الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل قضية حقوق الأقباط

وحيد حسب الله

2006 / 9 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لقد تابعت عن كثب تفاعلات الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في مصر وتطورها منذ أن بدأت أعي ما يدور حولي حتى الآن ، فقد آلمني ما وصل إليه حال أخواني الأقباط الذين عشت بينهم وعاشرتهم ودار في مخيلتي تلك الأيام الجميلة كأحدي الأفلام التي كنا نراها قبل انقلاب 1952 بقيادة بعض الضباط الرعاع والذين سموا أنفسهم بالأحرار ولكن في الواقع هم عبيد .
لقد استطعت متابعة ما يحدث في طول مصر وعرضها ، بل في العالم أجمع ، بفضل الانترنت الذي تعلمته على كبر .
بما أني لاحظت أن الصحافة المصرية تكتب لنا من وقت لآخر وبطريقة مبتورة بعض ما يحدث لأخواني الأقباط من اعتداءات على ممتلكاتهم وكنائسهم ، بل زاد الأمر سوءاً بالتغرير أو الاختطاف لبناتهم وإجبارهن على اعتناق الإسلام . على الرغم من أن الإسلام يسمح بالزواج من الكتابية دون إكراهها على ترك دينها (على الرغم أن المسيحية لا تجيز الزواج من غير المسيحيين وتعتبره زنا) وكنت أعرف بعض الحالات وبقيت المرأة القبطية على دينها وهنا يجب التنويه على ما كتبته جيهان السادات نفسها في مذكراتها عن أمها ، وكانت متزوجة من مسلم ، بقيت على دينها ومارسته بكل حرية دون حجر من زوجها المسلم .
أما فيما يحدث حالياً وما نراه على شاشات الفضائية من مهازل إعلامية تخلط بين العمل الدعوي الإسلامي بالحسنة وبين العمل الإجرامي والبلطجي التي تمارسه بعض الجماعات التي تدعي الإسلام ديناً .
فلو كان الأمر كما حاولت أن تبرزها الصحافة المنافقة والعميلة بأنها كلها حالات حب ، فلماذا إذاً الإجبار على الدخول في الإسلام ؟ ولماذا تتدخل الجهات الأمنية فيما لا يعنيها من الحياة الشخصية للأفراد ؟
أما عن المشكلات الأخرى الشائكة ، فهي بناء الكنائس : ولم أجد حتى الآن سبباً مقنعاً للتمسك بقوانين أصبح لا وجود لها مع زوال الخلافة التركية واندحارها منذ عقود طويلة !
لكن يبدو أن الجهات الأمنية تهتم بتسهيل بناء الملاهي الليلية أكثر من دور العبادة التي تدعو الناس إلي العمل البناء للوطن وتقدمه ورقيه . من الواضح أن الجهات الأمنية تهتم أكثر بما يدر عليها المال من الملاهي الليلية من بناء الكنائس التي تعلم الأمانة والصدق والإخلاص والأخلاق الحميدة .
لن أتطرق إلي وضع الأقباط ومحاولة عزلهم من المشاركة في الحياة السياسية والإدارية والاجتماعية في مؤسسات الدولة ، لأنه أصبح من المعروف والواضح أن الأقباط ككثير من أخوانهم المسلمين الذين يرفضون الفساد والرشوة لا يصلحوا أن يتبوأ المراكز الهامة التي سوف لا تتيح لأرباب الفساد أن يعيثوا فسادهم في مرافق الدولة ، فقرروا استبعاد الأقباط بحجج دينية وعدم الكفاءة . وأصبح المجتمع المصري يديره فقط من يتميز بالكفاءة في الفساد والسرقة !
لقد تابعت أيضاً على شبكة الإنترنت نشاط بعض المنظمات القبطية ، بالإضافة لما تقوم به منظمات العمل المدني في مصر رغم الصعوبات الأمنية والتهديدات بالاعتقال .
لقد بث نشاط هذه المنظمات القبطية التي تنادي باسترداد حقوق المواطنة لأخواني الأقباط في روح الأمل في نفس الوقت التي تنادي فيه المنظمات المدنية بنفس الحقوق للمواطنين المصريين جميعاً . ولكن مع مرور الوقت ، لاحظت أن هذه المنظمات القبطية بدأت في فقدان الطريق وأصبحت تدور حول نفسها ، لا تجد الوسيلة الفعالة التي تستكمل بها مسيرتها في مطالبها .
هذه المنظمات ، وخاصة المسجلة رسمياً ، مطالبة اليوم بإعادة النظر في طريقة عملها والاستفادة من خبرات الأقليات والشعوب الأخرى التي استطاعت أن تحصل على حريتها وتسترد حقوقها في المواطنة كاملة بأقل الخسائر في الأرواح ، ولكن بوضع إستراتيجية واضحة المعالم للاستفادة من العلاقات الدولية وميزان القوى الموجودة في العالم . ولكن وقبل كل شيء في الاعتماد الكامل على الأقباط في مصر وتدعيمهم من قبل المسلمين المؤمنين بفصل الدين عن الدولة وحق كل مصري في وطنه أن يعيش بكرامة ومساواة مع الآخرين . لابد من تحرك ثوري ولكن ثورة بيضاء أو برتقالية كما حدث في الدول الأخرى ، وليست ثورة حمراء كما كتب أحدي الكتاب في الحقل القبطي لكي لا تؤخذ علينا ذريعة من قبل الصحافة الصفراء وجماعات الجهاد الإسلامي والإخوان المسلمين بالإضافة للحكومة بأننا نحرض على ثورة وهذا من باب التوضيح وليس إلا . فدعوة الكاتب تنم عن عدم معرفة كاملة بإبعاد القضية القبطية ووضع الأقباط في مصر . من السهل إثارة الآخرين عندما تعيش في الخارج بعيداً عن الخطر ، ولا علم لك بالواقع على الأرض نفسها . وهذه هي أحدي مشاكل منظمات الأقباط في الخارج أن يتولى القيادة فيها شخصيات ضعيفة من السهل التلاعب بها وتوجيهها من بعض خبثاء الجهات الأمنية أو السياسية .
من وجهتي نظري وحتى تنجح المنظمات القبطية في دعم مطالب الأقباط في استرداد حقوقهم هو عمل خطة واضحة المعالم يلتزمون بها بشدة وحزم بعيداً عن الأهواء الشخصية ، وأن يتولى مهام العمل فيها أناس على قدر كبير من المعرفة بخبايا السياسة والقانون الدولي ولهم كفاءة في المجال الإعلامي والدعاية الصحيحة والصادقة لقضيتهم . لابد لهذه المنظمات من اتخاذ خطوات عملية نحو منظمات الأمم المتحدة وذلك بطرح قضيتهم أمام المجتمع الدولي مما يشجع أيضاً أن تلتحق بهم المنظمات المدنية في مصر وبعض الفئات التي تشكو من قبضة الأمن ومصادرة حريتهم كمواطنين .
أني أتمنى أن يبدأ أخواني الأقباط بالخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في