الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحرقوا كل الكتب الدينية – أبيو لود

مازن كم الماز

2019 / 8 / 15
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


قبل قليل بينما كنت أتصفح بعض الأشياء ( صحف أو ما شابه ) الأناركية الفردانية سريعة الزوال صادفت مقالة تدور حول نقاش بين ( أناركيين ) فردانيين ( أنويين ) . الموضوع الذي كانا يتناقشان حوله لا علاقة له بما أريد قوله هنا . ما يهمني هو الطريقة التي اختار كلا المتحاورين أن يستخدماها لإثبات وجهتي نظرهما . لم يحاول أيا من هذين الذين يفترض أنهما فردانيين ( أنويين ) إلى تطوير و عرض حجج خاصة بهما اعتمادا على تجربتهما المعاشة الخاصة بإعادة خلق الذات الواعية و عن قصد .. كلا , بدلا من ذلك اقتبسا فصولا و أبياتا من كتابات ماكس شتيرنر كما لو كانت كتابا دينيا ( مقدسا ) . كنت أتوقع من مختلين غارقين في الإيمان المسيحي أو مغفلين ماركسيين مهووسين بجماهيرهم أن يبحثوا في كتبهم المقدسة عما يدعم عقائدهم التي يؤمنون بها . لأن هؤلاء يملكون أشياء يؤمنون بها , كتب مقدسة , أنبياء و آلهة . من وجهة نظر هؤلاء من المنطقي أن يقوم هؤلاء الحمقى العاجزون الغارقون في دوغماهم بالعودة إلى كتبهم المقدسة عوضا عن أن يفكروا بأنفسهم و يتحدثوا عن مشاعرهم الخاصة . لأن التفكير و المشاعر الخاصة بهم قد تقودهم إلى الشك في عقائدهم الكئيبة و البليدة … و عندها ماذا سيحل بهم ؟ لكن بالنسبة لأولئك الذين يدعون أنهم المالكون الحقيقيون لذواتهم و أنهم يخلقونها كما يريدون , أن يلجأ أحدهم إلى أي شخص أو أي شيء سوى ذاته ليدعم أفكاره , بالنسبة لأولئك الذين يقولون أنهم يخلقون حياتهم و عالمهم كما يريدون , على قدر طاقتهم , أن يعاملوا أي كتاب على أنه كتاب مقدس أو اي مفكر على أنه نبي ما هذا إلا سخافة , و تناقض عميق . لذا أن يعامل من يدعو نفسه فردانيا شتيرنر أو نيتشه كأنبياء و كتاباتهم ككتب مقدسة لا يشكل فقط إهانة كبرى لهؤلاء , بل يكشف أيضا عن أنه مجرد تابع عاجز عن التفكير في قطيع المؤمنين البائس . لا يهم إذا كان يطلق على عقيدته تلك أسماءا مثل "الفردانية" أو "الأنوية" , لأنها ستبقى في كل الأحوال شكلا من أشكال العبودية الوضيعة لسلطة أعلى تخلقه و تصنعه على مقاسها و وفق رغبتها . و إلا لما احتاج إلى كتاب مقدس , كتاب ديني ليقتبس منه , لأنهاغير قادرة على أن يتحدث و يتصرف بنفسه . لا تفهموني خطأ هنا . إني أحب كتابات شتيرنر و نيتشه . كان هؤلاء أذكياء . كان بإمكانهم أن يكونوا مرحين , شاعريين , و حادين في نفس الوقت . هناك الكثير في كتاباتهم يستحق السرقة لكي تضمه إلى طريقة لعبك الخاصة بحياتك و عالمك . لكن عندما تعامل كتابابتهما كشيء مقدس فإنك لا تعود كمن يسرق منهما شيئا لتستخدمه في ألعابك . ستكون قد سلمت ذاتك لهما , قد حولت كتاباتهما إلى شيء مقدس تقوم أنت بعبادته … قد حولتها إلى كتاب مقدس , إنجيل . الشخص الذي ينوي أن يخلق نفسه بإرادته سيرفض أن ينحني لأي كتاب مقدس ( إنجيل ) . و عند أقل علامة على ظهور عبودية كهذه سيكون مستعدا على الفور أن يحرق إنجيله المزعوم . لكن النار ليست الوسيلة الوحيدة ( و لا الأفضل ) لإحراق الكتب المقدسة . في هذه الحالة ما يريد ذلك الإنسان الذي يسعى إلى خلق نفسه وفق إرادته أن يحرقه هو القداسة التي يزعمها ذلك الكتاب فوقه , تلك التي تدفعه للجوء إليه لا ليسرق منه ألعابا ليستخدمها في لعبته الخاصة لخلق ذاته و عالمه , بل بحثا عن أجوبة يمكن تطبيقها في كل الأحوال . للتخلص من هذه القداسة , لإحراقها , فإن أفضل وسيلة هي أسيد السخرية الكاوي , و الضحك و الاستهزاء و الازدراء المستخدمة بكثرة و كثافة ضرورية لاستئصال أية شائبة من القداسة بالكامل . و إذا كانت الكتب المقدسة التي لا بد من إحراقها هي كتب شتيرنر و نيتشه التي حولتها إلى كتب مقدسة , فحسنا , حظا سعيدا ! هذه الكتابات نفسها تعطيك أمثلة لا حصر لها عن كيفية التخلص من المقدس بالأسيد الكاوي . يمكنك أن تسرق هذه الأسلحة الذكية الساخرة من آلهتك المكشرة التي تفتقد في الحقيقة لأية ألوهية أو قداسة . إنها ميتة … و عاجزة عن إيقافك ! ثم يمكنك عندها أن نطبقها على موقفك التعبدي الغبي . عندها ستجد أنك قد حولت تلك الكتب من جديد إلى أدوات و ألعاب تلهو بها .. و إذا لم تفعل .. ؟ هكذا في المرة القادمة التي تقف فيها أمام موقد كبير , هيا .. الق هناك شتيرنرك , و نيتشه و اضحك بهستيريا , و غن "شتيرنر ميت , نيتشه ميت ! ميت و هالك مثل الإله تماما !" لأنه في نهاية المطاف عندما تكون جاهزا و راغبا في العيش من دون أناجيل ( كتب مقدسة ) ستستطيع عندها أن تسرق لنفسك نسخا جديدة من تلك الكتب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع