الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصائص أسواق الأسهم العربية

عبد السميع محمد رضا

2019 / 9 / 12
الادارة و الاقتصاد


أولا : تطور أسواق الأسهم

كما هو معروف، فقد تطورت أسواق الأسهم عبر تاريخ طويل، خصوصاً في الدول المتقدمة، لتتيح للشركات والوحدات الإنتاجية في الاقتصاد الحصول على متطلباتها من رؤوس الأموال لأغراض الاستثمار في توسيع مجال إنتاجها، وذلك عن طريق إصدار أوراق مالية يمكن تداولها بين الراغبين، بحيث تضمن تحريك المدخرات الخاصة وفقاً لمتطلبات تضمن كفاءة توزيعها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في الاقتصاد القومي، وذلك لقلة تأثير المضاربات في توجه الاستثمارات. يمثل سوق الأسهم عموماً مرآة الاقتصاد المعبرة عن صحته وعافيته، إلا أن هذه الآلية قد تكون في كثير من الأحيان معطلة أو لا تعمل بطاقتها القصوي في العديد من الدول النامية لأسباب بنيوية وهيكلية وتنظيمية، ليصبح سوق الأوراق المالية مصدراً غير مستقر بالرغم من أنه رافد أساسي لتمويل القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد، وذلك نسبة لطبيعة عدم استقرار الأموال السائلة عبر السوق وحركتها المتذبذبة وزيادة حساسيتها للأحداث الاقتصادية والسياسية المحيطة بالدولة، ولسلوك الأفراد والمؤسسات المستثمرة في سوق الأسهم.

تشمل الأدوات المالية المتداولة في أسواق الأوراق المالية الأسهم والسندات وعقود الخيارات التي تعطي حاملها حق شراء أو بيع أوراق مالية بأسعار محددة مسبقاً ومتفق عليها قبل أو في تواريخ استحقاق العقود.

عموماً هناك ثلاث ميزات تتسم بها أسواق الأسهم المتطورة، وهي:

السيولة العالية للسوق، التي تعني قدرة السوق على استيعاب كميات كبيرة من الأوراق المالية بسهولة ويسر.
الكفاءة العالية، بحيث تتوفر في كل وقت عمليات بيع وشراء أوراق مالية، مع قلة تأثير الشوائب غير الأساسية، مثل الشائعات والمعلومات الغير صحيحة في التأثير على أسعار الأسهم المتداولة.
التنظيم الفائق، بحيث تحقق الأسعار في السوق درجة من التوازن لكل من البائعين والمشترين، وأن كل منهما يمكن أن يحاط بأكبر قدر من المعلومات عن الأوراق المالية المدرجة.
عند توفر مثل هذه الميزات، فإن السوق عادة ما يوصف بأنه على قدر مناسب من التطور. والسؤال المطروح هو ما مدى توفر بعض هذه العناصر أو الحد الأدنى منها في أسواق الأسهم العربية؟ وللإجابة على هذا السؤال سنتعرف على أهم الخصائص المميزة لأسواق الأسهم العربية، وتشمل: ضآلة حجم السوق، ارتفاع درجة تركيز التداول وضعف فرص التنويع والتقلبات الشديدة في الأسعار.

ثانياً: أهم الخصائص المميزة لسوق الأسهم العربية

إن رصد الوضع الراهن للأسواق الثانوية أو البورصات العربية يوضح وجود عدد من الخصائص الأساسية المميزة لهذه الأسواق، وتشمل:

ضآلة حجم السوق
تختلف الأسواق الثانوية العربية القائمة في ما بينها من حيث حجم الصفقات فيها، ونشاط التداول، وإن تميزت جميعها بضيق نطاقها، مقارنة بأسواق الدول المتقدمة. ففي حين تتميز أسواق كل من دول مجلس التعاون الخليجي بتداول نشط نوعاً ما في أسهم الشركات، فإننا نلاحظ أن الأسواق الأخرى العربية تتميز بركود حركة التعامل وتباطؤ في نموها، فضلاً عن تميز جميع هذه الأسواق بتضاؤل الأهمية النسبية لتداول الصكوك وسندات القروض في كل منها.

وتختلف الأسباب وراء هاتين الظاهرتين (النشاط والتباطؤ) في الدول العربية، فنلاحظ أن دول الخليج تتمتع بتوفر فائض القدرة على التمويل وتحقق مدخرات فردية مرتفعة نتيجة لارتفاع أسعار النفط، حيث لم تجد هذه المدخرات منفذاً للاستثمار والمضاربة إلا في الأسهم، هذا بجانب الإصلاحات التنظيمية التي صاحبت هذه الأسواق في السنوات الأخيرة، وتهيئة الأطر القانونية والتنظيمية المناسبة، وإتباع سياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية.

ومن ناحية أخري، فإن سيادة نمط الشركات العائلية المغلق في الأقطار العربية، واحتفاظ المساهمين بما في حوزتهم من أسهم واعدة دون عرضها للتداول، وارتفاع نسبة نصيب القطاع العام في ملكية الشركات العامة في بعض الدول العربية، كل ذلك من الممكن أن يكون وراء ظاهرة ضيق نطاق السوق وركود حركة التداول فيها.

يرى البعض أن حجم السوق وصغر متوسط رأس المال للشركات المدرجة فيه يترتب عليهما زيادة تقلبات الأسعار غير المبررة، خاصة في ظل ظروف ضعف الرقابة والنقص في الإفصاح مع انخفاض دور المستثمر المؤسسي في أنشطة التداول.

أما بالنسبة لسوق السندات، فإنه يلاحظ اعتماد الحكومات في هذه الدول على سياستها المالية في تمويل العجز في الموازنة العامة من خلال الاقتراض المحلي، مما أدي إلي تشجيع إصدار السندات، إلا أن النمط المؤسسي لحيازة هذه الأدوات (أي تمركز الملكية في المؤسسات دون الأفراد) قد حال دون تداولها في السوق الثانوية وبالتالي الإسهام في ركودها.

تتميز أسواق الأسهم العربية عموماً بضيق نطاق السوق من حيث انخفاض العرض الذي يقاس بعدد الشركات المدرجة فيه وانخفاض الطلب المتمثل في انخفاض عدد وحجم أوامر الشراء. وباستثناء سوق الجزائر الذي يتضمن شركتين فقط، فإن متوسط عدد الشركات المدرجة في الأسواق العربية، كما هو موضح في (جدول رقم 1)، حوالي 111 شركة، ويعتبر هذا العدد منخفضاً مقارنة مع الأسواق الناشئة والمتقدمة حيث يصل متوسط عدد الشركات في الأسواق الناشئة حوالي 300 وفي الأسواق المتقدمة حوالي 700 شركة.

كما تتسم البورصات العربية بصغر متوسط حجم رأس المال السوقي للشركات المدرجة، حيث يصل متوسط حجم رأس مال الشركة الواحدة حوالي 700 مليون دولار لعام 2007، وذلك باستثناء السوق السعودي، الذي يعتبر أكبر الأسواق العربية، حيث يصل متوسط حجم الشركة الواحدة حوالي ثلاث مليارات دولار أمريكي. كما تتسم البورصات العربية بصغر متوسط حجم رأس المال كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، فباستثناء أسواق الكويت والبحرين وعمان التي ترتفع فيها نسبة رأس المال إلي الناتج المحلي، فإنه يلاحظ انخفاض هذه النسبة في بقية الأسواق العربية لأقل من 100% .

كما يلاحظ أيضاً في الأسواق العربية انخفاض مؤشر نشاط السوق، الذي يقاس بمعدل حجم الأسهم المتداولة منسوبة إلى مجموع الأسهم المدرجة في السوق (مؤشر دوران السهم)، حيث لا تتجاوز هذه النسبة في الأسواق العربية 25%، بينما تصل هذه النسبة في الأسواق الناشئة الآسيوية حوالي 75%.

ثالثا : تجارة الاسهم في البورصات العربية

عربيا تتمركز تجارة الأسهم في دول الخليج العربي خاصة السعودية حيث تمتلك المملكة العربية السعودية أكبر بورصة عربية بقيمة سوقية تعدت 494 مليار سنة 2017 وقدر تجارة الاسهم بها بحوالي 66 مليار دولار وبقية 561 دولار للسهم الواحد٬

آما بورصة الإمارات العربية المتحدة فكانت في المرتبة الثانية عربياً، من حيث القيمة السوقية، وقد بلغت حوالي 221 مليار دولار، إذ ارتفع مؤشر بورصة دبي بنسبة 11.99% في نهاية العام الماضي، فيما ارتفع مؤشر بورصة أبو ظبي بـ5.56%. وارتفع عدد الأسهم المتداولة في بورصة دبي إلى حوالي 158.898 مليار سهم، قيمتها 102.614 مليار دولار.

في المرتبة الثالثة كانت قطر حيث قدرت القيمة السوقية للبورصة القطرية بحوالي 185 مليار دولار وقدر عدد الاسهم المتداولة في البورصة 4.24 مليار سهم وقيمتها الاجمالية 52 مليار دولار.

اما بوصة الكويت فكانت في الترتيب الرابع عربيا وقدت قيمتها السوقية بحوالي 99.2 مليار دولار وقدر عدد الاسهم المتداولة بحوالي 52 مليار سهم٬ بقيمة اجمالية قدرت بـ 20.3 مليار دولار.

تعتبر مصر اول دولة عربية في التريب خارج دول مجلس التعاون الخليجي حيث جاءت في الترتيب الخامس حيث قدرت قيمتها السوقية بحوالي 69.913 مليار دولار أما عدد الاسهم المتداولة فتقد بـ 54 مليار سهم بقيمة اجمالية تجاوزت 27 مليار دولار.
هناك دول عربية صاعدة في هذا المجال مثل بورصة المغرب والأردن وسلطنة عمان والبحرين حيث تعمل هذه الدول على تطوير قطاعها المالي لجلب المستثمرين سواء افراد او شركات خصوصا مع الثورة الكبيرة التي عرفتها منصات التداول عبر الانترنت.

رابعا : من تجارة الاسهم الى تجارة العملات الرقمية

من الصعب جدا الحصول على ارقام صحيحة ودقيقة في هذا المجال خاصة على المستوى العربي لكن عرفت هذه العملات رواجا كبيرا خاصة بعد ادراج العملات الرقمية رعلى رآسهم البيتكوين في اكبر البورصات العالمية٬ حيث شهد البيتكوين منذ سنة 2017 حركات كبيرة جدا في اسعاره حيث انتقل سعر واحد بتكوين من 400 دولار في منتصف سنة 2017 الى اكثر من 17 الف دولار في نهاية سنة 2017 وبداية 2018 وهذه الزيادة الكبيرة جدا لم تعرفها اي عملة من قبل - ويرجع هذا التذبذب الكبير في اسعار العملات الرقمية الى غياب جهة رقابية تراقب حركته.
واستقر سعر البيتكوين حاليا عند حدود 10 الاف دولار ويرجع هذا الارتفاع الى الطلب الكبير على هذه العملة الرقمية حيث يمكن استخدامها او تحويلها الى جهة في العالم في زمن لا يتعدى 10 دقائق بغض النظر عن قيمة المبلغ حتى وان كانت تساوي مليار دولار.
وتقدر القيمة السوقية الحالية للعملات المنتشرة في السوق والتي تقدر بأكثر من 1000 عملة بحوالي 600 مليار دولار وهي قيمة كبيرة جدا تتيح فرص كبيرة جدا للمتداولين على تحقيق ارباج كبيرة جدا في وقت قصير.
ورغم ان التدوال على العملات الرقمية متاحة في الدول العربية عبر منصات التداول الا أن بعض الدول العربية قد منعت استخدامها مثل الجزائر ومصر.

خامسا : المنصات الالكترونية عبر الانترنت لتداول الأسهم و العملات الرقمية

عرفت البورصات العالمية في السنوات الاخيرة دخول مضاربين جدد من مختلف أنحاء العالم خاصة في المنطقة العربية وبالأخص منطقة الخليج العربي مثل السعودية٬--- حيث ظهرت هناك العشرات من المنصات التي توفر التداول بمبالغ بسيطة سواء تداول الاسهم او العملات الرقمية .
حيث أصبحت هذه المنصات تعمل كوسيط بين المتداول والاسواق العالمية حيث تتيح لك مثلا شراء وبيع الاسهم في البورصة السعودية من المنزل بدون الحاجة الى الانتقال هناك او فتح حساب في احد البنوك السعودية٬ حيث يمكنك شحن حسابك وبدأ التداول عن طريق اي بطاقة بنكية توفرها أحد البنوك المحلية في دولتك.
لكن ما يجهله الكثيرين من العرب ان نسبة المخاطرة في التداول كبيرة جدا وعليك الحصول على استشارات وتدريب عملي كبير قبل الدخول الى هذا الميدان٬ لهذا يتعرض الكثير من الأشخاص لخسائر كبيرة بسبب جهلهم لأساسيات التداول.
وفي الاونة الاخيرة ظهرت الكثير من المواقع العربية توفر شروحات ونصائح حول كيفية تداول الأسهم والعملات الرقمية مثل موقع : https://live24ksa.com وهو موقع سعودي يقدم شروحات جيدة وعلمية سواء للمبتدئين او المتقدمين في التداول عبر البورصات.

تزايدت في الآونة الأخيرة أهمية أسواق رأس المال (البورصات) كواحدة من أهم روافد التمويل للقطاعات الإنتاجية في اقتصادات الدول النامية، خاصة في ظل العولمة وحرية حركة رؤوس الأموال بين الدول، لكن رغم هذه الأهمية، فقد بدت لدى البعض في السنين الأخيرة بعض الشكوك حول فعالية أسواق الأسهم في توزيع الموارد الاقتصادية بالوجه المطلوب بالنظر لعدم استقرار الأموال السائلة عبر هذه الأسواق وحركتها المتذبذبة، وزيادة حساسيتها للمستجدات السياسية والممارسات الغير رشيدة لبعض الأفراد والمؤسسات المشاركة في الأنشطة الاستثمارية في الأسواق.

تم في هذا المقال تسليط الأضواء على أهم السمات التي تميز الأسواق العربية في مجال الاسهم والعلمات الرقمية عن الأسواق المتطورة بهدف تحديد أوجه القصور ومواضع ضعف هذه الأسواق. في ما يلي استعراض لأهم خصائص أسواق الأسهم العربية:

أولاً: تتسم الأسواق العربية بضيق النطاق المتمثل في انحصار الأوراق المالية المتداولة في الأسهم العادية فقط، دون وجود دور لأوراق مالية أخرى في عمليات التداول، هذا بجانب انخفاض عدد الشركات المدرجة في الأسواق وارتفاع نصيب القطاع العام في ملكية الشركات العامة المدرجة للتداول فيها. هذا بجانب ضآلة دور المستثمر المؤسسي في الأنشطة الاستثمارية، الذي لا يتجاوز 30% في أسواق الأسهم العربية مقارنة بنسبة 75% في الأسواق المتطورة. كل ذلك من شأنه أن يسهم في انخفاض العرض من الأوراق المالية المتداولة في هذه الأسواق.

ثانياً: ارتفاع درجة تركيز التداول تتسم أسواق الأسهم العربية أيضاً بقلة الأسهم النشطة فيها، حيث نجد قليلاً من الأسهم المدرجة يحظى بإقبال المستثمرين عليها، بينما ينخفض الطلب على بقية الأسهم. ومن أهم أسباب ارتفاع درجة تركيز التداول في الأسواق العربية ضيق نطاق الاقتصادات العربية المتمثل في هيمنة قطاعات محدودة جداً على النشاط الاقتصاد الكلي، هذا بجانب طبيعة سلوك المستثمر في هذه الأسواق، الذي تحكمه في الغالب سياسة القطيع والانجراف وراء الشائعات والمعلومات الغير صحيحة.

ثالثاً: تقلبات الأسعار الشديدة

ترجع أهم أسباب التذبذبات المفاجئة والغير مبررة التي تتسم بها الأسواق العربية إلي ضآلة الدور الذي يلعبه المستثمر المؤسسي في أنشطة هذه الأسواق، وعدم ارتباط أسعار الأسهم بالمؤثرات الأساسية للاقتصاد الكلي، وازدياد التكامل المشترك للأسواق العربية مع الأسواق العالمية والإقليمية، الأمر الذي يزيد من حساسية هذه الأسواق للمستجدات الإقليمية والعالمية معاً.

المصادر والمراجع :
من أهم تداعيات ازدياد التكامل المشترك بين أسواق المال ازدياد فرص انتقال العدوي (Con-tagion) بين أسواق المال، ولذلك ليس من الغرابة أن تتأثر أسواق الخليج سلباً بالهبوط المفاجئ الذي لازم سوق دبي المالي عقب إعلان ممارسات فساد في بعض مؤسسات القطاع الخاص العاملة في مجال العقار في دبي في شهر يونيو لعام 2008.

المراجع العربية
صندوق النقد العربي، قاعدة بيانات أسواق الأوراق المالية العربية، النشرة الفصلية، الربع الثالث 2008.

المراجع الإنجليزية
Onour, I., (2009) “Volatility Transmission Across GCC Stock Markets” Journal of Development and Economic Policy, (Forthcoming).

-----------,( 2008) “Decomposing Fundamental and Nonfundamental Volatility Components in GCC Stock Markets” unpublished research paper.

Teweles R., Bradley E., and Teweles T., (1992), The Stock Market. 6th edition, New York, Wiley.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 26-4-2024 بالصاغة


.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”




.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة