الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس الاتحاد المغيب المفقود

سالم روضان الموسوي

2019 / 9 / 24
دراسات وابحاث قانونية


اقر الدستور العراقي لعام 2005 النافذ شكل النظام في العراق بأنه برلماني اتحادي وعلى وفق المادة (1) من الدستور التي جاء فيها الآتي (جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ، وهذا الدستور ضامنٌ لوحدة العراق.) وتكاد كل مواده وفقراته لا تخلوا من عبارة (اتحادي ومشتقاتها) وهذا التأكيد على وصف العراق بأنه دولة اتحادية له أثار دستورية مهمة، منها إن نظام الحكم فيه غير مركزي لوجود أكثر من سلطة لها صلاحيات مستقلة عن الأخرى ومثال ذلك إقليم كردستان، الذي اقر الدستور وضعه القائم حالياً وعلى وفق المواد (117) و (141) من الدستور، ومن بين الصلاحيات الموزعة بين الإقليم والمركز هي الصلاحية التشريعية حيث إن التشريعات التي يسنها مجلس النواب العراقي لا تنفذ ولا تطبق في إقليم كردستان إلا بعد المصادقة عليها من برلمان الإقليم لان له مجلس وطني يتولى تشريع القوانين الخاصة به على وفق أحكام المادة (56) من قانون المجلس الوطني لإقليم كردستان رقم (1) لسنة 1992 المعدل وهو بمثابة الدستور للإقليم لحين إقرار دستور جديد له، كما إن ما يشرعه المجلس الوطني لإقليم كردستان لا يسري خارج حدوده الإقليمية، وهذا الأمر طبيعي جداً في جميع الدول الفدرالية، لذلك ظهرت الحاجة إلى مجلس يجمع تلك الأقاليم يكون مرشداً وساهراً على الحقوق الفدرالية المكتسبة للإقليم ولعموم البلد بوصفه دولة اتحادية، ونجد في الأنظمة الدستورية في العالم وجود هذا المجلس وبمسميات متعددة لكنها تتفق في اختصاصاتها وأطلق عليها فقه القانون الدستوري (غرفتي التشريع) والدستور العراقي تماشياً مع هذا الاتجاه اقر وجود غرفتين للتشريع الأولى مجلس النواب والأخرى لمجلس الاتحاد، إلا أن كاتب الدستور لم يكتب تفاصيل مجلس الاتحاد مثلما كتب تفاصيل مجلس النواب وقد يكون متعمداً في ذلك لغرض تمرير الدستور بسبب الظروف التي كانت تحيط به عند كتابته وهذا ما أرجحه ولا إميل إلى إن الأمر تم سهواً ، ومع ذلك فانه ترك لمجلس النواب أن يقرر قانون مجلس الاتحاد ومنحه مهلة دورة انتخابية واحدة وبعدها لابد من إقراره وعلى وفق ما جاء في المادة (137) التي جاء فيها الآتي ( يؤجل العمل بأحكام المواد الخاصة بمجلس الاتحاد أينما وردت في هذا الدستور، إلى حين صدور قرارٍ من مجلس النواب، بأغلبية الثلثين، بعد دورته الانتخابية الأولى التي يعقدها بعد نفاذ هذا الدستور) ومضى على ذلك الحال ثلاث دورات والآن نحن في الدورة البرلمانية الرابعة، ولم نرى القانون كما إننا لم نسمع عن جهود لتشريعه ولم تضعه رئاسة البرلمان أو الكتل السياسية في أولوياتها مع إن رئاسة الجمهورية أرسلت مشروعه منذ عام 2010 إلا انه ما زال حبيس أدراج مجلس النواب لأسباب غير معلنة ، وارى إن استمرار هذا الحال هو خرق دستوري يحب أن يتداركه مجلس النواب لأنه لا يقل أهمية عن القوانين التي تعتبر خلافية مثل قانون المحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز وغيرها من القوانين، وما يلفت النظر إن عدم الاهتمام بهذا القانون المهم كان واضحاً حتى في البرامج الانتخابية التي أعلنها المرشحون في تلك الانتخابات، حيث لم يتم التطرق إليه ولا جعله من الشعارات أو الأهداف الانتخابية، علماً انه يعتبر من قوانين الكتلة الدستورية أي إنها بقيمة الدستور ذاته ولها الاعلوية والأولوية على سائر القوانين، ومن مراقبة المشهد النيابي أرى بان أعضاء مجلس النواب ليس لهم الجدية في إقراره ، مع ان المحكمة الاتحادية العليا قد اصدر قرارها التفسيري العدد 72/ اتحادية/2012 في 1/10/2010 الذي ألزمت بموجبه مجلس النواب باتخاذ الإجراءات التنفيذية لإقرار هذا القانون ورسمت له الآلية الدستورية في كيفية تطبيق المادة (137) من الدستور من اجل إظهاره للعلن ، لكن لم نلمس اي جدية تجاه هذا الموضوع والسبب لربما يكون على وفق ما ذكره احد السياسيين حول عدم تشريع هذا القانون بقوله إن الدستور أعطى لمجلس النواب صلاحية تشريع قانون لإيجاد (ضره) له ، ويردف بالقول فكيف له إن يستحدث ضره تشاركه السلطة والسطوة، لذلك أدعو والى إكمال البناء الدستوري بإيجاد المؤسسات الدستورية ومنها مجلس الاتحاد لان سائر المباني الدستورية لها مؤسسات تقوم بمهامها إلا مجلس الاتحاد ما زال مغيباً عن المشهد التشريعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة