الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحذيرات لم تلقى آذاناً صاغية... و مجازر شنغال

بولات جان

2019 / 8 / 2
القضية الكردية




من سجنه الانفرادي في جزيرة إيمرالي كان القائد الأسير عبد الله أوجلان لا يكف عن توجيه التحذيرات إلى القيادات الكردية لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية الكرد الايزيديين في شنغال و شيخان و أطراف الموصل، و لم يتوقف عن التحذير مراراً و تكراراً و طلب من قيادة الحزب أن ينسقوا مع قيادة اقليم كردستان العراق للتعاون في هذا الصدد. بعد تزايد الهجمات الانتحارية و الحرب الارهابية في العراق، كثّف السيد أوجلان من تحذيراته و أعرب عن غضبه في كذا مناسبة لعدم اخذ تحذيراته على محمل الجد من قِبل القيادات الكردية، فأوجلان كان يرى المجازر و هي تدقُّ أبواب الكرد و خاصة الايزيديين، و كان يحذر من اتفاق و تواطئ ايراني-سوري-تركي ضد الكُرد. حيث يقول في رسالته المؤرخة بـ 7 شباط 2007 ما يلي:
" ... حينها سيتوجّه العرب صوب الكرد. فالعرب يذبحون حتّى بعضهم البعض. فلن يردعهم أيّ شيء ليفعلوا كلّ شيء بالكرد. كنتُ قد حذّرتُ بشأن جماهيرنا في مخمور. كونهم قريبين من حدود العرب فهم بالذّات في خطر. يجب اتّخاذ التدابير اللازمة لهذا الأمر، يجب تحضير مكان ما في منطقة (برادوست) على الأقلّ.
فهذه المنطقة خارج إدارة كلّ من (YNK) و(PDK) وآمنة أكثر. وكذلك التخطيط بشإنّ الإيزيديّين خصوصاً وتحضير مكان لهم في منطقة برادوست. فهم تحت الخطر أوّلاً. فآليّة حمايتهم ودفاعهم ضعيفة، وقد تعرّضوا للعديد من المجازر سابقاً. ليتحاوروا بهذا الصدد مع القادة في الجنوب ويحصلوا على مساعدتهم. " 1
و في نفس الرسالة يستمر أوجلان في تقديم مقترح لكافة القوى الكردية و دعوتهم لتوحيد القوات و ذلك للتصدي لأية حروب قد تشنها القوى المعادية بهدف الابادة ضد الكرد. و كذلك يركز على منطقة برادوست الجبلية و البعيدة عن الموصل:
" المخيّمات التي ستنشأ لأجل أهالي مخمور والإيزيديّين في مناطق برادوست مهمّة جدّاً. يجب التوقّف على هذا الموضوع. يجب طلب المساعدة من الأمم المتّحدة بهذا الصدد. فقوّات الگريلا المتواجدة هناك، موجودة للدّفاع عن شعبنا في الجنوب. فهم گريلاهم. يجب أن يعرف العالم بأكمله الأمر بهذا الشكل. فهم متواجدون هناك للدّفاع عن شعبنا ضدّ أخطار أيّة إبادة جماعيّة محتملة. كنتُ قد اقترحتُ سابقاً بضرورة قيام جميع القوى الكرديّة في العراق بتشكيل قوّات عسكرية مشتركة ضدّ مثل هذه الأخطار المحتملة. ليس واضحاً ما سيجري غداً في سياسة الشرق الأوسط. " 2
و لم تمضي عدة أشهر على تحذيرات أوجلان المكثفة حول ضرورة حماية الإيزيديين حتى قام الارهاب الاسود بالهجوم على قرية القحطانية الايزيدية و ارتكبت مجزرة وحشية في القرية. ففي رسالته المؤرخة بـ 22 آب سنة 2007، على بعد تلك المجزرة بأيام أعرب أوجلان عن حزنه الشديد على الضحايا الابرياء و غضبه من عدم قيام القيادات بما يجب لحمايتهم من تلك المجزرة:
"سمعتُ أنّ ما يقارب من 700 إيزيديّ فقدوا حياتهم في هجومٍ انتحاريّ في (شنگال)، حزنت كثيراً، أُعَزِّي أقارب الضحايا وشعبنا الكرديّ وعلى رأسهم الإيزيديّين. لكنّني حذّرت قبل الآن، قلتُ لكم يجب حماية الإيزيديّين، ماذا أفعل بعد؟! حذّرت بأنّ الإيزيديّين معرّضون للخطر وحذّرت من أمورٍ أخرى مراراً، قمت بما يقع على عاتقي وأكثر، لكن هل يستمعون لي، هل يقومون بما يقع على عاتقهم، لا أعلم." 3
القائد أوجلان لا يتوقف عن تحذير القيادات الكُردية و يدعوهم لاستخلاص الدروس من المجازر التي أُرتكِبت بحق الأرمن بعد عن تخلت عنهم القِوى الدولية و تركتهم بين براثن العثمانيين المتعطشين للدماء. ففي رسالة مؤرخة بـ 5 أيلول سنة 2007 يقول أوجلان:
" إنّ قتل الإيزيديّين في (القحطانيّة) يُعدُّ حادثاً كبيراً، تعلمون أنّني حذّرت من ذلك سابقاً. إيرإنّ شرسة جدّاً. لقد بَيّنتُ سابقاً وجوب نقل شعبنا المعرّض للخطر من هناك إلى مناطق آمنة كمنطقة (برادوست)، هل يقومون بأمور ما بهذا الصدد؟ لا أعلم فيما ينفّذون ما أقوله أم لا، يمكن نقل شعبنا الأعزل إلى المناطق الآمنة ووضعهم تحت حماية الأمم المتّحدة. (PKK) لا يفهم بشكلٍ كافٍ. كان للأرمن أيضاً قوى داعمة كثيرة قبل سنوات 1915، لقد اتّفقت القوى الدّوليّة وتخلّت عن دعمها لهم، وهكذا لم يُفلت الأرمن من مجازر عام 1915. سيسعون للتّعامل مع الكرد كما فعلوا مع الرّوم والأرمن، سيعمدون إلى طرد وإخراج الكرد من الكثير من المناطق، لكن للكرد كيانٌ سيحتمون به في الجنوب، سيسعى كُردُ الجنوب إلى الاحتماء بالأمم المتّحدة. فربّما اتّفقت أمريكا مع الاتّحاد الأوروبيّ في هذا الخصوص، وستتحامل كلّ من إيران، تركيّا وسوريّا على الكرد بكلّ ما يملكون من قوّة وربّما تعمل أمريكا على كسر هذا الضغط الثلاثيّ. سنرى مستقبلاً أيّ الاحتمالات ستكون الأقوى. " 4
في نفس الرسالة يركز أوجلان على ضرورة تمكين المجتمع الكردي و خاصة الايزيديين منهم لتشكيل قواتهم الدفاعية الذاتية كي يتمكنوا عن حماية انفسهم خاصة و بحسب القائد أوجلان فإن عقلية القيادات الكُردية غير قادرة على حمايتهم كما يجب. فهو يركز على كل من الكُرد الايزيديين و كُرد كركوك و مخيم مخمور.
"تعرّض الإيزيديّون لهذه المجزرة لأنّ كلّ من الطالباني والبرزاني لم يُدخِلوهم ضمن المنظومة الدّفاعيّة، من غير الممكن حماية مجتمعٍ لم يؤسّس نظامه الدّفاعيّ. فالطالباني والبرزاني ليسا في وضعيّة تمكّنهم من خوض المقاومة الكافية، تتغيّر أواضعهم حسب الأوضاع السياسيّة، وقدرات حزب الحلّ الدّيمقراطيّ الكردستانيّ غير كافية، إنّهم لا يقومون بما يقع على عاتقهم، لا يتّخذون التدابير اللازمة لحماية شعبنا الأعزل هناك، لا يمنعون حدوث المجازر بتطبيق نظامٍ دفاعيّ. فإن لم تؤسّس نظاماً دفاعيّاً كيف لكَ أن تحمي الشعب؟!
فقد حذّرتُ من احتمال حصول هجوم على الإيزيديّين. لماذا لم يتّخذوا التدابير الأمنيّة اللازمة؟ كما تحصل المجازر في كركوك كلّ يوم، إن تمكّن الشعب بنفسه من تأمين إمكانيّات الدّفاع عن أنفسهم فسيعيقون دخول الشاحنات المحمّلة بـ500 كيلوجرام من المتفجّرات إلى قراهم وتنفيذ العمليّات التفجيريّة، إنّ مجزرة شنگال والحملات الإيرانيّة وحادثة استخدام النابالم وعقوبة الحجرة الانفراديّة بحقّي؛ أمور مرتبطة ببعضها، أليس كذلك؟" 5
في السنوات التالية استمر أوجلان في التحذير من المجازر التي يتحضر لارتكابها العقلية الفاشية السوداء للدول التي تستعمر كُردستان من خلال اذرعها الارهابية المنتشرة في المنطقة. فالقائد أوجلان لم يتوقف بتاتاً عن دعوة القادة و الاحزاب الكردية إلى ضرورة حماية الكرد في كركوك و شنغال و باقي المناطق الحدودية و المتاخمة لجحيم الحروب الاهلية في صحارى العرب، و حذرهم كذلك من الاعيب ايران الخبيثة و المؤامرات العثمانية و السياسات البعثية المبنية كلها على الابادة و المجازر و الدسائس. فلو كانت القيادات قد نفذت مقترحات أوجلان و اتخذت التدابير اللازمة و نشرت فكرة الدفاع الذاتي المشروع بين كافة مدن و مناطق كردستان، لكان بالامكان حينها منع حدوث مأساة شنغال في 3 آب و ما تلتها من مآسي في عدة مناطق كردستانية.

------------

1- الصفحة 59 من كتاب رسائل الأمل - الطبعة الثانية 2019
2- الصفحة 60 من نفس المصدر
3- الصفحة 270 من المصدر نفسه
4- الصفحة 275 من المصدر نفسه
5- الصفحة 276 من نفس المصدر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة