الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباب العراق في زمن الرصاص .1.

مهند البراك

2019 / 10 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اندلعت انتفاضة شباب العراق الابطال في الاول من تشرين اول/ اكتوبر من العام الجاري و سجّلت و تسجّل ملاحم لم تتصورها الكتل الحاكمة و لا السلطات الثلاث و الاحزاب، رغم تنبيه العديد من الكتاب و المحللين الى ان اهمال الجماهير الشعبية و خاصة الكادحة منها سيؤدي الى انفلات الاوضاع كلّها بوجه السلطات الحاكمة، بعد ان وصل الألم و الحرمان مداه، ولأن ليس لديها ماتخسره.
اشعل الانتفاضة شباب العراق من الأجيال الأقل من عمر 20 عام ، ليعطوا درساً للجميع فيما يعانيه الشعب العراقي على كل المستويات، التي صار لا يحدّها مقال او بحث، معاناة تسبب بها الفساد و الارهاب و البطالة و الفقر، التي تسببت بها الفئات الحاكمة التي تعكّزت و تستّرت فيها بملحمة الحسين الشهيد زوراً و بهتاناً، في محاولة لتغطية نهبها و سرقاتها الفلكية بنظام المحاصصة الذي حوّل البلاد الى كانتونات شبه مستقلة لاتبالي بسحق ابنائها و في مقدمتهم عنصرها الفاعل و الاهم . . شبابها و شاباتها.
لم يدركوا لغبائهم سعة معرفة و منطق شباب اليوم الذين رغم الفقر المدمّر، توفرّت لهم فرص الاطلاع على تجارب العالم و كيف تعيش الدول و شبابها و اية قوانين انسانية تحكمها و كيف يتطور العالم و اين نحن و كيف تسيّرنا عقول و اساطير مئات السنين لايعرف الى اين ؟ و كيف دجّن الجهل اوساطاً و اوساط . .
سواء عبر الانترنت و تطبيقاتها التي لاحصر لها و التي اصبحت من مقومات حياة اليوم حتى في اقصى مجاهيل العالم و صارت حقّاً من حقوق الإنسان، او ما شهدوه عبر موجات الهجرات المليونية وسط انواع الاهوال، هرباً من الارهاب و الحروب و العنصرية الدينية و المذهبية و الاثنية، و عودة النسب الأكبر منهم الى دفء الوطن.
و يلاحظ كثيرون، بأن اجيال مابعد 2003 لم تغرق في كتب و نظريات، و انما فتّحت اعينها على سقوط الدكتاتورية و على انواع المعارك و الحروب الارهابية و الالاف المؤلفة من الضحايا و انواع اللافتات المبشّرة بغد افضل و بالرفاه، بل و صدّقت بالدستور و بالوعود الديمقراطية بداية و تحدّت الرافضين و تحدّت انواع الصراعات العنيفة التي تجري من اجل منافع انانية ضيّقة و سرقات هائلة مشرعنة، حتى انكشف زيف الوعود من حياتها التي تزداد بؤساً، فعارضت و احتجّت و تجمّعت بلا حزب يجمعها او يوحدها بل فقدت ثقتها بالسياسيين و بالاحزاب، و فقدت الثقة بمن يدّعون تمثيل الطوائف الدينية.
اجيال صدّقت بالاحتجاجات السلمية التي كفلها الدستور الاّ انها فوجئت بالرصاص الحي يطلق عليها في واضحة النهار و واجهته مقدّمة مئات الضحايا في اعوام 2010، 2014 ، 2015 . . حتى انفجرت انتفاضة شباب البصرة السلمية قبل عام التي واجهت رصاص الحكومة بالحجارة و امتنعت العديد من وحدات القوات المسلحة الحكومية عن تنفيذ اوامر فتح النيران عليها، و غيّرت معادلة الحكم و كانت السبب في خسارة رئيس الوزراء السابق العبادي (و بشكل مشابه قبله المالكي)، رغم كونه القائد العام الرسمي للقوات المسلحة التي اسقطت (دولة داعش) الإرهابية الإجرامية.
و انتظروا نتائج انتخابات 2018 التي شارك فيها اقل من 40 % ممن يحق لهم التصويت حين ارتفع شعار (الاصلاح) و طغى على الدعايات الانتخابية التي رفعتها كلّ الكتل بما فيها الاكثر فساداً حتى ضاع معنى الاصلاح ، انتظروا وعود المرجعيات بالمحاسبة و من اين لك هذا ؟؟ رغم مشاهدتهم التزوير و محاولات التسييس و ركوب الموجات و تجييرها.
في وقت لم تبالِ الحكومات المتعاقبة بإيجاد حلول لمشاكل الشعب الاساسية بالماء الصالح للشرب و الكهرباء و الصحة و العمل و التأهيل المهني، و رجال الدولة اللادولة في صراع بينهم على الغنائم، حتى افقدت الاوضاع استقلال البلاد، في ظروف يتكالب عليها انواع الذئاب الاقليميين و الدوليين و خاصة ايران و تركيا و الولايات المتحدة و حلفائها، بعد ان وصلت نسبة ماتحت الفقر الى 30 % وفق البيانات الرسمية.
و يجمع اوسع عدد من المراقبين على ان التظاهرات السلمية الجريئة منتهى الجرأة على حق و كل الحق، بشهادة الانضمام لسريع لأوسع فئات الشباب اليها بشكل عفوي، سواء بالمشاركة الفعلية او التاييد و النشر. لقد اطلق الشباب شجاعة القول و الاحتجاج بعد ان يأست فئات عمرية اكبر سنا و فقدت شجاعتها امام هول العنف الذي واجهها علنا، امام حكومات لم تقدم شيئا لأجيال حاربت الإرهاب و اسقطت (دولة داعش) الإجرامية، يوم هربت وحدات حكومة المالكي من الموصل و تسببت بمذبحة سبايكر !
(يتبع)

10 / 10 / 2019 ، مهند البراك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل