الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكفالة بالنفس ببين تعاليم الشريعة الاسلامية والقانون العراقي

أكرم حياوي طعمه الشيخ علي
باحث وناشط مدني وقانوني

(Akram Hyyawi Ali)

2019 / 9 / 18
دراسات وابحاث قانونية


الكفالة بالنفس ببين تعاليم الشريعة الاسلامية والقانون العراقي
تعد الكفالة عقد من العقود المشروعة, كونها تتضمن على مظاهر التعاون والترابط بين الناس, لغرض الحفاظ على حقوق الاخرين , ومن هنا نجد ان الشريعة الاسلامية قد نظمت حياة البشرية بإحكام ونظمت ادق التفاصيل سواء في العبادات او المعاملات, لغرض معرفة ماله الانسان وما علية على الرغم من تنوع اشكال التعاون والتعامل بين الافراد وبذلك فأن الكفالة تضمن حقوق الاخرين فقد ورد معنى الكفالة في القرأن الكريم بقولة تعالى (فتقبلها ربها بقبول حسن وانبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا)( ).
وهنا نجد ان تفسير هذه الآية تبين ان النبي زكريا اصبح كافلا الى السيدة مريم وضامنا لمصالحا قائما بتدابير جميع احتياجاتها, وكذلك قولة تعالى (قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم)( ), وأما السنة المطهرة فقد دلت على مشروعية الكفالة من خلال عدة احاديث وردت عن النبي صلى الله علية واله وسلم اهمها: (الزعيم غارم)( ). ومعناه: أنه يغرم ما ضمنه, أما قول موسى بن جعفر (ع) حين سأله حسين بن خالد: جُعلتُ فداك قول الناس: (الضامن غارم)؟ فقال (ع): (ليس على الضامن غرم، الغرم على من أكل المال)( ) فيراد به قرار الضمان.
إن عقد الكفالة الذي سوف نتطرق الية في بحثنا هذا , ليس كما متعارف علية بضمان الكفيل للدائن بسداد المال الذي بذمة المدين. انما هو عقد كفالة بالنفس يضمن الكفيل بإحضار المكفول ببدنه وتسليمه الى المكفول في الزمان والمكان المعين, ومن خلال ما ذكر يطلق على هذا العقد عقد الكفالة بالنفس كون الكفيل تعهد بنفس المكفول.
تعريف الكفالة وانواعها:
اولاً: تعريف الكفالة باللغة والاصطلاح:
أ- الكفالة لغة: الضم: يقال كفل فلان فلانا بمعنى ضمه اليه.
ومنه قوله تعالى (وكفلها زكريا),أي جعله يضمها الى نفسه ليعولها ويقوم بتربيتها, وجاء في الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)( ), بمعنى الذي يضمه الية في التربية( ).



2-اصطلاحا: ذكروا للكفالة تعاريف ومنها:
*هي التعهد كالنفس، أي التزام إحضار المكفول حتى طلبه المكفول له.
*إحضار شخص غائب أو هارب لدين أو أية مرافعة قضائية، يكون هو المدعى عليه فيها أو المنكر.
3- تعريف تعرٌف الكفالة بالنفس فًي الفقه الإسلامي
أ- تعرٌيف الكفالة بالنفس عند فقهاء الامامية.
عرف فقهاء الامامية الكفالة بالنفس باعتبارها (عقد شرع للتعهد بالنفس)
كما ورد تعريف في مباني منهاج الصالحين بأن الكفالة بالنفس هي (تعهد بإحضار المديون وتسليمه الى الدائن عند طلبه ذلك).
ب- تعريف الكفالة بالنفس عند فقهاء الحنفية.
تعرف الكفالة عند مذهب الحنفية بأنها ضم ذمة الكفيل الى ذمة الاصيل في المطالبة مطلقا بنفس او بدين او عين.
ج- تعريف الكفالة بالنفس عند فقهاء الحنابلة:
جاء في كتاب الكافي ان الكفالة تعني كفالة بدن كل من يلزمه الحضور في مجلس الحاكم بحق.

4- تعرٌف الكفالة بالنفس فًي القانون المدنًي العراقي .
عرف القانون المدنًي العراقًي عقد الكفالة النفس فًي الفرع الثالث الذي خصصه للكفالة بالنفس
فًي المادة (1017) منه بالقول : " المضمون فًي الكفالة بالنفس هو إحضار المكفول به , فإن
إشترط فًي الكفالة تسلٌيمه فًي وقت معٌين , ٌيجبر الكفٌيل على إحضاره وتسلٌيمه للمكفول له فيً
هذا الوقت إن طلبه , فإن أحضره يبرأ من الكفالة , وإن لم يحضره جاز للمحكمة أن تقضًي
على الكييفٌل بغرامة تهدٌيديه مالم يظهر عجزه وعدم إقتداره على إحضار المكفول به".




انواع الكفالة:
1- الكفالة بالمال
2 الكفالة بالنفس
3 – الكفالة بالتسليم

حكم الضمان بالنفس:
اذا كفل شخص اخر بنفسه وان الكفيل قصر في احضار مكفوله , هنا اختلف الفقهاء في كلمتهم في هذه المسأله على مذهبين:
المذهب الاول : ذهب الحنفيه والشافعية في حال تقصير الكفيل في احضار المكفول يحبس الكفيل.
المذهب الثاني : ذهب المالكية والحنابلة , في حال قصر الكفيل يضمن ما على مكفوله من الدين

موقف المشرع العراقي في حالة اخلال الكفيل بإحضار المكفول :
ان الاجابة على هذه المسالة وفق القانون العراقي تكون من خلال حصولنا على قرار حكم جزائي صادر من محكمة استئناف كربلاء الاتحادية بصفتها التمييزية كما موضح ادناه:
حكم : جزائي
رقم الحكم :27/الكفالة/2007
جهة الاصدار:محكمة استناف كربلاء الاتحادية بصفتها التمييزية
مبدء الحكم
اذا اخل كفيل المتهم بكفالته ولم يتمكن من احضار مكفوله فلا يكون ذلك متهماً بجريمة لان الكفالة بالنفس مشار اليها في المواد (1017-1019) من القانون المدني وان ما اشارت اليه المادة (119) من قانون اصول المحاكمات الجزائية هو أحالة الكفيل على محكمة الجنح لتقرر ما تراه مناسباً بشأن مبلغ الكفالة أن كانت تدفع بالكامل او انقاصها او اعفائه منه ولا يتضمن ذلك حكماً غيابياً لان المادة (119) من الاصول لا تضمن نص عقاري.
نص الحكم
لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الموضوع وجد ان كلاً من (ع) و (م) و (ك) قد وقعوا صك كفالة امام السلطة التحقيقية كفلوا بموجبها المتهم (ع) بالنفس وبموجبها تعهدوا بأحضار امام السلطة التحقيقية متى طلبت ذلك وبمبلغ عشرة ملايين دينار وتم ايداعها سهواً أمانة في محكمة التحقيق ولكنها سجلت بنفس الصيغة لدى محكمة الجنح وتم قطع الوصل 240322 في 26/3/2007 وبسبب اخلال الكفلاء بكفالتهم فقد تم اتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم ودونت اقوالهم بصفة متهمين أمام قاضي التحقيق وبعدها أحال قاضي التحقيق هؤلاء بنفس الصفه على محكمة جنح كربلاء لمحاكمتهم بدعوى (غير موجزة) وفق المادة 119 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وفي محكمة الجنح تم تدوين هوياتهم بصفة متهمين وتم الاستماع الى اقوالهم بنفس الصفة وقد وجد ان ما اتخذته محكمة التحقيق من الاجراءات بحق هؤلاء بتدوين أقوالهم كمتهمين وما ورد بقرار الاحالة فقد وجد ان هذا القرار غير سليم من الناحية القانونية لان المذكورين هم كفلاء للمتهم (ع) وان الكفالة بالنفس مشار اليها في احكام القانون المدني وفق المواد 1017-1019 وليسوا متهمين حيث لا يوجد نص في قانون العقوبات يعاقب بموجبه الكفيل عند الاخلال بكفالته وانه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص وان نص المادة 119 من قانون اصول المحاكمات الجزائية خال من اية عقوبة وانه يتمحور حول الكفالة بالنفس وكيفية استحصالها في حالة عجز الكفيل عن احضار مكفوله وان الكفالة بالنفس اذا ما نضمت امام سلطة تحقيقية تعد عقداً بين الكفيل والسلطة التحقيقية وبموجبها يقدم الكفيل اموالا ضماناً لالتزام معين يلتزم به المكفول فإذا لم ينفذه يكون الكفيل حينئذ ملزما بتقديم المبلغ المحدد في صك الكفالة لذا فان التزامه هذا لا يتعدى كونه التزاماً مالياً واذ نصت المادة 119 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أحاله الكفيل على محكمة الجنح فلا يتم وفق الصيغة التي اتبعتها محكمة التحقيق وانما بموجب قرار يسطر على الاوراق يتضمن أحاله الكفلاء على محكمة الجنح لاستيفاء مبلغ الكفالة وفق المادة119 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وفي حالة ورود الاوراق الى محكمة الجنح فأنها تصبح والحالة هذه كدائرة تنفيذ ومهمتها تحديد الية استحصال الكفالة كلاً او جزاءً ا تقسيطها بأقساط شهرية يتم تحديدها من قبلها وعليها تطبيق أحكام قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 980 المعدل بالمادة 43 منه اذا ارادت حبسه واذا ارادت حجز أمواله إيداع القرار لدى دائرة التنفيذ بغية ايقاع الحجز التنفيذي وتسجيل قضية الكفلاء لا يتم في سجل اساس الدعاوى الجزائية وانما يتم في سجل خاص بفتح لهذا الغرض تحت عنوان سجل الكفالات الجزائية لذا وجد ان قرار قاضي التحقيق بإلاحالة قد شابه عيب من الناحية القانونية لذا قرر نقض القرار تمييزاً بقرار الاحالة المرقم 11/إحالة/2007 في 22/3/2007 الصادر من محكمة تحقيق كربلاء ونقضه لأتباع ما تقدم بشأن الكفلاء وصدر القرار بالاتفاق في 15/7/2007


عوى إخلال الكفيل بالكفالة
أن إخلال الكفيل بكفالته ليست جريمة . وان القرار الصادر ضد الكفيل ليس قرار إدانة ولاقرار عقوبة . وإنما هو اجراء تقوم به محكمة الجنح لاستحصال مبلغ التعهد او الكفالة ممن اخله به لغرض الضمان .
لذا ليس من الصحيح أن يحيل قاضي التحقيق الكفيل وفق المادة ١١٩ من قانون أصول المحاكمات الجزائية لإجراء محاكمته وفق المادة المذكورة وإنما يتم احالته بموجب كتاب وفق المادة ١١٩ الى محكمة الجنح لاستحصال مبلغ الكفالة منه .
وقد نص قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ٢٣ لسنة ١٩٧١ على أحكام الكفاله في المواد من ١١٤ _ ١٢٠ ومن نص المواد اعلاه نلاحظ مجموعه من الملاحظات
١ _ يعد الإخلال بالكفاله من اختصاص محاكم الجنح ولو وقع الاخلال أمام محاكم الجنايات
٢_ الكفيل ملزم بإحضار المتهم في الوقت المعين واذا لم يحضر المتهم أمام المحكمة المختصه ففي هذه الحالة يتم فرد أوراق تحقيقية خاصه بالكفيل وفق المادة ١١٩ الاصولية فإذا فردت أوراق تحقيقية فإن الكفيل ملزم بالحضور شخصيا أمام محكمة الجنح ليوضح الاسباب التي أدت إلى عدم تمكنه من احضار مكفوله المتهم
٣_ تمتلك محكمة الجنح سلطة تقديرية واسعه في تحصيل مبلغ الكفالة ممن اخل بالتزامه فلها أن تقرر تحصيل المبلغ كله او بعضه حسب ظروف كل قضية او أن تعفيه منه اذا كان الإخلال لسبب اضطراراي او تقرر تحصيله مقسطا لمدة لا تتجاوز سنه واحده او حجز المبلغ المودع نقدا
٤_ تلعب محكمة الجنح دور بارز من خلال تحصيل مبلغ الكفاله المحكوم به وليس دائرة التنفيذ فقاضي الجنح له كل الصلاحيات باستيفاء مبلغ الكفاله باستثناء حجز أموال الكفيل وبيعها فيتم ذلك بناء على مذكرة تقدمها المحكمة إلى المنفذ العدل لاستيفاء المبلغ المحكوم به من ثمنها حيث يكون حجز أموال الكفيل وبيعها من اختصاص دائرة التنفيذ
٥_ممكن حبس الكفيل عند اخلاله بالكفاله لمدة لا تتجاوز ستة أشهر ولكن حبس الكفيل لا يجوز إلا باحدى حالات وهي :
_ اذا لم يكف الثمن المتحصل من بيع الاموال لسداد مبلغ الكفاله
_ اذا لم توجد للكفيل اموال او كانت لديه أموال لا يجوز حجزها
_ اذا امتنع الكفيل عن بيان تسويه مقبوله
وقد ذهبت محكمة استئناف بابل بصفتها التمييزيه بقراراها ١٢٤ / ت / جزائيه في ٧ / ٣ / ٢٠١٦ إلى( .... أن إخلال الكفيل بكفالته وعدم وجود سبب اضطراراي يبيح له ذلك كما أنه لا يوجد له اموال يجوز حجزها وبيعها ولم يقدم تسويه مقبوله لسداد المبلغ فإن ذلك يسوغ للمحكمة حبسه مدة لا تتجاوز ستة أشهر وفقا لصراحة المادة ١١٩ / ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية وبما أن القرار المميز التزم الوجهة المتقدمه قرر تصديقه... )
قرار تمييزي آخر
(ن أحكام الماده 119 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 هو نص تنظيمي اجرائي وليس عقابيا وعلى محكمة الجنح اتباع الإجراءات القانونية والتي جائت متسلسله بنص المادة أعلاه لاستحصال مبلغ الكفاله كله أو بعضه أو أن تعفي الكفيل إذا كان الاخلال لسبب اضطراري او ان تقرر تحصيله مقسطا لمده سنة واحده وإن لا تلجأ مباشرتا إلى حجز أموال الكفيل المنقوله وغير المنقوله دون أن تبين سبب الزامه بكامل المبلغ كما يجب ربط نسخه من اضبارة الدعوى الاصليه لكي تكون مدار تحقيقات محكمة الجنح بحكم كون أن استحصال مبلغ الكفاله كلا أو بعضا أو الإعفاء منه يكون بحسب ظروف كل قضيه)
و مما يجب ان نتوقف عنده هو اذا ما صدر قرار بحبس الكفيل، وهذا القرار من اختصاص محكمة الجنح فقط وان قاضي التحقيق لا يملك سلطة التوقيف تجاه الكفيل إطلاقا ولا حتى ان يكفله عن إخلاله بالالتزام الوارد بالكفالة، وهنا يثار السؤال هل تسقط عقوبة الحبس المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة 119 أصول محاكمات أم تبقى اذا قام الكفيل بدفع مبلغ الكفالة المحكوم بها ، وهنا يرى الباحث الجواب يكون بإسقاط العقوبة لان التزام الكفيل بموجب الأحكام النافذة لا يتعدى كونه التزاما ماليا وتخضع طرق تحصيله لأحكام قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل ولابد لنا ان نبين ان الكفيل لا يجوز توقيفه إطلاقا اذا لم يتمكن من إحضار مكفوله سواء كان عن عمد أم لأمر خارج عن أرادته حيث ان التوقيف يجب ان يتأسس على نص عقابي نافذ عملا بأحكام القاعدة الفقهية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص أو بناء على نص ) وان الاتجاه بخلاف ذلك يمثل خرقا لحقوق الفرد التي ضمنها الدستور وصانتها القوانين النافذة .
ومن خلال هذا الطرح ندعو كل أصحاب العلاقة بموضوع الكفلاء إلى مراعاة ذلك وان الكفيل يتم توقيفه ويبقى موقوفا لمدة من دون ان تراعى أحكام المادة 119 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي يعدها بعضهم السند القانوني لتوقيف الكفيل وهي التي لم يرد فيها نص يعدها جريمة معاقبا عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Students in the USA are protesting in support of Palestinia


.. إسرائيليون يتظاهرون قرب منزل بيني غانتس لعقد صفقة تبادل أسرى




.. برنامج الغذاء العالمي يحذر من المجاعة في شمال قطاع غزة... فك


.. مظاهرات واعتقالات في الولايات المتحدة الأمريكية.. حراك جامعي




.. الأمم المتحدة: هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء ال