الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة إسلامات .. دولة علي ودولة معاوية .. (7)

جعفر المظفر

2019 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاثة إسلامات .. دولة علي ودولة معاوية .. (7)
جعفر المظفر
إن دولة المدينة ظلت إلى حد ما قائمة على إشتراط وجود نبيها, وهذا الإشتراط نفسه قد شكك بإمكانية إستمرار الرسالة الدينية كدولة بغياب نبيها, حتى إذا تحقق هذا الغياب فقد ظهر واضحا عمق الإنقسامات السياسية التي سرعان ما جعلت الهوية السياسية للدولة تطغى على هويتها الدينية.
هذه الهوية كانت متصلة أو متأسسة بشكل رئيسي على هوية الطرف الحاسم لصراع الخلافة, حتى إذا ما إنتهت دولة الخلفاء الراشدين, التي كانت بدورها هي أيضا ساحة إحتدام أكثر منها ساحة وئام (ثلاثة من الخلفاء الأربعة تم إغتيالهم), فإن مؤسسي الدولة الإسلامية الحقيقيين سرعان ما ذهبوا ضحية لصراعات ذاتية لم يستطع الإسلام السياسي المنتصر حينها على أعدائه الخارجيين من روم وفرس أن يفلح في الإنتصار على عداوات وطموحات قياديه السياسيين.
لقد صارت عودة بني أمية إلى الزعامة بمثابة عودة إلى الدولة, عن الدين, وعودة عن الخلافة الراشدية (المنصب الروحي) إلى الملكية (المنصب السياسي).
لقد كان الأمويون البناة الحقيقيون للدولة القومية العربية, أما الإسلام الدين فقد تراجع كثيرا أمام الإسلام السياسة, ليس لأن الزعامة كانت قد إنتقلت من بني هاشم إلى أعدائهم القبليين في الجاهلية, وإنما لإستحالة أن تكون للزعامات الأموية أية صلة متجذرة مع الإسلام الدين,الأمر الذي قد يدفعنا إلى التساؤل : هل كان بإمكان الدولة القومية العربية (الإسلامية) أن تتأسس لولا إنتصار معاوية بن سفيان على علي بن أبي طالب ؟!!.
وبينما لا يمكن التباطؤ ولو للحظة عن التأكيد على أن عليا كان هو الأقرب إلى الإسلام من معاوية, بل والتأكيد على لا أحقية طرح تساؤل بهذه الصيغة, فإن الإقدام بهذه الجرأة على طرحه سيجعلنا قادرين على الدخول إلى مساحة السؤال الأهم .. إذن لماذا "فشل" علي و"نجح" معاوية.
إن عليا نفسه كان أجاب بنفسه عن هذا التساؤل حينما أشادوا أمامه بدهاء معاوية قائلا
(والله ما معاوية بأدهى مني, ولكنه يمكر ويغدر, ولو كنت أغدر وأمكر لكنت أدهى الرجال).
هنا بالذات كان عليا في حقيقة الأمر قد أعلن عن عدم نيته مغادرة الدين إلى الدولة, فالأخيرة في رأيه تحتاج إلى المكر الذي يأنف منه وإلى الحيل التي يدينها وإلى اللف والدوران الذي يأباهما.
ومرة أخرى سنجد أنفسنا مرغمين على طرح التساؤلات المحرجة ذات الصلة بعلاقة الدين والسياسة, وكأنما نهاية دولة علي, حيث الدين الإسلامي ممثلا بآخر الخلفاء الراشدين, وبداية دولة معاوية التي سجلت إنتصار الدين السياسي على الدين الديني, كأنما هي دعوة مهمة للوقوف أما نموذج تاريخي لدراسة ما إذا كان بإمكان المبدئية المطلقة, وهنا علي بن أبي طالب, النجاح لبناء دولة, مقارنة باللاعب السياسي الذي "يمكر ويغدر", وهنا معاوية الذي نجح في بناء دولة الأمويين القوية الشاسعة.
عمليا حينما نحكم على الشكل الذي آلت إليه النتائج, أي على ما نراه لا على ما نتمناه, وعلى السياقات والخدع التي إتبعها الطرف الأموي تحت عنوان الدهاء السياسي سوف تكون إحدى معادلات توصيفنا لتلك النتائج أن السياسة إنتصرت على الأخلاق, اي ان معاوية إنتصر على علي, اي ان الدولة كانت هي التي إنتصرت على الدين.
ليس معنى ذلك أن السياسة بلا أخلاق وإنما معنى ذلك أن تعريف الأخلاق بالمعنى السياسي هو غير ثابت.
معناه أن الدين في بعض معانيه هو وحدة وثبات المعنى التاريخي المثالي للأخلاق.
وأن السياسة في أعلب معانيها هو تحريك الأخلاق بحيث يعتمد تعريفها على معطيات كل مرحلة












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية