الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن مشركون أم موحدون؟؟؟؟؟؟

جودت شاكر محمود
()

2019 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البدء وقبل الدخول في موضوعنا الرئيسي لا بد لنا من معرفة معنى مصطلح (مشرك). لأن معرفة مصطلحات البحث الخطوة الأولى في أي بحث علمي. جاء في معجم المصطلحات الفقهية: أشرك يشرك فهو مشرك، ولغة أشرك فلانا في الأمر إذا جعله شريكا فيه، واصطلاحا - هو من جعل لله عز وجل شريكا.
ويشير الشيخ عبد الله اليوسف عند (الحديث عن المشرك بمفهومه العقائدي الواسع، فإن لفظ المشرك هو من جعل لله سبحانه نداً ونظيراً واتخذ له مثلاً وشريكاً، وهذا مفهوم واسع له جوانب مختلفة وأبعاد متعددة).
أذن المشرك هو من يعتقد بتعدد الآلهة، أي هو من يؤمن بوجود عدة آلهة تحكمُ هذا العالم. وأن لكل إله من هذه الالهة دين خاص به. أذن هل نحن كذاك أم لا؟
كثيراُ ما نردد بعض المصطلحات ونستخدمها بكثرة ونحن واثقون من صدقها، ومدى إيماننا بها، دون أن نوليها أي تدقيق أو فحص لمعانيها ودلالاتها. ومن بين تلك المصطلحات. مصطلحات: أديان وديانات. فنقول: حوار الأديان. او نقول ديانات سماوية.
والامر هذا يقودنا من جانب آخر، إلى أننا في أحاديثنا أو كتاباتنا عند الاشارة للأخوة المسيحين أو اليهود أو الصابئة فإننا نقول: الدين المسيحي أو الدين اليهودي أو الدين الصابئي.... وكتبنا مليئة بهذه المصطلحات وتستخدم من قبل جميع رجال الدين على الرغم من ان القرآن لا يشير إلى وجود رجال دين، وهذا حديث آخر. وهنا أتحدث عن جماعة النبي (محمد)(ص) حصرا فقط أي المؤمنين، ففي كل الآيات التي تتضمن أوامر للقيام بشيء ما أو حين النهي عن القيام بأمر ما، استخدم القرآن كلمة (مُؤْمِنِينَ) أو (مُؤْمِنُونَ) أو (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) حينما يشير إلى اتباع النبي محمد(ص)، في حين يستخدم كلمة مسلمين أو مسلمون للإشارة إلى جميع الأنبياء والرسل وأتباعهم. وهنا يبرز سؤال مهم، وهو: هل حقا هناك عدد من الأديان؟ وهل المسيحية أو اليهودية أو غيرها من المعتقدات يمكن اعتبارها أديان؟ وهنا أشير ثانية وفق النص القرآني.
وللتحقق من ذلك نعود للنص القرآني. وعند العودة للقرآن والتدقيق في نصوص الآيات، لم نجد لكلمة أديان أو ديانات أي وجود ضمن النص القرآني أطلاقا. علما بأنه قد جاء استخدم كلمة (دين) في النص القرآني بصيغة المفرد فقط وليس بصيغة الجمع. ومن الأمثلة على تلك الاستخدامات: (دِينِ اللَّهِ)، (دِينَ الْحَقِّ)، (يَوْمِ الدِّينِ)، (دِينِكُمْ)، (دِينِهِمْ)، (الدين)، (الدِّينُ الْقَيِّمُ)، (الْإِسْلَامَ دِينًا).
حتى في الكتب السماوية الأخرى والتي عند المسيحين أو اليهود لم تأتي هذه الكلمة بصيغة الجمع وانما جاءت بصيغة المفرد أيضا. أذن لماذا لم يستخدم القران صيغة الجمع لكلمة دين؟ وماذا أطلق القرآن على معتقدات وشرائع اليهود والنصارى من تسميات؟
عند فحص النص القرآني تجد أن القرآن لم يطلق على هؤلاء من يهود ومسيحين كلمة دين، وإنما أطلق عليهم كلمة (مَلَّة) وجمعها (مَلَل). فقد جاءت الآية (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) (120- البقرة). حتى حين يتحدث عن الأنبياء السابقين يقول (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ).. ويقول (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) (38- يوسف). حتى حين يتكلم عن الذين لا يؤمنون باللَّهِ يقول (أني تركت ملة قوم لا يؤمنون بِاللَّهِ وهو بالآخرة هم كافرون) (37-- يوسف). وعند العودة إلى الآية (120 البقرة) فأنها ضمنيا تشير إلى أن الرسول محمد(ص) كان على(ملة) لأن الدعوة للإتباع تتم ليس من دين إلى ملة وإنما من ملة إلى ملة.
اذن لماذا استخدم القرآن صيغة المفرد حين ذكر الدين، وأشار إلى ما جاء به الرسل والانبياء بكلمة(ملة).
من نافلة القول إننا حين نستخدم كلمة أديان أو ديانات وكذلك حينما نقول الدين اليهودي او الدين المسيحي او الصابئي، فأننا نشير إلى وجود عدد من الأديان، ولأن ذلك بديهيا يشير إلى وجود عدد من الالهة، بعدد تلك الأديان. لأن كل إله له دين واحد، ومن غير المنطقي أن تأتي عدد من الأديان من إله واحد لكان هذا الإله دجال أو يفتقد للمصداقية. وخاصة حينما ننظر إلى كل ما حوته الكتب السماوية بالرغم من الوحدانية لله، فأن هناك فروقات كبيرة بينها. لذلك كأن القرآن يشير إلى أن هنالك دين واحد وهو الإسلام، جاء من إله واحد، وأن هناك عدد من الرسل جاءوا برسالاتهم وفقا للتطور التاريخي، لأن المعرفة الدينية معرفة تاريخية مثلها مثل باقي المعارف ولا يمكن إخراجها من سياقها التاريخي. حتى ما جاء به محمد(ص) هو ليس دين وإنما هي ملة (المؤمنون) أو (المؤمنين)، وهي رسالة وشرعة من الدين الواحد وهو الإسلام. كما يمكننا ان ننسبها الى النبي محمد(ص) فنقول: أتباع محمد أو المحمديون، مثلما تنسب المسيحية إلى المسيح أو نقول النصارى نسبة إلى يسوع الناصري. على الرغم من أن كهنة الدين والتراثيون جردوا شريعة محمد(ص) من كونها ملة ضمن الملل التي جاء بها الدين الإسلامي وفق السياق التاريخي، ليجعلوا منها هي الديانة المعبرة عن الإسلام. في حين أن معنى الإسلام هو(التوحيد) والمسلم هو (الموحد). مما أوقعهم ذلك في خطيئة كبيرة أودت بهم إلى الإشراك باللَّهِ. لأن القران لو أشار إلى وجود عدد من الأديان لكانت طامة كبرى، ولكان هناك عدد من الالهة وبذلك سوف يشرع النص القرآني إلى أن هناك أكثر من إله، وأن من خلق هذا الوجود هم أكثر من رب أو إله. ولكن للأسف هؤلاء التراثيون لم يدركوا ذلك للأسف الشديد. فالقرآن نفى وجود أكثر من إله، إلى جانب أنه نفى وجود أكثر من دين واحد.
أن استخدامنا لمصطلح أديان أو ديانات وأطلاقنا كلمة دين على اليهودية او المسيحية وحتى الكافرة وإيماننا بذلك بلا شك يخرجنا من التوحيد إلى الشرك باللَّهِ سبحانه وتعالى، من حيث ندري أو لا ندري. فهل يقف المتأسلمون ودعاة الدين لحظة واحدة ويحاولوا إمعان العقل بما نتداوله من مصطلحات لا نفقه مدلولاتها...
خلاصة الحديث وفي ضوء كل ما تقدم. يبقى السؤال قائم: هل حقا نحن موحدون أم مشركون؟ وهل أن الله لم ينزل سوى دين واحد هو الذي جاء به محمد(ص) أي "الإسلام" بين هلالين، وليس هناك انبياء آخرون جاءوا برسالات أو ملل سبقت رسالة محمد(ص) والتي جميعها تعبر عن الإسلام كدين واحد للجميع؟ أو أن نقر ونعترف بان هناك عدد من الرسالات(الملل) عبر عنها عدد من الرسل والانبياء وفق المرحلة التاريخية، وهذه الملل يجمعها دين واحد هو الإسلام؟ وكلها تدعوا لعبادة إله واحد هو الله؟ ولا يلغي بعضها بعض. وهنا تبرز وتتجسد الحرية الفردية في اختيار الملة التي يعتنقها الشخص في التقرب من الله والتي هي ضمن الدين الواحد وهو الإسلام، والذي هو دين التوحيد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد كاتب المقال
صباح اصلان ( 2019 / 6 / 26 - 21:31 )

لو كان النصارى أتباع يسوع الناصري لكان اسمهم الناصريون، نسبة الى مدينة الناصرة وليس النصارى . وكان اسم السيد المسيح (يسوع النصراني)
النصارى لغويا هم من ينصر شخصا ما فيدعى نصارى او ناصرين له . وليس من ينتسب لمدينة الناصرة يدعى نصرانيا بل ناصريا كما هو يسوع الناصري و ليس يسوع النصراني.
لو صح ادعاء المسلمين وأنت منهم ايضا حسب مقالك ان النصارى أتباع يسوع الناصري ، لدعي اتباع يسوع نصارى في موطن يسوع حيث عاش وعلم الناس وصلب ومات ثم قام من الموت وصعد الى السماء . لكن أحدا من أتباع يسوع الناصري وكل من آمن به من اورشليم الى اقصى بقاع العالم دعوا مسيحيين وليس نصارى .
المسلمون وحدهم من تمسكوا بهذه التسمية الخاطئة ولازال شيوخهم والمتاسلمون منهم يستنكفون استخدام اسم المسيحيين بل النصارى اتباعا للكلمة القرانية الخطأ.
النصارى فئة مهرطقة ضلت عن الإيمان الصحيح و هرب المهرطقون للاختباء في جزيرة العرب وكان إيمانهم منحرفا حول ألوهية السيد المسيح ، وقد انقرضوا ولم يبق منهم أحدا الآن

اما اتباع المسيح في كل أرجاء العالم ف لقبهم المسيحيون .

اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر