الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تستعين الحرية والتغيير بالجبهة الثورية لتغيير شكل الصراع بالسودان؟

لمياء يسري

2019 / 7 / 28
السياسة والعلاقات الدولية


لأشهر قليلة بعد الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، دخلت قوى الحرية والتغيير قادة الحراك الثوري، في مفاوضات مع المجلس العسكري الجالس على رأس السلطة.
وبين أخذ ورد، أصبحت المفاوضات في النهاية مترهلة للغاية، بعدما تمسك كل طرف بأحقيته بحصة أكبر مع رئاسة الحكومة الانتقالية، ما أدى إلى عدم التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين في النهاية.

بدأت تغيرات أخرى تظهر على السطح خلال شهر يوليو الجاري، عقب بدء النقاش بين الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية التي تضم مليشيات مسلحة.

وتبدو الصورة حاليًا وكأن الحرية والتغيير بدأت الاستعانة بما يمكن تسميته قوة موازية للمجلس العسكري وأبرز رجاله محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد مليشيات الجنجويد المسلحة.

وشهدت السودان عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 إبريل الماضي، تنامي قوى حميدتي، حتى أن البعض أطلق عليه الرجل الأول والمحرك الأساسي لقرارات المجلس العسكري من وراء الستار.
وبحسب ما صرح به دقلو عن نفسه، فإنه جلس في نقاش مع الرئيس البشير قبيل الإطاحة به من قبل المجلس العسكري، وحاول اقناعه بضرورة التخلي عن السلطة والاستجابة لمطالب الشارع، إلا أن الأخير رفض النصيحة مفصحًا عن نيته باستخدام السلاح في مواجهة المتظاهرين.
هذا ما دفع حميدتي _بحسب تصريحاته_ إلى حث المجلس العسكري باتخاذ قرار الإطاحة بالبشير.

لم يقتصر دور حميدتي على تحريك أحداث الثورة السودانية وانهائها ، بل أصبح أبرز الجالسين على طاولة المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، فضلًا عن تأكيده دائمًا أنه لن يسمح بانتشار الفوضى في البلاد.
إلى هنا أصبح قائد مليشيات الجنجويد عبارة عن واجهة للمجلس العسكري، الذي دخل في مواجهة مباشرة مع المتظاهرين وسعى إلى فض الاعتصامات بحسب ما أعلنته القوى الثورية.
إذ واجه المتظاهرين في الشارع السوداني محاولات فض الاعتصام، ووجهت قوى الحرية والتغيير الاتهام إلى حميدتي والمجلس العسكري بمحاولة قمع الثورة وسرقتها.
كانت أخر تلك الاتهامات عقب فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في 3 يونيو الماضي، إلا أن المجلس أوضح أن القوات لم تسع لقتل المتظاهرين بل مهاجمة أحد أوكار الجريمة، وهي منطقة كولمبيا.

مجلس سيادي

يقول الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية، بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، "إن الخلاف الدائر بين الأطراف السياسية في السودان، سوف يستمر لفترة ليست بالقليلة، بسبب تضارب الأولويات لكل جانب، على الرغم من الاتفاق حول الإطار العام لكن تظل الإشكالية قائمة في التفاصيل الخاصة بصورة الحكم".
ويوضح فهمي، "أن القضية القائمة حاليًا في السودان لا تقتصر على مجلس انتقالي ولكن شراكة الحكم بين الطرفين".

يبدو أن الطرفين يمتلكان قدر كبير من المراوغة، فحميدتي أدرك أن قوى الحرية والتغيير قادرة على تحريك الشعب على الأرض، ربما هذا ما جعله يتجه بالعديد من الخطب "الجماهيرية" متحدثًأ إلى الشعب بنبرة "الزعيم".
إلا أن هذه النبرة لم تجد لها صدى كاف لدى الشعب الذي فقد الثقة في كل ما هو عسكري، نتيجة ما عناه أثناء حكم البشير الذي استمر 30 عامًا، فكان السبيل الأقرب للثوار هو الاصطفاف خلف قوى الحرية والتغيير، في محاولة الوصول إلى اتفاق لانتقال السلطة.

وتمكنت قوى الحرية والتغيير في 17 يوليو الجاري من توقيع اتفاق مع المجلس العسكري السوداني، يقضي بتشكيل مجلس سيادي مكون من 11 عضو.
وينقسم الأعضاء بواقع 5 مدنيين و5 عسكريين، وعضو مدني يتفق عليه الطرفان.

كما نص الاتفاق على التناوب بين العسكريين والمدنيين في رئاسة هذا المجلس المقرر له حكم البلاد لمدة 3 سنوات.
إلا أن المفاوضات النهائية الخاصة بإنهاء عقد الاتفاق، تمت تأجيلها إلى حين إجراء المزيد من المباحثات بين المجموعات المتعاونة مع قوى الحرية والتغيير، وهي الجبهة الثورية السودانية، بحسب ما صرح به القيادي أمجد فريد.

قوى جديدة في وجه المجلس العسكري

تصدرت قوى الحرية والتغيير الذي يضم غالبية الأحزاب المعارضة في السودان، المشهد السياسي منذ قيام الثورة، ومن ثم دخلت في مفاوضات كمتحدث باسم الثوار مع المجلس العسكري الذي أطاح بالبشير.

وأمام تعنت المجلس العسكري في نقل السلطة إلى المدنيين في أسرع وقت ممكن، سعت قوى الحرية والتغيير إلى الضغط على المجلس بشتى الطرق الممكنة إلى الحد الذي دفع بتدخل أطراف دولية وإقليمية للتوسط بينهما.

كان من بين تلك الأطراف هي دولة إثيوبيا التي استقبلت كلا الطرفين في عاصمتها أديس أبابا، من أجل التفاوض ومحاولة الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.

إلا أن هذه المرة دخل طرف جديد في المفاوضات وهي الجبهة الثورية السودانية التي تضم عددًا من الجماعات المسلحة هم، تحرير السودان-جناح أركو مناوي، والحركة الشعبية-قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة.
وتكونت الجبهة الثورية السودانية المعارضة في 2011، وتعرف نفسها بحسب البيان التأسيسي، أنها "قوى سياسية معارضة، تعتمد العمل السياسي والعسكري والجماهيري"، ما يفيد كونها تؤسس ما هو أشبه بدولة داخل الدولة.

يوضح الدكتور طارق فهمي، "أن قوى الحرية والتغيير تحاول دائمًا التأكيد على عمل خريطة سياسية ومجتمعية للسودان بعيدًا عن المجلس العسكري". مؤكدًا على "أن المعارضة تنقل رسائل مباشرة للمجلس العسكري بقدرتها على تجميع الأطراف السودانية كافة، لمواجهة هذا الوضع الراهن".

وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن هذه الجماعات المسلحة ظهرت على المشهد السياسي تأكيدًا لنفوذها وقوتها في المعادلة السياسية المنتظرة في البلاد".
وتوقع الدكتور طارق فهمي، "بحدوث صراع بين القوى المدنية في المستقبل، وأنها ستظل في حالة تجاذب، إذ سيعمل كل طرف لتحقيق مصالحه الشخصية، موضحًا أن تاريخ السودان السياسي يرجح احتمالية حدوث انشقاقات داخلية بين تلك القوى".

واختتم فهمي حديثه، "عدم الاستقرار هو السيناريو الأبرز، مؤكدًا أن الأطراف الدولية هي التي ستشكل المشهد السياسي المقبل في السودان".
وانتهت المفاوضات بين الطرفين (قوى الحرية والتغيير، والجبهة الثورية) الخميس 25 يوليو، إلى اتفاق وصفه أحد قادة الجبهة الثورية ياسر عرمان بـ"التاريخي".

ونص الاتفاق على "الإسراع في تشكيل السلطة المدنية الانتقالية، وأن تكون أولى مهمها تحقيق اتفاق سلام شامل يبدأ باجراءات تمهيدية عاجلة، وخلق مناج مواتي للسلام، بجانب الاتفاق على هيكل يقود قوى الحرية والتغيير طول المرحلة الانتقالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو