الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن

حسين عجيب

2019 / 9 / 2
العولمة وتطورات العالم المعاصر


مشكلة العيش في الحاضر الآن _ هنا

1
مشكلة تفسير الحاضر ، قضية مشتركة بين الدين والفلسفة والعلم ، وما تزال في البداية .
بالتزامن هي بؤرة الاختلاف والتناقض بينها _ المزمن .
بكلمات أخرى ، ما يزال الحاضر الآن _ هنا ، أقرب إلى اللغز والمتاهة اللغوية / الفكرية منه إلى واقع إنساني مشترك ، ومحدد عبر القوانين والقيم والمعرفة . والمفارقة أنه ( الحاضر في الآن _ هنا ) معطى بديهي ومدرك من قبل بقية الأحياء بشكل غريزي ، لدرجة غيرة الانسان من بقية الحيوانات لا العكس ، والدليل المباشر على ذلك بقاء أسطورة الحدس ، أو تفضيل المعرفة الغريزية على المعرفة العلمية التجريبية والمنطقية معا ، حتى بين الأكاديميين وأساتذة الجامعات !؟
هذا الوضع الوجودي ، المعقد ، مصدر ثابت ومتوارث لأشد الخلافات الفكرية بين البشر :
1_ موقف التنوير الروحي ، يتمثل في انكار حركة الزمن ( لا يوجد غير الحاضر ) .
2 _ موقف الفلسفة غير محدد ، أو غير متفق عليه ، لكن يتمحور حول المنطق بالعموم .
3 _ الموقف الديني غيبي بطبيعته ، وينكر إمكانية المعرفة الإنسانية للحقيقة ، بشكل ذاتي .
4 _ الموقف العلمي تجريبي بطبيعته ، مع محاولة إضافة البعد التأملي ( العقلي ) .
ما هي حدود الحاضر ؟
الجواب الفعلي : لم يؤخذ السؤال على محمل الجد ... حتى اليوم 1 أيلول 2019 !
....
ذكرت في نصوص سابقة ، أن موقف اينشتاين من قضية الزمن بالتحديد مزدوج ، وشبه متناقض بالفعل بين النسبوية ( العدمية ) وبين التجريبية العلمية . وذلك لا يعني انكار دوره الأساسي في تحويل الزمن من مفهوم فلسفي إلى مصطلح علمي ، يمكن تطويره والبناء عليه .
وهو ما فعله ستيفن هوكينغ ، وله الفضل في فهمي الحالي لطبيعة الحاضر ، وأسعى بدوري لتكملة بحث الزمن _ بحسب قدرتي وامكانياتي _ وأنا حزين جدا من موقف التطنيش والإهمال العدواني ، من قبل المثقفين والفيزيائيين العرب وغيرهم ، ومن السوريات والسوريين أولا ، وهو لا يقل عنفا عن عملية منعي من السفر وبتواطؤ الجميع .
....
فرضية اينشتاين " الزمن بعد رابع للمادة " فكرة جديدة على المعرفة والعلم وهي نوع من التفكير _ من خارج الصندوق _ وأكمل هوكينغ محاولة تطويرها عبر محاولتيه تحديد بداية الزمن أو نهايته ، واللتان أخفقتا كما هو معروف .
حدث اكتشاف اتجاه الزمن من المستقبل إلى الحاضر ، كان بفضل الفكرتين معا ، وبعد تصحيح التصور العقلي لاتجاه الزمن تتضح ضبابية الفكرة ، أو عدم صحتها بعبارة صريحة .
الزمن ظاهرة موضوعية في الوجود ، تشبه المكان أو الحياة ، وليس مجرد بعد رابع للمادة .
مشكلة تحديد الحاضر مزدوجة ، من جهة الداخل أو مشكلة النهاية الصغرى أو اللانهاية الداخلية ( أصغر من أصغر شيء ) ، تقابلها من الخارج مشكلة النهاية الكبرى _ أو اللانهاية الخارجية ( أكبر من أكبر شيء ) .
اكتفى نيوتن بالجانب الصغير للمشكلة ( اللانهائي في الصغر ) ، وأهمل جانبها المقابل الذي يتعذر اهماله بالطبع .
موقف الفيزياء الحديثة منذ أكثر من قرن ، تلفيقي بوضوح ، وهو يقوم على افتراض أن كلا الموقفين المتناقضين صحيح ! ... موقف الفيزياء المعاصرة ، التي يجسدها الاختلاف الفكري بين اينشتاين ونيوتن .
....
المشكلة فلسفية وبنفس الدرجة ، بالتزامن ، هي مشكلة علمية ومنطقية .
ما هو الحاضر الآن _ هنا ؟
1 _ تحديد الحاضر ، ....
لا أعرف كيف تحدد الجامعات والأكاديميات المعاصرة معنى كلمة حاضر .
بالنسبة لي شخصيا ، أكتفي بالتحديد العملي والعالمي معا السائد والمشترك ، اعتبار الحاضر هو اليوم الحالي أو العام الحالي أو القرن الحالي ، أو العمر وفترة الحياة الكاملة لفرد (...) .
مع إضافة خاصة ، أعتبر الحاضر مدته 24 ساعة تتجدد دوريا ، 12 السابقة تمثل الماضي وتتضمنه ، مقابل 12 ساعة القادمة تجسد المستقبل وتتجدد عبره بشكل دوري ومتكرر .
كما توجد إضافة شخصية أيضا تتمحور حول " أفق التوقع " ومدته عشر سنوات .
أحاول بشكل ثابت أن تكون مشاريعي الشخصية ، المتنوعة ، على امتداد السنوات العشر القادمة ... العاطفية والاجتماعية والعقلية وغيرها .
....
2
يتجدد الحاضر بنفس الطريقة التي يتجدد فيها الجسد الحي _ جسدنا ...أنت وأنا .
نفس المقدار من الحاضر الذي يتحول إلى الماضي ، عبر كل لحظة ، يستبدل تلقائيا من المستقبل الذي يتحول إلى حاضر جديد ... بالتزامن مع عملية معاكسة تجري على الجانب البيولوجي والمادة الحية ، حيث يتحول الحاضر إلى الحاضر الجديد ، ويستبدل تلقائيا من الماضي _ حيث تنمو الحياة وتتطور بالفعل وفق السهم : من الماضي إلى المستقبل مرورا بالحاضر على العكس من سهم الزمن .
هذه فكرة أقرب إلى الاعتقاد ، كما أنها قابلة للتطوير _ أو التغيير ، لو حدث اكتشاف معرفي أو علمي ينسف الأسس المنطقية التي تقوم عليها .
....
يوجد اختلاف نوعي بين الانسان ، وبين بقية الأحياء غير العاقلة .
مشكلتنا مزدوجة ، مشكلة طبيعية نتشاركها مع غيرنا ، بالإضافة إلى مشكلة الوعي .
هل الوعي شقي بطبيعته ، كما تؤكد الأديان وأغلب الفلاسفة !؟
جوابي الشخصي والمباشر مختلف ، ويقارب التناقض مع الموقف السابق حيث يتوافق فرويد وهيجل والمتنبي وتطول القائمة .
الموقف البوذي الأصيل : الشقاء في العقل والسعادة في العقل أيضا .
....
بالنسبة لبقية الأحياء ومعهم غالبية البشر ، تتمحور حياتهم حول الماضي ، أو يعيشون بدلالة الغريزة وعلى حساب الحاضر والمستقبل معا .
وهذه هي المشكلة الجوهرية برأيي .
لكن تبقى مشكل الوعي في ازدواجيته غير المتجانسة : فكر وشعور أو عقل وجسد .
مادة الفكر رمزية ولغوية ، بينما طبيعة الشعور مادية وعصبية كيميائية وكهربائية ، بالإضافة إلى المزدوجة المتلازمة معها _ ثنائية الفرد والمجتمع ، أو داخل الجلد وخارج الجلد .
....
....
مثال تطبيقي على قضية العيش في الحاضر هنا _ الآن
مشكلة الحب بين الأم وابن _ت _ ها ؟

سوف أكتفي بمناقشة النقيضين ، حالة الحب والشعور الإيجابي أو النقيض بحالة الشعور السلبي وموقف العجز عن الحب .
حب الأم لأولادها غريزي في المستوى الأول والمشترك .
بعد البلوغ ، وعند أغلب الكائنات الحية تتلاشى روابط تلك المرحلة معها .
يختلف الأمر بالنسبة للإنسان ، حيث يتدخل العقل أو الوعي في مختلف مراحل العيش .
....
يتميز الوضع الإنساني بثنائية الوضع والشخصية ، حيث توجد مشاكل " الوضع " كحزمة أولى مشتركة ، اجتماعية وثقافية وغيرها . تقابلها مشاكل " الشخصية " وتتعلق بدرجة النمو والنضج أو العكس ، ويمكن التعبير عنها بدلالة الصحة العقلية أو المرض العقلي .
الصحة العقلية تعني تحقيق التجانس بين العمر العقلي للفرد ( طفل _ة أو امرأة أو رجل ) ، مع عمره الحقيقي أو البيولوجي . والعكس بحالة المرض العقلي ، أو تخلف النمو العقلي عن النضج والبلوغ البيولوجي . ( ناقشت سابقا عبر نصوص منشورة على الحوار المتمدن الاختلاف بين المرضين العقلي والنفسي ) .
مشاكل الوضع مشتركة بين الانسان والحيوان .
وسأكتفي بمثال توضيحي ، أم لديها عدد من الأولاد في وضع كارثي حيث لا تستطيع حماية أكثر من واحد .
السلوك يكون غريزيا ، وتدخل العقلي يضر ولا ينفع في هذا المستوى .
بينما مشاكل الشخصية تخص الوضع الإنساني فقط .
كل أم تحب ابنها _ت ، بلا شروط في مستوى الوضع ( مراحل الرضاعة والطفولة الأولى ).
يختلف الأمر مع بداية المراهقة ، وتكوين الشخصية الفردية .
ويحدث التناقض العاطفي المتبادل ، والصريح بين الجانبين .
تحب الأم ابنها _ ت ، بحسب موقعه بلا شروط . ونفس الشيء بالنسبة للأبن _ة .
لكن بحسب شخصية الفرد ( الأم أو الابن _ة ) ودرجة التوافق بينهما ، قد يصل الأمر إلى درجة العجز عن الحب ، وبحسب ملاحظاتي وتجربتي الشخصية هي حالة الغالبية .
مثال مباشر على ذلك ، أم ترفض لابنها _ت ما تقبله لنفسها ولغيرها أيضا .
والعكس ، رفض الابن _ة لسلوك وعادات عند الأم ، ويقبلانها عند البقية .
....
لأهمية الفكرة ، سأحاول تلخيصها وسوف أعود إليها بشكل تفصيلي لاحقا ...
حب الموقع غريزي ، مشترك ومتبادل ، بين الآباء والأبناء .
لكن حب الشخصية أو العكس : موقف العجز عن الحب ، له شروط فردية وخاصة في مقدمتها درجة النمو والنضج الشخصي المتكامل .
وهذه المشكلة تطورية ، وتتزايد مع التقدم الإنساني والعلمي وليس العكس .
نحن جميعا نشعر بالحب للشخصية التي حققت النمو والنضج المتوازن ، بصرف النظر عن علاقتنا الشخصية بها . والعكس تماما ، نشعر بالخزي من فشلها الأخلاقي والمعرفي خاصة .
واكتفي بالتذكير والحض على مقارنة سريعة بين هتلر وموسوليني و بين غاندي ومانديلا !؟
....
مثال نموذجي آخر على ثنائية الفرد : شخصية وموقع
رجل الأمن والشرطة في دولة فاشلة وحكومة تسلطية ، يمثل طغيان الموقع على الشخصية .
حيث كل فرد متهم وعليه شخصيا أن يثبت براءته .
بالمقابل ، في بلد ديمقراطي وحر ...فهمك كفاية
....
وأختم بمثال عربي واسلامي ، سوف يبقى علامة مضيئة لأكثر من ألف سنة قادمة ...
الحبيب بورقيبة ، الذي نقل بلده تونس ( وضمنها عائلته ) إلى مستوى الريادة في العالمين العربي والإسلامي _ بمشاركة بعض رفاقه بالطبع _ ومقارنته بخليفته البائس بن علي .
....
للبحث تتمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أثر السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح من الجانب الفلسطيني


.. مشاهد لطائرة هليكوبتر قتالية تطلق النار على مبانٍ في شمال غز




.. رئيس وزراء أستراليا: إرساء السلام يتطلب القضاء على حماس


.. أتذكرون الغواصة تيتان؟.. سبب جديد وراء انفجارها بركابها




.. بريطانيا: نرفض عملية كبرى في مدينة رفح