الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون هل يمثل وجهة نظر من اقترحه أم من شرعه؟

سالم روضان الموسوي

2019 / 8 / 28
دراسات وابحاث قانونية


القانون هل يمثل وجهة نظر من اقترحه أم من شرعه؟
ان القانون وكما عرفه فقه القانون الدستوري والمختصين في القانون بشكل عام وفي الصياغة التشريعية بشكل خاص بأنه عبارة عن قواعد ملزمة للجميع يتم صياغتها وتشريعها من السلطة المختصة بذلك الأمر، وأفاد بعض هؤلاء الكتاب بان القانون يعبر عن وجهة نظر وفلسفة السلطة القابضة على مقاليد الأمور في أي بلد، وهو الوسيلة التي تخضع المواطن للأوامر التي يتضمنها النص والذي عادة ما يعبر عن وجهة نظر من شرعه ووضعه، لذا فان مجرد صدور القانون من قبل السلطة القابضة على مقادير الحكم يكون ملزم وواجب التطبيق من قبل أجهزة السلطة وواجب التنفيذ من قبل المواطن، ودون الالتفات إلى من اقترحه أو قدم فكرته الأولى، لان صياغة التشريع أو القانون لا تتم إلا عبر آليات رسمتها القوانين الدستورية، فان اتبعت تلك الآليات كان القانون مطابق للشكلية الدستورية ويصبح نافذاً وواجب الإتباع، وأي طعن فيه بعدم الدستورية لا يوجه إلى من اقترح القانون أو طرح فكرته وإنما يكون موجه إلى رئيس السلطة المختصة بإصداره وعادة رئيس السلطة التشريعية التي تبنت الإحكام الواردة فيه على وفق صلاحياتها الدستورية وخياراتها التشريعية، وكذلك على رئيس الجمهورية باعتباره من أَذِنَّ بتنفيذه عبر إصداره بقانون، وأحيانا يكون القانون أو القرار الذي له قوة القانون قد صدر من سلطة لها صلاحية التشريع إلا إنها انتهت وانحلت إما دستوريا عبر حلها أو ثورياً عبر الانقلابات او الثورات المسلحة والشعبية، ومثال ذلك ما حصل في العراق فان الانقلابات المسلحة كانت تنهي السلطات وتحل محلها أخرى، ومما يلفت الانتباه إن جميع القوانين النافذة حاليا كانت من نتاج سلطات تشريعية مختلفة تراوحت بين البرلمان عبر القوانين التي شرعها وبين سلطة الحاكم الفرد في إصدار القرارات الجمهورية التي لها قوة القانون وبين سلطة المجالس محدودة العدد، إلا إن مخاصمة تلك القوانين في موضوع عدم الدستورية كانت توجه إلى من حل محلها في الأداء التشريعي ، ومن ذلك القول فان القانون لا يمكن له أن يمثل أي وجهة نظر سوى وجهة نظر السلطة التي قامت بعملية تشريعه، ولا يمكن حسابه على أفكار من اقترحه أو من أسهم في صياغته لأنها تبقى مجرد أفكار غير ملزمة لصاحب السلطة في التشريع، وله ان لا يأخذ بها وان يستبدلها على وفق ما يراه لا على وفق ما أراده مقترح فكرة القانون ، ومناسبة القول وهذا العرض، هو تنصل بعض أعضاء السلطة التشريعية من المسؤولية تجاه التشريعات التي أصدرتها تلك السلطة القائمة حاليا أو التي كانت قائمة سابقاً، لان القانون صدر من الجهة التشريعية التي هو جزء منها وبإمكانه أن يؤثر في تعديله او إلغاءه عبر الآليات الدستورية والتشريعية ، وما يردده البعض من العاملين في المجال التشريعي بان بعض القوانين ما هي إلا عبارة عن أفكار تمثل الجهات التي نظمت أعمالها تلك القوانين، كلام مردود على قائله لان القانون حينما صدر في حينه كان قد صدر من سلطة مختصة بالتشريع حتى وان لم تتفق مع رأي هذا القائل والمتقول ، ومثال ذلك القوانين التي صدرت في العهد الملكي وما زالت نافذة لا يمكن أن نعتبرها قوانين لا تمثل السياسة التشريعية القائمة الآن، طالما لم تبادر تلك السلطة التشريعية باستبدالها بقوانين أخرى وتبقى معبرة عن سياستها التشريعية، وهذا الأمر ينسحب على القوانين والقرارات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحل والتي لها قوة القانون وكذلك الأوامر التي أصدرتها سلطة الائتلاف المنحلة والقوانين والأوامر التي أصدرها رئيس وزراء العراق في الحكومة التي تأسست بموجب قانون إدارة العراق للمرحلة الانتقالية التي كانت تلك سلطة تشريع القوانين ومنها الأمر 30 لسنة 2005 وهو قانون المحكمة الاتحادية العليا الذي صدر عن الحكومة العراقية الممثلة برئيس الوزراء مالك سلطة التشريع آنذاك، حتى وان كان من مقترحات القضاء في حينه، إلا انه كان معبر عن فلسفة القانون الدستوري الأعلى النافذ حينئذ، وهو قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وجاء موضوع إنشاء المحكمة الاتحادية العليا فيه باعتباره من مبادئ التشريع الدستوري الجديد وعلى وفق ما ورد في المادة (44) التي حددت صلاحياتها وتشكيلها واختصاصاتها، ومن الجدير بالذكر إن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لم يقترحه القضاء ولم يسهم في تشريعه، وإنما كان من قبل مجلس الحكم الملغى والمستشارين العاملين فيه، ومع ذلك لا يمكن أن يتنصل المختص بالتشريع من تبنيه لتلك الوجهة الدستورية والإيحاء بان تلك القوانين قاصرة على من اقترحها، ويبرر فشله في القدرة على استبدالها بقوانين أكثر نضجاً تستوعب ما حصل أثناء التطبيق والحاجة إلى تطويرها لان القانون وعلى وفق ما قاله القاضي الانكليزي كردوزو وهو من كبار القضاة في القرن التاسع عشر (القانون كالمسافر يجب أن يكون مستعداً للغد ويجب أن يحمل بذرة التطور في ذاته) كما ان بعض القائلين بما تم عرضه لا يكون غرضهم الإصلاح وإنما مآرب أخرى لربما المصالح والسياسة دوافعها واعلم إن قلوهم المعلن يخفي وراءه غرضاً آخر ويذكرني ذلك بقول الشاعر العباسي (ابن الرومي)
يُليحُ لي صفحة َالسلامة والسلم ويُخفي في قَلبه مرضا
أضحى مغيظاً عليَّ أنْ غضب الله عليه ونِلتُ منه رِضا

القاضي
سالم روضان الموسوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الترحيل إلى رواندا.. هواجس تطارد المهاجرين شمال فرنسا الراغب


.. نشرة الرابعة | النواب البحريني يؤكد على استقلال القضاء.. وجه




.. لحظة استهــ ــداف دبـ ـابة إسرائيلية لخيام النازحين في منطقة


.. عشرات المستوطنين يعتدون على مقر -الأونروا- بالقدس وسط حماية




.. مراسل العربية: اعتقال ضباط أوكرانيين بتهمة محاولة اغتيال زيل