الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كم بدا الموت قريبا

ليلي عادل

2006 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ان تخرج في شوارع بغداد ..المزدحمة على الأخص ...هي مغامرة ممكن ان تخسر فيها حياتك ..فالأنفجارات المباغتة لايمكن التنبؤ بمناطق حدوثها و لا بتوقيتاتها المتنوعة ..و صار المبدأ ان تخرج و تواجه الموت و تتحدى التفجير بصدر مفتوح للموت او لحياة تمتد ليوم آخر ..و لن يساعد تأشير مناطق ساخنة كحدود للخطر و حدود للأمان فكل منطقة و كل شارع يمكن ان يتحول بين لحظة تأخير و اخرى الى قبر يحوي أجزاء متناثرة من جسدك مخلوطة بنثار أجساد اخرى كانت تمر بقربك ...
صرت اتخذ من الصفنة و التأمل وسيلة لأتخاذ قرار الخروج في ذلك اليوم من عدمة أو سلوك هذا الطريق او ذاك ..و ربما سأستعين بالفلك و قراءة الطالع لتحديد ايام تخلو من التفجير و طرق نظيفة من القنابل و المفخخات ..
كل يوم أخرج فيه أودع عائلتي و أوصي بأطفالي كأني لن أعود ..وكل عودة و وصول آمن حياة جديدة كتبت لي ..اللعبة اليومية التي نخوضها لمراوغة موت بشع تتخيل فيه كيف سيعاني من يلم أشلاءك و ما سيحسة من قرف و أشمئزاز من جراء صورة القطع التي كانت يوما ما تكوّنك و تحمل اسمك ..
و أعترف هنا اني أخاف من فكرة الموت بتلك الطريقة البشعة ..لذا ابتعد كثيرا عن واجبات الخروج إلا الضرورية جدا منها ..و في احدى تلك الضرورات الملحة خرجت لأتم معاملة كان لابد من اتمامها و في احدى المناطق المزدحمة جدا و القريبة من هدفي ..في شارع مليء بمئات السيارات و التي كان يتوسطها رتل امريكي و من خلفة قوات عراقية ..علقوا جميعا في ذلك الشارع الذي كنت انا على بعد امتار منه حيث كنت اسلك الطريق المعاكس اي الجهة الثانية التي كانت اقل زحاما ..كانت تحتجز كل تلك السيارات المليئة بالناس العاديين من عوائل و بشر ..نقطة تفتيش تسد بوجههم الطريق و تسمح بمرور السيارات واحدة واحدة و ببطء شديد ..في تلك اللحظة حدث الأنفجار ..لا يمكن وصف تلك اللحظة لكني سأحاول ان احكي ما رأيت و ما سمعت ..حيث بدأ مطر الشظايا يتساقط ..و لا يسمع سوى صوت ارتطامة بكل شيء قريب او بعيد ثم بدأ سيل من الأطلاقات التي لا يمكنني تحديد مصدرها لأنها كانت تأتي من كل اتجاه و بكل اتجاه ...لحظتها لم يمر شريط حياتي امام عيني كفلم سينمائي كما تصور لنا الأفلام ..حين يمر البطل بلحظة الموت او يقترب منها ...كل ما كنت أراه و اسمعة هو نثار الشظايا و الأجساد ..بعد التأكد من انني ما زلت على قيد الحياة و ليس هناك اي جزء ينزف من جراء شظية او طلقة تائهه..صحوت على تزاحم كل من هو قريب على المهرب الذي لم يكن واضحا من اين الوصول اليه ..السيارات التي كانت بجانبي بدأت بالتخبط بكل الاتجاهات ..بينما استسلم الواقفون في االجانب المقابل لمصيرهم فلا مهرب لهم ..حين أقترب مني الموت صار سهلا و الحياة صارت رخيصة تافهه ..لكن ما ان هدأ كل شيء ..استمرت الحياة وانتهى ذلك المشهد بجمع الأشلاء و غسل ما سال من دماء و أتممت ما جئت من اجله و و عدت الى بيتي ..و معي قصة يمكن ان تروى لمليء الساعات الطوال في انتظار ساعة او اقل من رحمة الكهرباء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة