الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية التزكيات المزورة في ظل ثغرات القانون الانتخابي.

علاء الدين حميدي
كاتب صحفي.

(Hmidi Alaeddine)

2019 / 8 / 19
دراسات وابحاث قانونية


بين تفاؤل بالنجاح وحذر من الفشل تستعد تونس لتجديد مؤسساتها الرئاسية والتشريعية في ظل مناخ ديمقراطي وانتخابات سابقة لأوانها تعيشها البلاد لأول مرة منذ إعلان الجمهورية من بعد أن أسدل الستار على قرابة خمس سنوات عجاف من حكم الرئيس التونسي الراحل محمد الباجي قائد السبسي -رحمه الله-أول رئيس ينتخب انتخابا ديمقراطيا مباشرا. لم تكن فترة حكم الرئيس الراحل بالمثالية بل كانت بمثابة سنوات من الفشل والتدهور الاقتصادي طغي عليها التجاذب والصراع السياسي وبدي فيها الباجي عاجزا عن إدارة مؤسسة الرئاسة المحدودة صلاحياتها ومع ذلك شيّعه التونسيون بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم في موكب جنائزي مهيب الي مثواه الأخير بمقبرة الجلاز وسط العاصمة تونس، ليُصبح البحث عن خليفته الشغل الشاغل وحديث الساعة لدي التونسيين والأمل يحدوهم في رئيس يُجمعهم ولا يُفرقهم. وقد فرض رحيله التعجيل بالاستحقاق الرئاسي الي يوم 15 سبتمبر 2019 من بعد أن كان مخططا لها يومي 17 و24 نوفمبر. لتزدان بالأخضر كما كان يجب تكون دائما وهي التي تعيش على وقع الانتخابات الحادية عشرة في تاريخها المعاصر والثانية بعد المسار الثوري وكلها أمل في تجاوز عثرات ونقائص انتخابات سنة 2014 فعلي سبيل الذكر لا الحصر تم العثور على تزكيات مدلسة لمترشحين للانتخابات الرئاسية.. السابقة. فخلال انتخابات سنة 2014، عثر العديد من المواطنين على أسمائهم ضمن قائمة )المزكّين( لأحد المترشحين دون أن تكون لهم دراية أو علاقة بذلك. وفي أغلب الأحيان يتم ملاحظة أنّ مجموعة من الأشخاص في مؤسسة ما قد وجدوا أنفسهم من )المزكّين( لنفس المرشح. وكذلك الحال بالنسبة لاِنتخابات 2019 اذ نعيش الإشكال ذاته. حيث أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (أحدثت بمقتضي القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 وهي الجهة المسؤولة والمشرفة عن الانتخابات في تونس بداية من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011 بعد أن كانت وزارة الداخلية هي التي تشرف على تنظيم الانتخابات النزيهة منذ 1956) البلاغ الأتي بخصوص تزكيات الناخبين للمترشحين للانتخابات الرئاسية 2019 تُعلم فيه : " كافة المواطنين الذين وردت أسماؤهم بقائمات )المزكّين (المقدّمة من قِبل المترشّحين المقبولين أوّليّا للانتخابات الرئاسيّة لسنة 2019، والذين يعترضون على ورود أسمائهم، أنها فتحت سجلا لقبول الاعتراضات بمقرات الهيئات الفرعية التابعة لها أين يمكنهم إيداع اعتراضاتهم كتابيا مُرفقة بنسخة من بطاقات تعريفهم الوطنيّة. وستعمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على المتابعة القانونية للموضوع ". وهنا يُطرح السؤال:
هل نحن إزاء تصرفات فردية أو شخصية أم أعمال منظمة ترتقي الي صفة المأجورة؟
ماهو مصير المترشح الذي ثبت استعماله لتزكيات مدلسة؟
هل يتم سحب ترشحه؟
ماذا عن المترشحين العالقة بهم قضايا منشورة لدي المحاكم ولم يتم الحسم وتقدموا بترشحات جديد؟
وأي دور للهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟
هذه قلة قليلة من عدة أسئلة قد تعكس الإجابات عنها جملة من الاشكاليات القانونية التي تكشف عن وجود جملة من الثغرات في القانون الانتخابي والتي لم يتم تتداركها حتى قبل الدعوة الي انتخابات هذه السنة.
نص القانون عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء في فصله الحادي و الأربعين (41) على حتمية الحصول على تزكية عشرة نواب على الأقل أو تزكية 40 رئيس من رؤساء المجالس المحلية، أو تزكية عشرة الاف ناخب من الناخبين من عشر دوائر مختلفة على الأقل للراغبين في الترشح لمنصب الرئيس الا أنه لا يشتمل على نصّ خاص بتزوير أو تدليس التزكية رغم ما تمثله إشكالية التزكية المزورة من خرق لأبسط قواعد التنافس النظيف ليظل علي تلك الحال حتي بعد تنقيحه ( قانون أساسي عدد 7 لسنة 2017 مؤرخ في 14 فيفري 2017 يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء). وبما أن القانون الانتخابي لم يتطرق الي الاشكال المطروح اَنفَا، فان هذه الأفعال تُصنف كجرائم حق عام لا كجرائم انتخابية وبذلك تُصبح النيابة العمومية الجهة الوحيدة المخولة للنظر في هذه الجرائم بناءا على ما تنصّ عليه المجلّة الجزائية حيث تطرقت هذه الأخيرة الي مسألة التدليس في قسميّها السادس عشر و السابع عشر و ذلك من الفصل 175 (نقح بالقانون عدد 23 لسنة 1989 المؤرخ في 27 فيفري 1989 ) الي الفصل 197 (نقح بالقانون عدد 23 لسنة 1989 المؤرخ في 27 فيفري 1989) والتزوير في حالة إحداث ضرر عام أو خاصّ وفقا للفصل 172 من المجلة الجزائية ( نقح بالقانون عدد 89 لسنة 1999 المؤرخ في 2 أوت 1999) علي اعتبار أن تزوير امضاء فيه ضرر خاص للناخب. ان المطلع على القانون الانتخابي يدرك تمام الادراك أنه ما بيد الهيئة العليا للانتخابات من حيلة سوي انتظار حكم نهائي وبات دون سواه صادر عن المحاكم التونسية حتى يتسنى لها سحب ترشح المترشح المدان قضائيا في حال لم يتمتع بعد بالحصانة نتيجة فوزه بالاِنتخابات.
لا شيء إيجابي في خلو النص القانوني الانتخابي من النقاط الأنفة الذكر واحالتها الي القانون الجزائي سوي التمديد في مدة سقوط الدعوى على اعتبار أن الفصل 167 ينصُ على أن الجرائم المنصوص عليها بالقانون الانتخابي إثر انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات في حين ينص الفصل الخامس من مجلة الإجراءات الجزائية علي أنّ الدعوى العمومية تسقط بمرور عشرة أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جناية أو ثلاث أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جنحة وذلك ابتداء من يوم وقوع الجريمة على شرط أن لا يقع في بحر تلك المدة أي عمل قاطع ( تحقيق أو تتبع).
الفصول القانونية المعتمدة:
القانون الانتخابي -الفصل 41 ـ
تتم تزكية المترشّح للانتخابات الرئاسية من عشرة نواب من مجلس نواب الشعب، أو من أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو من عشرة آلاف من الناخبين المرسمين والموزعين على الأقل على عشرة دوائر انتخابية على ألا يقلّ عددهم عن خمسمائة ناخب بكل دائرة منها.
القانون الانتخابي - الفصل 167
تسقط بالتقادم الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون إثر انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات.
المجلة الجزائية - الفصل 172 (نقح بالقانون عدد 89 لسنة 1999 المؤرخ في 2 أوت 1999(
يعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية قدرها ألف دينار كل موظف عمومي أو شبهه وكل عدل يرتكب في مباشرة وظيفة زورا من شأنه إحداث ضرر عام أو خاص وذلك في الصور التالية:
- بصنع كل أو بعض كتب أو عقد مكذوب أو بتغيير أو تبديل أصل كتب بأي وسيلة كانت سواء كان ذلك بوضع علامة طابع مدلس به أو إمضاء مدلس أو كان بالشهادة زورا بمعرفة الأشخاص وحالتهم.
- بصنع وثيقة مكذوبة أو تغيير متعمّد للحقيقة بأي وسيلة كانت في كل سند سواء كان ماديا أو غير مادي من وثيقة معلوماتية أو إلكترونية وميكروفيلم وميكروفيش ويكون موضوعه إثبات حق أو واقعة منتجة لآثار قانونية.
المجلة الجزائية - الفصل 175 (نقح بالقانون عدد 23 لسنة 1989 المؤرخ في 27 فيفري 1989).
يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر عاما وبخطية قدرها ثلاثمائة دينار كل انسان غير من ذكر ارتكب زورا بإحدى الوسائل المقرّرة بالفصل 172 من هذه المجلة.
المجلة الجزائية - الفصل 176
كل من يتعمد إبقاء رسم مدلس عنده يعاقب بمجرد إبقاء ما ذكر بيده بالسجن مدة عشرة أعوام.
المجلة الجزائية - الفصل 177
كل من يتعمد استعمال زور يعاقب بالعقوبات المقرّرة للزور بحسب الفروق المبيّنة بالفصول المتقدّمة.
مجلة الإجراءات الجزائية - الفصل 5
تسقط الدعوى العمومية فيما عدا الصور الخاصة التي نص عليها القانون بمرور عشرة أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جناية وبمرور ثلاثة أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جنحة وبمرور عام كامل إذا كانت ناتجة عن مخالفة وذلك ابتداء من يوم وقوع الجريمة على شرط أن لا يقع في بحر تلك المدة أي عمل تحقيق أوتتبع.
ومدة السقوط يعلقها كل مانع قانوني أو مادي يحول دون ممارسة الدعوى العمومية ما عدا الموانع المترتبة عن إرادة المتهم.
وفي الصورة المعينة بالفصل 77 ينتفع المتهم غير الموقوف بالسجن بجريان أجل سقوط الدعوى العمومية في مدة إيقاف تتبعه بسبب العته.
لا تسقط الدعوى العمومية في جريمة التعذيب بمرور الزمن. (نقّحت الفقرة الرابعة بالقانون الأساسي عدد 43 لسنة 2013 المؤرخ في 21 أكتوبر 2013 المتعلق بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر


.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود




.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023


.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم