الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الناس و عن الامكنة !

سليم نزال

2019 / 9 / 5
سيرة ذاتية



كان اليوم حارا .الامر الذى دفع الكثيرين من سكان المدينة ان يجلسوا فى الخارج فرحا باشعة الشمس .خاصة و اننا فى نهايات الصيف و يوم جميل كهذا سيصبح امنية بعد شهر حين يحل الخريف , و يتلوه الشتاء النرويجى الطويل و المعتم و البارد .جلست لوحدى فى مقهى فى وسط العاصمة و انا اتامل السابلة و هم يعبرون. و فكرت يا للحياة كم يمر الزمن بسرعة . لعل نصف المارة الذين اصغر من ثلاثين عاما لم يكونوا قد ولدوا عندما كنت اجلس فى هذا المكان .الامكنة تتغير و الناس يتغيرون كل الوقت و لا شىء ثابت على حاله .
حاول الانسان ايقاف دولاب الزمن تارة عبر عمل تماثيل و تارة اخرى عبر الصور لوقف حركة الوقت لكن لا محالة .

الامكنة تظل كما هى لكنها تتغير, و كل تغير قد يختلف عن الاخر .فمرة تكون قد اعتدت الجلوس فى مقهى مثلا ثم بعدها يتغير المقهى و يصبح محلا لبيع الاحذية على سبيل المثال .كل الذكريات و الاحاديث تتبخر .و حتى لو ظل مقهى ربما تغير اسمه و تغير من يعمل فيه ممن اعتاد المرء عليهم .المكان يعاد تشكيله وفق ايقاع الزمن .و كنت فى الايام السالفه اتردد على مقهى كان يديره شخص كنت اعرفه و اعرف زوجته البرتغالية .

هو من جزيرة صغيرة فى المحيط الهادىء نسيت اسمها .و قد توفاه الله قبل بضعة اعوام .كان يستقبلنا هاشا باشا و ما ان يخف الزبائن حتى يسرع حاملا قهوته و يجلس معنا .الاشخاص يتغيرون بفعل ايقاع الزمن كما الامكنة .منهم من يغادر هذه البلاد و ينتقل للسكن فى بلده الاصلى ان كان اجنبيا ,او يغادر لبلد اخر ,و منهم من يختفى بفعل عوامل الزمن .او منهم ان كان نرويجيا يغرق فى هموم الدنيا و يبتعد .

كنا ايام مرحلة الطلبة نتردد على مقهى لعله الاقدم فى تلك النواحى .و كان فيه نادلة امريكية جميلة . و كانت عندما تكون لوحدها تقدم لنا القهوة مجانا .و كانت تفرح كلما ذهبنا هناك لانها كانت تشعر بالغربة و ترتاح لنا لاننا غرباء مثلها . و كنت كعادتى ان كنت وحيدا او انتظر الاصدقاء , احمل اوراقا و قلما لكى اكتب . و كانت تاتى باسمة و تسال ماذا كتبت لنا اليوم .و عندما قررت العودة الى بلدها كانت متاثرة جدا ,لكن اعتقد انها كانت ايضا سعيدة و الا لما قررت العودة . شعرت بحزن و انا اودعها , قالت لى ساتذكرك لوقت طويل !و ها انذا اذكر كاترين بعد كل هذه السنوات .

اسمع هدير الزمن قالت احدى شخصيات نجيب محفوظ !. افكر بكل هذا و انا جالس استمتع بشمس نهايات الصيف و انظر للسابلة كانى اعيد اكتشاف المدينة و لربما اعادة اكتشاف نفسى .لكن المدينة تظل على حالها .تتغير اشياء فيها لكنها تظل تحمل ذات الاسم .تماما مثل وصف الفيلسوف اليونانى هيراكليتوس من ان لا احد يسبح فى ذات النهر مرتين .انه ذات النهر لكنه ايضا متجدد.هذه هى قصة الامكنة و قصة الاشخاص بل ربما قصة الحضارة الانسانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة