الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول ردود الفعل على كلمة بابا روما

وحيد حسب الله

2006 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



التاريخ البشري يحمل في طياته سلبيات وإيجابيات . والتاريخ الإسلامي لا يخرج عن هذه القاعدة . فالكل في العالم الإسلامي يعلم بل ويعلم تاريخ بداية انتشار الإسلام في حياة محمد ثم بعد مماته . العالم الإسلامي يحتفل بالغزوات التي قام بها محمد نفسه عدة مرات سنوياً ويسرد بالتفصيل الانتصارات أو الهزائم التي حدثت له ولجيشه ولا أحد يستنكر ذلك وكتب التاريخ التي تدرس في مدارس العالم الإسلامي خير شاهد على ذلك التاريخ وأنا شخصياً واحد من هؤلاء الملايين الذين درسوا ذلك التاريخ في مدارس مصر .
ومازالت بعض الدول الإسلامية كالسعودية تضع على علمها الشهادة الإسلامية بين سيفين ولا يخفى على أحد مخزي ذلك وهو انتشار ونشر هذه الشهادة بالسيف وإلا ما الداعي لوضع السيفين على العلم ؟ جماعة الإخوان المسلمين شعارها مكون من القرآن والسيف ولا يمكن أن يتجاهل أحد دعوتهم على نشر الإسلام من خلال الجهاد المسلح وهذا واضح من كل خطاباتهم وكتبهم التي تحتوي على استراتيجيتهم في غزو العالم بالقوة والجهاد المسلح الذي يعتبرونه فرضاً على كل مسلم حتى يصير العالم كله مسلماً .
فمن المفروض أن يتعامل العالم الإسلامي ومؤسساته مع هذه القضية بعقلانية وواقعية خلاف ما نراه اليوم في الشارع الإسلامي حيث يدفع بعض الخبثاء بالبسطاء من المسلمين للتظاهر وطلب الانتقام أو الاعتذار ويقوم آخرين بالاعتداء على الكنائس التي لا تنتمي أصلاً للكنيسة الكاثوليكية بالقنابل كما حدث في الضفة الغربية .
يجب أن يعترف العالم الإسلامي بهذه الحقبة التاريخية ولا ينكرها ، لأنه في إنكارها أو محاولة طمسها دليل على أنها من الأفعال المخجلة والمشينة في جبين الإسلام ؟ ألم يقم محمد ورجاله بغزوات في مكة والمدينة وباقي المدن العربية ؟ ألم يقم الخلفاء بتسيير الجيوش خارج صحراء الجزيرة العربية لغزو البلاد الأخرى ؟
من المخجل حقاً أن نقرأ في بيان شيخ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية أن الجهاد في الإسلام هو فرض للدفاع ضد المعتدي ؟ هل البلاد التي قاموا بغزوها المسلمين الأوائل كان أهلها شنوا اعتداء على المسلمين في بلادهم ؟ هل قام الجيش البيزنطي الموجود في مصر بالهجوم على المسلمين في الصحراء العربية أم جاء عمرو بن العاص بجيشه ليغزو مصر ويفرض عليها الإسلام ؟ هل قام الأسبان بالهجوم على المسلمين في بلادهم حتى قام طارق بن زياد بغزو الأندلس ؟
بأي عقيدة قام الأتراك بإبادة أكثر من مليون أرمني مسيحي في بداية القرن الماضي ؟
لقد كتبت من قبل كما كتب الكثيرين أن الإسلام أمام مشكلة كبرى في العصر الحديث وهي اتخاذ موقف واضح وصريح من الآيات القرآنية التي تحتوي على عداء صريح للمسيحيين وعقائدهم ؟
هل سيعتذر المسلمين وقادتهم عن المجازر التي ارتكبت في البلاد التي غزوها ضد سكانها المسيحيين أو غير المسيحيين استناداً لهذه الآيات ؟ هل ستقوم السعودية بتنقية المناهج الدراسية التي تحض على كراهية المسيحية والمسيحيين والغرب والتي كانت سبباً في تربية وتنشئة أجيال من الإرهابيين ؟ هل ستعتذر السعودية وتعوض ضحايا الإرهاب التي قامت بتدريب وتنظيم أعضائه وتخطيط تنفيذه في الدول الغربية ؟
قبل أن يطالب العالم الإسلامي البابا بالاعتذار لابد لهم أن يقوموا بالنقد الذاتي Mea Culpa والصريح وهي كأي عملية جراحية ستكون صعبة ومريرة ، وذلك لأنهم أما أن يعترفوا بهذه الحقائق التاريخية التي ذكرها البابا والتي يعرفها الجميع أو ينكروها وبالتالي يتنكروا لما ذكر في القرآن دون أن يعلنوا أن هذه الآيات أصبحت caduque أي ملغاة . فهذه الخطوة أي Mea Culpa أي الاعتراف بأخطاء الماضي أصبحت ضرورة ملحة ولكن لابد منها حتى يستطيع العرب والمسلمين من اللحاق بقطار الحضارة الحديثة .
كلمة أخيرة وهي أن سبب كارثة الشعوب العربية والإسلامية تكمن في حكامه ورجال الدين الذين حولوا الله إلي سلعة يسترزقون منها ، مستعبدين عامة وبسطاء المسلمين لخدمة مصالحهم الخاصة .
أن قداسة الحبر الأعظم قام بسرد حادثة تاريخية لحوار دار في القرن ال 41 كما كانت تدور حوارات كثيرة مثلها من حيث المحتوى في العصر العباسي بحضور الخلفاء ورؤساء الطوائف دون أن تحدث مثل ردود الأفعال اليوم . أن ما قصده البابا أن مثل هذه الحوارات التي نراها اليوم أو غيرها أو النظرة المسيطرة على غالبية العالم الإسلامي بالنسبة لغير المسلمين لا يمكن أن تساعد أو تساهم في حوار بناء بين الشعوب المختلفة دينياً (هذا تفسيري الشخصي لما ذكره) ، وكذلك أن محاولة نشر دين بالسيف أي بالعنف كما يخطط الجماعات الإسلامية المتطرفة باسم الدين الإسلامي لا يمكن أن يقبله عقل لأنه بالتأكيد لا يتفق مع مشيئة الله الذي يدعو البشر بالإيمان به عن حب وحرية مطلقة .
لابد للعالم الإسلامي أن ينظف بيته أولاً ، ثم يعتذر عن ما ارتكبوه في حق الآخرين ثانياً ، وبعد ذلك يطلب من الآخرين الاعتذار .
أن بعض علماء المسلمين وعقلاءهم يفهمون جيداً أن البابا لم يسئ للإسلام ، ولكنهم مجبرون على مجاراة الغوغاء والرعاع والتيارات المتطرفة التي تصطاد في الماء العكر ، بالإضافة لاستغلال الحكومات العربية والإسلامية لهذا التصريح بصرف بسطاء المسلمين الذين يعيشون في الضنك والفقر المدقع من الضغط عليهم .
بكل أسف يوجد في العالم الإسلامي جماعات على مثال القاعدة والإخوان المسلمين كثيرة مازالت تحلم وتعيش على إمكانية نشر الإسلام كما حدث في القرن السابع الميلادي بخيول وسيوف ويتصورن أن ذلك من السهل تحقيقه ولذلك ينتهزون أي فرصة لتأجيج الصراع الديني . في الواقع أن العالم الإسلامي هو الذي يبحث عن الصراع الديني وذلك بتخطيط من حكوماته التي تربي أجيال على الحقد والكراهية الدينية في مناهج التعليم ومن خلال وسائل الإعلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا