الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من نهاية قريبة لواقع العراق السياسي؟

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2020 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أستطيع أن أجزم أن الوضع السياسي العراقي الحالي ينبئ عن جملة من التحركات والتطورات التي تجري تحت أفق العملية السياسية التي تجري ماكينتها بلا توقف يتداخل فيها المحلي بالإقليمي بالدولي وتترابط الملفات وتتشعب على نحو بشير إلى نهايات قريبة وبدايات صعبة تلوح في الأفق , هذه القراءة ليست رجما بالغيب ولا ضربا من الخيال إنها تتبع لمجموعة خيارات ستفرض نفسها في الوقت المحدد دون أن يكون للاعبين المحليين دور مباشر أو مقاومة حقيقية له , ومن هذه النتائج انهيار صورة الديكتاتورية الجديدة الناشئة في الوسط العراقي بعنوان الأغلبية الديموغرافية وانهيارها الدراماتيكي بطريقة الخطوة خطوة.
لا تنهار البنى السياسيه الفردية كمؤسسات وأحزاب أو جماعية كأنظمة وحكومات بل وحتى كدول خاصة في المجتمعات المتحولة أو مجتمعات الأزمة خارج أطار الأزمة أو موضوع التحول وهذه الحقيقية يدركها تماما صناع القرار الإستراتيجي وأيضا يدرك أبعادها اللاعبون أنفسهم لأنها أساسا من ضمن شروط اللعبة السياسية ومن أركان أستمراريتها , لكن هناك خطوات سابقة وتمهيدية يمكن تتبع مسيرتها كي يضمن الفاعل الرئيسي نضج الظروف المحيطة بها كي يحين موعد قطافها ومن هذه الظروف زرع الغرور في نفوس اللاعبين وضخهم بالكثير من عوامل القوة الوهمية حتى عندما تنفجر وتسقط هذه القوى سيكون سقوطها مدويا ورهيبا ودرسا للآخرين.
اللاعب الرئيسي لا يؤمن بالزعامات الوطنية ولا يريد تأسيس كيانات قادرة على أن تكون محاور وفي صراعه مع القوى الإقليمية هناك أستحقاقات وهناك واجبات تفرضها صيغة الصراع وأسبابه والنتائج التي يراد لها أن تكون في نهاية كل فصل ,منها البديهية الدائمة التكرار أن لا أصدقاء ولا أعداء دائمين ولا هناك حلفاء دائمين , هناك مصالح دائمة وهناك استراتيجيات طويلة الأمد يجب احترامها , هذه القوانين صاغها واقع العمل الدولي السياسي والجيوسياسي لذا فالتضحية بأفراد مقابل أهداف سيكون أمرا طبيعيا بالنسبة لجميع من يكون طرف في العملية السياسية وعلى من نضجت أوراقة وشغل أكثر من واقعه الحقيقي أن يهيأ للمغادرة بطريق أو أخر وهو ما سيحدث عاجلا لا بقاء للوضع كما هو عليه الآن لأن كل الظروف ناتجة لإنهاء هذا الفصل وبداية فصل جديدة من المسرحية التراجيدية الكوميدية.
من السيناريوهات المطروحة لتنفيذ اللعبة السياسية في العراق هو تحالف القوى المناهضة للسيد المالكي وتشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان والتي من حقها أن تسمي رئيس الوزراء القادم وهذا الطرح واقعي ومدروس ومعد له أعداد جيد وبالتالي سيكون أمام السيد المالكي ثلاث طرق لمواجهة الموقف منها الطريق القانوني والشعبي والخيار المر هو الثالث , فليس أمامه أمل بالتمسك بكونه الفائز الأكبر لأن القرار التفسيري أصبح سابقة قانونية وهو من سعى لها وعمل بكل قوة من أجل أصداره بالشكل الذي سيكون وبالا عليه هذه المرة , الخيار الثاني اللجوء إلى الشارع والتشويش على عمل البرلمان والشركاء السياسيين وهذا غير مضمون الفاعلية والنتائج وهو من يدعي انه جاء ليحمي الدولة بالقانون , يبقى الخيار الثالث وهو أستخدم ورقة الضغط الاستثنائية وهي القوات المسلحة والتهديد بعمل عسكري أو أحداث تطورات عسكرية على الأرض لاتهام خصومه بالتفريط بالأمن ومن ثم محاولة الالتفاف على العملية الديمقراطية بصورة ما .
الخيار الصعب والذي يعتبر انتحارا سياسيا للسيد المالكي هو أما المشاركة بالحكومة وفق أشتراطات وتفصيلات تحمي أركان كتلته وهو أيضا من المحاسبة أو اتخاذ التعقيبات القانونية وفتح ملفات الفساد القديمة منه وعليه وهذا أحتمال جدا ضعيف والخيار الأخير أن يجلس معارضا لينال الكثير من الصفعات التي ستؤدي إلى وضعه في الزاوية الحرجة التي تنتهي بتصفيته سياسيا وإخراجه من عالم السياسة كله لتصبح الكتلة التي يقودها هباء منثورا وتتجدد الانشقاقات داخل حزب الدعوة ليتشظى من جديد وتذهب قواعده كلا حسب مصلحته وما يمكنه من حماية نفسه وبروز زعامة جديدة تقود الحزب الضعيف بعدما كان القوة السياسية الأكبر في البلد , هذا الخوف من التضخم الذي تكلمت عنه سابقا وهو تضخم وهمي غير حقيقي لا يمثل ثقل دولة القانون على الواقع لأنه يعمي البصيرة ويعطي مؤشرات خادعة عن قوة وجهوزية حزب الدعوة بقيادة السيد المالكي لإدارة الدولة العراقية بنجاح .
هذه الوقائع والقراءات لا يمكنها أن تكون نهائية وليست قرارات بل يمكن أن نرى التعديل والتحديث على بعض الجزئيات والتفصيلات ولكن المهم فيها أنها جميعا ستعلن نهاية الحقبة الديكتاتورية الناشئة في العراق ليس هذا فحسب بل سنشهد تطورات أخرى دستورية وواقعية تتناول مفاهيم تبدو أنها قد ترسخت لكنها تعاني الآن من تعارض حقيقي لا بد له أما من تصحيح مسارات أو تعديلها بعدما أنهكت الأطراف العراقية جميعا بالحرب الطائفية والتجربة الفاشلة التي لم تقدم أي استجابة حقيقية لتطلعات الشعب العراقي ولا ننسى أيضا تأثيرات القرار الدولي والإقليمي بتصفية الإرهاب والفكر الجهادي ومحاولة احتواء حقل النيران المتوسع في المنطقة كي لا يحرق أطراف محسوبة على اللاعب الكبير مما يهدد من مصالحه الدائمية ويزيد من حالات الفشل التي يتعرض لها في أماكن كثيرة في المنطقة وخارجها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا