الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج المغربي-المغربي للتنمية، أية أبعاد؟

عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)

2019 / 9 / 5
الادارة و الاقتصاد


من الصعب الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون الأخذ بعين الاعتبار المحيط العالمي بمختلف تجلياته وكيف يتم التحكم بالمنظومة الاقتصادية العالمية حتى تضمن الدول المسيطرة مصالحها الاستراتيجية وكذا التنفيس عن أزماتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الداخلية على حساب أمن واستقرار باقي الدول الفقيرة والمتخلفة.

من العبث التفكير في بناء نموذج تنموي طموح يهدف إلى العدالة الاجتماعية والأمن الاقتصادي والحفاظ على البيئة الطبيعية في ظل بنية اقتصادية تبعية وهشة. تزداد ضعفا وتخلفا وتناقضا مع تصاعد الضغوطات والتلاعبات الدولية خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية ل2008 وتزايد الصراع بين قطبين أساسين الاول بقيادة أمريكا والثاني بقيادة الصين.

رغم البرامج الدولية الطموحة لخروج الدول الفقيرة والمتخلفة من أزماتها الخانقة، خاصة الدول الإفريقية، فإنها تستمر في المعاناة، بل معاناتها أصبحت أكثر خطرا وتفاقما مما كانت عليه قبل سنوات الثمانينات أو التسعينات من القرن الماضي. لذا، الجواب عن سؤال التنمية والخروج من الأزمات لا يمكن أن يكون إلا من داخل الإرادة الافريقية وبين دول يتقاسمون جزءا من نفس المشاكل والطموحات، وليس خارجها. فلا يمكن أن تنتظر ممن "أهانك" و"استغلك" و"اغتصبك" في السابق أن يقدم لك الحلول الناجعة ويبرم معك الاتفاقيات الاقتصادية "العادلة" لتخرجك من أزمتك وتحقق بذلك المسار التنموي العادل والمستدام والمتوازن.

إن البحث عن حلول دائمة لتخلف قارتنا ’افريقيا’، يتطلب تحالفا اقليميا-جهويا وإرادة سياسية قوية بينها وبين دول أخرى لم يجمع بينها تاريخ الاستعمار والاضطهاد؛ أي البحث عن تحالفات أخرى غير التي أنسجت بقوة التاريخ والجغرافيا. بيد أن هذا لوحده غير كاف، بل يتطلب بالموازاة استراتيجية وطنية لبناء اقتصاد قوي وغير تبعي ليكون البلد على استعداد للدفاع عن مصالحه الاقتصادية عندما يأتي التناقض المصلحي أو الحصار الاقتصادي أو الغضب السياسي كرد فعل طبيعي لدولة متقدمة تريد الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وامتيازاتها الاقتصادية.

المغرب إحدى هذه الدول، حيث يطمح إلى التغيير وتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لكل فرد داخل المجتمع، لكن استمرار معاناته من التخلف رغم الامكانات الهائلة التي يتوفر عليها والمحاولات المتعددة للبحث عن تنشيط وتشجيع بعض من قطاعاته الاستراتيجية، يجعله بعيد عن المسار الحقيقي لبلوغ ما يصبو إليه وفي فشل من تحقيق أهدافه الاستراتيجية العامة والمرحلية. السبب الرئيسي يكمن في أن أغلبية أهداف هذه المشاريع تظل مرتبطة باحتياجات الخارج خاصة الدول الأوربية. وما يزيد الطين بلة هو الاتجاه السريع والفج في السنوات الأخيرة إلى إقحام الاقتصاد المغربي في علاقة مع الاقتصاد التركي دون مراعاة للضرر الداخلي/الوطني.

إن النموذج التنموي للمغرب لا يمكن أن يكون إلا مغربي-مغربي، أي نموذج مبني على كفاءات وتقنيات ومؤهلات مغربية. هذه المشاريع ستكون الدينامية الوطنية لتطوير باقي القطاعات حتى يتم خلق مسلسل من التطور والتفاعل مع كل القطاعات المكونة للاقتصاد المغربي. أي بناء مشاريع من خارج منطق الاستعانة أو التفويض "the Subcontracting" لأن البلد لا يمكن أن يخلق شروطه المثلى للتراكم المالي والمعرفي والعلمي والتقني المطلوب لاستمرارية مسلسل التنمية دون قطاعات اقتصادية مؤسسة على الإمكانات والمؤهلات الوطنية.

ربط التنمية بالصادرات أو بمشاريع التفويض لن يمكن البلد من خلق شروط القوة الاقتصادية اللازمة للوصول إلى مرتبة الند بالند في مختلف المفاوضات الاقتصادية، ويكون قادرا خلالها على الدفاع عن أهدافه الاستراتيجية الوطنية خاصة مع الدول المفوض لهذه النشاطات الاقتصادية أو المستفيدة من منتوجاته المحلية.

النموذج التنموي المغربي-المغربي هي عبارة تلخص في عمقها مطلبا عادلا لتحرر اقتصادي من تبعية استنزفت خيرات الوطن وشجعت الريع الاقتصادي وعمقت التفاوتات الاجتماعية والترابية، إنه عمق لمشكلة تعاني منها جل الدول الافريقية لأنها القارة التي كانت ولازالت مطمعا للدول المسيطرة على المنظومة الاقتصادية العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي