الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخي الإنسان: أنت أهم عندي مما لا أراه

عادل صوما

2020 / 5 / 25
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


في الشهور الماضية العصيبة المُحيرة التي مرت على الكوكب، وجعلت سكانه يقيمون غصباً عنهم في البيوت، ولا نعلم إذا كانت الامور قد استتبت، أم هناك موجة أخرى من الموت والبطالة والشوارع الخالية، لعبت الكوادر الطبية دوراً تستأهل الشكر العميق عليه، وقد عبّر سكان بعض الدول عن امتنانهم، بوقفات رمزية في أوقات محددة على الشرفات والتصفيق لهم، واصطفت سيارات الشرطة في مشاهد إنسانية رائعة في موسكو مرة على هيئة "شكراً" ومرة ثانية بشكل "قلب" أمام بعض المستشفيات تعبيراً ضمنياً عن الامتنان لباقي المستشفيات.
لم تزل المختبرات في العالم تعمل على مدار الساعة لاكتشاف علاج لما يُقال عنه البعض أنه فيروس والبعض الآخر أنه بكتيريا، والبعض يقول أنها حرباً عالمية مُقنعّة من أجل المزيد من النفوذ على الاسواق والدول، فقد قتلت عدة أوبئة وأمراض متفشية في الثلاثين سنة الماضية عدداً أكبر بكثير مما قتله كوفيد 19، ولم يحدث ما نشاهده اليوم من تركيز إعلامي مفرط وخداعات سياسية واتهامات بتصدير الموت المُشفّر جينياً.
على أية حال، اهتزت مفاهيم كثيرة، وما لم يهتز كان الهوس الديني، الذي لم يستطع كوفيد 19 أن يلقي بسؤال عقلاني على المؤمنين عن إغلاق "عواصم الله" كافة أمام طقوسهم، ولم تشفع صلوات البيوت أو الإفتراضية على الإنترنت في عيد الفصح المسيحي أو اليهودي أو شهر رمضان بفتح هذه العواصم، وعوضاً عن السؤال العقلاني عما حدث وشاهدته العين المجردة، بدأت مزايدات سخيفة كررت كما أجترت منذ مئات السنين أن ما يحدث إنذار من الله لمن يترك عبادته، وكأن الأنسانية لم تمر بأوبئة ولم تعرف الزلازل ولا الحروب الكونية أو التغيرات المناخية القاتلة، وجاءت النُذر المقولبة المكررة هذه من أصحاب الأدبيات الإبراهيمية كافة، رغم أنهم أرباب سوق الدولار ومزادات البترول وصك العملات والتجارة بالبشر، حيث ينسون الله الذي يقاتل دونه فقراؤهم بينما يتحدث أغنياؤهم بلغة البزنس، ثم بدأت مزايدات أسخف عن موضوع حقوق الإنسان ( وهي لم ترد نصاً في أي كتاب قديم سوى أسطوانة قورش) تقول بوجود عدم مساواة بين فرض منع النقاب في الأماكن العامة بسبب استغلاله من الإرهابيين، وفرض القناع على مجاري التنفس تحسباً للمرض، وأكد بعض فقهاء القنوات التلفزيونية أن النقاب أثبت بما لا شك فيه أن الاسلام هو الحل لكل شيء حتى كوفيد 19، ووصل لامعقول الهوس الديني إلى حدوث عمليات استشهادية طلباً للجنة، في وقت يموت فيه أطباء وممرضات من أجل حياة الناس.
ما أثار دهشتي عدم اجتماع رؤساء الأديان للتضرع إفتراضياً، ليطلبوا من ربهم معجزة على الأقل لفتح عواصمه أمام المؤمنين في مناسبتي فصحيّ المسيحيين واليهود وشهر رمضان المُعظم منذ أيام الجاهلية. معجزة تزيل حُمرة خجلهم أمام ما يدّعون ويفتون به. وما أدهشني حقيقة ما فعله مطربون (كفرة لأن الغناء حرام ويحض على الرزائل) قدموا استعراضات وأغنيات إفتراضية من بيوتهم ضُخت إيرادات إعلاناتها لصالح أبحاث لقاحات كوفيد 19.
أنا شخصياً لم أجد غير أخي الآخر الذي أوصلني عبر جهوده منذ آلاف السنين إلى الحضارة التي أعيش فيها، والمسافات التي تقلصت، والعلوم التي تطورت، وحقوق الإنسان التي أصبحت ملحوظة في الدساتير، وثورة الاتصالات التي جعلتني بصيراً، ولم أجد غير أخي الإنسان ليجري لي عمليات أنقذتني من العمى والإعاقة والموت والألم.
أخي الإنسان: أنت أقرب لي من أي شيء في الوجود، فمَنْ الذي أوقع بيننا وحرّضنا على هدر دم بعضنا بعضا كالوحوش على كوكب كانت الوحوش سادته، ثم أصبحنا نحن بفضل عقلنا. ولماذا بدأ التحريض بعدما تطور عقلنا؟
مرة ثانية: مَنْ الذي حرضنا على تغييب عقلنا، وجعلنا وحوشاً وجمع التبرعات ولم يزل مكافأة على تحريضه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل