الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات نقابة المعلمين بالرقة ومهازل الديموقراطية البعثية

أحمد مولود الطيار

2006 / 5 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعتبر نقابة المعلمين وباعتراف السواد الأعظم منهم ، الأسوأ مقارنة بالنقابات المهنية الأخرى . فالمعلم على الرغم من قدسية الرسالة التي يبشر بها والمكانة التي من المفترض أن يتحلى بها , إلا أن واقع الحال يشي بعكس ذلك ؛ فلقد أصبح ذلك المخلوق البائس " ملطشة " الجميع وأولهم النقابة التي قيل أنها وجدت لتدافع عن حقوقه فإذ بها أول من يحمل السكين لتجز رأسه .
في البحث عن الأسباب التي أودت بالمعلم إلى ما هو عليه ، لا يجد المرء كثير عناء ، في أن السبب الرئيس يرجع إلى "أولي الأمر" الذين خططوا لتجهيل المجتمع برمته ، فاتجهوا أول ما اتجهوا إلى المعلم ملقين به في دوامات من الفقر والعوز والحاجة . فتراجعت الرسالة المقدسة التي يحملها المعلم إلى مراتب دنيا ، واتجه ذلك الكائن البائس بعد انتهاء دوامه في البحث عن تأمين لقمة الخبز له ولأطفاله الصغار ..
قمة الاستهتار بلغت ذروتها عندما أرادوا لتلك الشريحة العريضة من المجتمع أن تعبر عن أهدافهم وتوجهاتهم، فكان أن استخدموها لتدجين الجيل بكامله . فقلّما تجد معلما لا ينتمي إلى صفوف حزب البعث،هكذا بتنسيب كمي وقسري يبدأ من الصفوف الأولى أو مع ما يسمى " بطلائع البعث " ، واصلين إلى النهاية "السعيدة" : تجفيف منابع العلم . تجفيف منابع العقل . تجفيف وغسيل دماغ لجيل بكامله . إلغاء السؤال النقدي , سؤال , لماذا وكيف ؟ النهاية الفاجعة والمصير المأساوي : الكل يردد ببغائيا ما يطلب منه . الكل يرتجف وخائف . الكل يهتف بحناجر مجروحة : بالروح , بالدم . الكل يداري ألمه بصمت القبور . الكل يعرف هول الكذبة ولا يجرؤ على الصراخ : الملك عار , الملك عار .
قد يبدو الحديث عن معاناة المعلم نافلا , لا , بل مستهلكا لكثرة ما كتب وقيل والآذان قد ألمّ بها صمم أو كما يقول المثل الشعبي " الشبعان لا يحس بالجوعان " . ما الداعي إذن لنكء الجراح من جديد وإيقاظ آلام أخذت تتأقلم مع مصابها ؟. ماذا حدث من جديد لنذكّر المعلم بواقع اعتاده وأدمن عليه ؟ هل هناك توصيفات ومفردات جديدة تضاف الى : مهمش ، معتّر ، مغبون ، مدجن ، الشغل مو عيب .
نعم . الجديد ، مهزلة أخرى تضاف وترتصف مع سابقاتها : انتخابات المكتب الفرعي لنقابة المعلمين وقهر أخر جديد يودع في أرشيف " المعلمون بناة حقيقيون " .
أعلنت النقابة عن انتخاباتها المقررة كل أربع سنوات بشعارات طنانة وبدون قوائم للحزب والجبهة كما جرت العادة ، لكنها وعند ساعة الحقيقة لحست كل شعاراتها وعادت حليمة لعادتها القديمة .
تقدّم الى انتخابات المرحلة الأولى على مستوى مدينة الرقة / 108/ مرشحين ليتنافسوا على /20/مقعدا ، سبعة منهم يطلق عليهم توصيف " حياديون " ، هذا يعني أنهم لو فازوا جميعا فان حزب البعث يضمن سلفا وقبل البدء بعملية الانتخابات ثلاثة عشر فائزا وهذا يعود كما أسلفنا سابقا الى " تبعيث " قطاع التعليم بكامله ومنع حتى حلفاء البعث فيما يسمى " الجبهة الوطنية التقدمية " من العمل داخل ذلك القطاع . من هنا لا يغيب على فطن ، لا مبالاة القيادات الحزبية والفروع الأمنية بهكذا انتخابات لأن حصة الأسد ستكون مضمونة .والنتائج أكدت ذلك لأن من فاز من " الحياد " لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة . يدرك كذلك " أولي الأمر " أن انتخابات المرحلة الأولى أو التمهيدية غير ذي شأن وأجلوا تكتيكاتهم وحساباتهم والكوتات والمحاصصة الى المرحلة الحسم , المرحلة الثانية . لذلك صدّق المعلمون الكذبة وانطلت عليهم ، لا بل اُستخدموا أحصنة سباق في سباق نتائجه محسومة سلفا لصالح المحسوبيات والقرابات والجهويات وكانت صناديق الاقتراع التي تسابق المعلمون يدلون بأصواتهم فيها والتي يفترض أنها صاحب الكلمة الفصل والقول الحسم , كانت للأسف أخر المقررين .
في المرحلة الثانية التي تضم أربعة شعب للمعلمين ألقت قيادة فرع "حزب البعث العربي الاشتراكي " بكل ثقلها وقامت بتشكيل قائمتها والتهمت من المقعدين الاثنين المخصصين للحياد مقعدا أرضت به " بعثي " ترتبيه متأخرا كونه محسوب " على القيادة " وأقصت من القائمة الزميل " ويس الحمزة " الذي تصدر انتخابات المرحلة التمهيدية أولا بمجموع أصوات تجاوز أل /1200/صوت كذلك كان أولا على مستوى المحافظة والأول على عشرة فيما يعرف ب " الاستئناس الحزبي " الذي يجريه حزب البعث أما زميليه على مستوى المدينة الثاني والثالث سالم العكاوي (1100)صوت وأحمد العلي الزر (1075)صوت فذهبت تلك الأصوات أدراج الرياح ولم يكن حظهما الا كحظ زميلهم الأول ، وجاء الى المكتب الفرعي للنقابة – ممثلا للمعلمين - من تصدر القائمة ولكن من ذيلها !!
جرت الانتخابات النهائية في مقر فرع حزب البعث وبحضور نقيب المعلمين المركزي محمود زعترية ورئيس مكتب التربية عضو قيادة فرع الحزب شويش البطحاوي ، حيث تم توزيع الأوراق الانتخابية حسب أسماء الشعب – المدينة ، الريف ، الثورة ، تل أبيض – وهنا ابتدأ مسلسل (مهازل الديموقراطية البعثية ) حيث كانت هذه الأوراق مرقمة من الخلف ليتسنى فيما بعد مطابقة الرقم مع الاسم ومعرفة من شطب القائمة و من لم يشطبها !!!! .والويل كل الويل لمن يشطب القائمة التي زكتها القيادة الحكيمة ، فالمعلمون حسب عبقرياتهم الفذة لا يحسنون الاختيار ولم يبلغوا سن الرشد (...) . بعد اكتشاف هذه المهزلة واعتراض بعض المستقلين والبعثيين الشرفاء وان الأمور تجري بتوجيه واضح ومكشوف لإنجاح القائمة المعدّة والمسبقة الصنع . اختلط الحابل بالنابل . حيث قال البعض ممن كانوا شاهد عيان على تلك المسرحية الهزلية : لامكان في عقلية نظام البعث الا للعشيرة والمحسوبية والاستزلام .
لا مكان في عقلية نظام البعث إلا جملة جورج بوش الشهيرة " من لم يكن معنا فهو ضدنا ولقد ترجمت هذه العبارة في أبشع صورها عبر تطاحن بعثي بعثي غطاءه الخارجي كان البعث ومستترة مصلحة العشيرة في أضيق صوره وتمّ بالفعل إقصاء بعثيين قدامى تصفية لحسابات سابقة .
و... تصبحون على ديموقراطية .


الرقة - سوريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م