السبب بطل العجب
ابو علي آل ثائر ( 2019 / 6 / 17 - 10:48 )
الاخ الكريم كامل حرب بعد التحية: الحكمة تقول اذا عرف السبب بطل العجب . ما هي الاسباب التي رمتنا في متاهات الزمن؟؟. هي الثقوب السوداء في سماء العروبة والاسلام وهي تعليقتا على الاخ وليد الحلبي تحت الرابط الآتي:

http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?userID=&aid=635683

شكرا لكم


4 - تعليق علي تعليق
محمد البدري ( 2019 / 6 / 17 - 11:59 )
الفاضل استاذ كامل حرب،
الم يقلب العرب اوضاع المنطقة باسلامهم قبل ان يكون هناك انترنت. الانترنت يوسع معارف ومدارك كل جيل جديد أم العرب فقد ضيقوا كل شئ لتصبح اجيالا كثيرة متعاقبة لمئات السنين حبيسة قوم وقبيلة ودين عربي هو الفقر بعينه
إذا كان كاتب المقال مهموم بابنه ناصر ويعتبر ان اصلاحه سهل فلماذا لا تتسع رؤيته ليخرج من نفق الاسلام والعروبة المظلم الذي يهرب منه الشباب الي بحار ليعبروها الي بلاد هم يعتبروها كفرا.
شكرا لكشفك الاوضاع المقلوبة علي المستوي العام

اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ