الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1

دلور ميقري

2019 / 10 / 18
الادب والفن


العائلة، كان من تقاليدها زواجُ أبناء العمومة. مع ذلك، يمكن القول أن بطلة سيرتنا قد عرفت العشقَ مذ أن كانت طفلة بعدُ. فأن يتوّجَ العشقُ بالزواج من الحبيب، فإنه كان يُعد مأثرة في مفهوم ذلك الزمن. في البدء، كان يتوجّب تذليل عقبة كأداء وقفت في طريق مشروع الزواج: عليكي الصغير، عادَ بخُفَي حنين بعد ثلاثة أعوام من رحلته المفترضة إلى الوطن. الاحتجاز المتعسّف، حالَ دونَ أن يصل إلى بغيته من السفر؛ وهيَ أن يبيع أملاك أبيه كي يتمكن من الاقتران بمن يحب.
أوسمان، وكان قد أضحى ميسورَ الحال، أبدى لوالد الخطيب استعداده للشروع في كتب الكتاب دونما حاجة للاتفاق على صداق. بادرة الشهامة هذه، لم تكن غريبة على أخلاق المعلّم السابق لعليكي الصغير. والد هذا الأخير، كان يحز في نفسه أن يكون في ذلك الموقف المهين. قال لابنه، حينَ اختلى به في المنزل: " بالوسع أن تنتظر سنة أخرى، فلن تطير منك العروس "
" ماذا تعني، أبتاه؟ "
" سأتوجه بنفسي إلى مازيداغ، ولن أعود سوى وفي كيسي المال اللازم لزواجك "، قالها بلا كثيرٍ من الحماس. ثم أضاف، نافخاً بقنوط: " أن تقيم لديهم في المنزل وبلعتها؛ أما أن تأخذ ابنتهم دون صداق، فأيّ عارٍ هذا! ". فاض قلبُ الابن حزناً على همّ أبيه، بالأخص مع علمه بأنّ من شبه المحال عليه تنفيذ عزمه بخصوص السفر. فالرجل ليسَ حراً، بل هو مقيّد بالخدمة في الدرك. كونهما عاجزين كلاهما، لم يكن ثمة أبلغ من الصمت.


***
ثمة مشكلة أخرى، حملها عليكي الصغير معه من تلك السفرة المشئومة. إنه صديقه، الدركيّ الهارب، وكان قد حلّ مؤقتاً في برج الحمام، القائم على سطح الدار. بسببه أيضاً، زاد شعورُ الشاب بالخجل والذنب. البيوت الكردية، برغم مساحتها الكبيرة إلا أنّ حجرات النوم فيها قليلة.. بله وفي حالة السيّد نيّو، صاحب الأسرتين. على أن الضيفَ بدا منشرحاً في مبيته، وكان يُخفف من ألم المضيف الشاب بالقول مازحاً، " أليسَ أفضل بما لا يُقاس من ذلك الكهف؟ على الأقل، هنا يسليني هديل الحمام لا أزيز الحشرات وفحيح الأفاعي! ".
بعد انقضاء أيام ثلاثة، مضى نيّو بالضيف إلى مكتب زعيم الحي كي يُحاول تدبير أوراق قانونية له. في كنف كبير العشيرة، كان أيّ أمرٍ صعبٍ من السهل تذليله.. ولكن بالطبع، شريطة ألا يتعارض مع شرف المهنة والأعراف. كان الحاج حسن وراء مكتبه العريض، في يده كتابٌ يقرأ فيه، كمألوف العادة. استمع إلى قريبه، ثم ما لبثَ أن قال ببساطة وهوَ يتطلع باهتمام إلى الضيف: " نحتاجُ لشاهدين، يحلفان أنه من بلدتنا مازيداغ. حتى لا نلزم الرجلين بارتكاب معصية، فإنهما سيحلفان أنه من ماردين؛ أي من نفس الولاية، أين تقع بلدتنا! ". ساعة على الأثر، وكان حمّوكي قد سُجّل في الأوراق الرسمية بحسب الأصول. ولكنه حمل كنيةَ عشيرته، " الملّية "، بحَسَب رغبته. بينما كان يشرب القهوة المرة، سأله الحاج: " أنت خدمت دركياً، إذن؟ "
" نعم، لمدة خمس سنين كاملة "
" حسناً.. "، قالها الزعيمُ وهوَ يمسح لحيته بباطن كفّه، قبل أن يتابع: " لدينا عمل مناسب لمهنتك، وكان أحد أقاربنا يقوم به، رحمه الله. ستتولى مسئولية عدد من النواطير، الذين يقومون بمهمة حراسة بساتين الحارة. عملك، بطبيعة الحال، يشمل الجانب الأكبر من فترة الليل إلى طلوع الفجر. هنالك حجرة كبيرة، تتبع بستان قريبنا الراحل نفسه وكان يتخذها كمقر لعمله "
" أقبل هذا العمل بسرور، شاكراً لك معروفك "، هتفَ حمّوكي على الفور دون أن يدع الرجل يكمل عرضه. ثم استمر القول، متلجلجاً قليلاً بفعل الحياء من هذه المكارم، التي حظيَ بها جميعاً في يوم واحد: " ويُسعدني أن أقيم في البستان، لأنني بالأساس ابن الريف ". ابتسم الزعيم، وكما لو أن كان كلام الرجل يعني أنّ مُخاطبَهُ ابنُ الشام لا ريفياً، أصلاً، مثله سواءً بسواء!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث