الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل وراء استقالة الوزراء الشيعة استحقاقات إقليمية

محمد مصطفى علوش

2006 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لقد بدا المشهد الذي حصل خلال الجلسة الأخيرة لطاولة التشاور وكأنه مخطط له، هذا إذا أحسنا الظن بكل من حزب الله وحركة أمل، حيث أن الجلسات التي حدثت بين القوى السياسية في لبنان على طاولة التشاور كانت توحي بان أزمة ما قد تحدث بين ليلة وأخرى وأن هناك مسار معين قد خطط له بدقة تتجه نحوه الأحداث حيث أنه في الجلسة الأخيرة لطاولة التشاور والتي كان قبلها ذهب أكثر المتابعين لجلسات طاولة التشاور على أن انفراجا ما قد يحدث وان اتفاقا ما قد يقع بناءا على الصراحة التي كانت قد سادت خلال الجلسات السابقة لطاولة التشاور وإن كان يعتريها التشنج والسخونة أحيانا بين سعد الدين الحريري رئيس كتلة المستقبل وأحد أقطاب 14آذار وبين محمد رعد ممثل السيد حسن نصر الله ، فالجميع من القوى السياسية المتواجدة على طاولة الحوار قد وافق من حيث المبدأ على مشروع المحكمة الدولية وأن تسوية ما قد تحدث وفق معادلة "قبول بالمحكمة الدولية مقابل حكومة وحدة وطنية" .

لقد ساد التوتر في الجلسة الأخيرة لطاولة الحوار وذلك بالتزامن مع وصول مسودة مشروع المحكمة الدولية التي أرسلها الأمين العام للأمم المتحدة والتي ينبغي أن توافق عليها الحكومة اللبنانية حتى يشرع إلى تطبيقها ما يوحي بأن حزب الله وحركة أمل لا تريد لمشروع المحكمة أن يتم وخصوصا حين أصر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على عقد جلسة خاصة الاثنين لمجلس الوزراء لإقرار مشروع النظام الداخلي للمحكمة الدولية التي ستنظر في قضية اغتيال الحريري، حيث قوبل طلبه بالرفض من قبل رئيس الجمهورية أميل لحود مطالبا إرجاءه لكي يتمكن من عرض مسودة نظام المحكمة على خبراء لدراستها.

بعد ساعات على رد رئيس الجمهورية وسفر رئيس حركة أمل إلى طهران والتي قال عن هذه الزيارة السفير الإيراني في لبنان بأنه سيتخللها لقاء بين بري وأحمدي نجاد يتناقش فيها الطرفان على هامش الزيارة الوضع في لبنان جاءت استقالة وزراء حزب الله وحركة أمل عقبها كلام الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله أن "هذه خطوة أولى, توجد خطوات أخرى سنناقشها مع حلفائنا بالتفصيل وسنعلن عنها تباعا لأن برنامجا للتحرك سيكون موجودا لإنقاذ البلد من هذه العقلية" مشيراً إلى أن المشاورات فشلت لأن زعماء الغالبية المناهضة لسوريا رفضوا السماح للآخرين بالمشاركة الفاعلة في إدارة البلاد, وقال "نحن الآن أمام حكومة تريد أن تستأثر الأغلبية فيها بحكم البلد"، ثم جاء كلام الرئيس لحود في كتاب رسمي أرسله إلى السنيورة أن الحكومة "وفي ضوء استقالة جميع الوزراء من فئة معينة باتت فاقدة للشرعية الدستورية ومناهضة لمبادئ الدستور وأحكامه بحيث يكون كل اجتماع لمجلس الوزراء في ظلها باطلا بطلانا مطلقا وغير دستوري وما بني على باطل فهو باطل" مستنداً في موقفه إلى نصوص في الدستور لاسيما منها الفقرة "ي" من مقدمة الدستور التي تنص على أنه "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" بين الطوائف اللبنانية، والى المادة 95 من الدستور التي تنص على أن "تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة حتى تحقيق إلغاء الطائفية السياسية". وبما أن المستقيلن جميعهم من الطائفة الشيعية وأنهم ينتمون إلى التيارين الأساسيين في الطائفة الشيعية فإن استمرار وجود الحكومة اللبنانية بهذه الحالة يتناقض مع صيغة العيش المشترك حيث يحرم طائفة تعتبر من أكبر الطوائف اللبنانية في النسيج اللبناني . ما يعني أن حكومة السنيورة وبناء على ما ذكر لم تعد صاحبة شرعية دستورية وبالتالي لا يحق لها الموافقة على مشروع المحكمة .
والسؤال المشروع الآن: هل ما حدث هو مسرحية من قبل حزب الله وحركة أمل بالترتيب والتنسيق مع رئيس الجمهورية في تعطيل المحكمة الدولية وخصوصا بعدما أصرت الحكومة على عقد جلسة استثنائية يوم الاثنين لمناقشة مشروع المحكمة والموافقة عليها بحيث يستقيل الوزراء من الطائفة الشيعية فيدعو رئيس الجمهورية إلى حل الحكومة في محاولة لقطع الطريق على مشروع المحكمة؟
في رأيي أن السبب من استقالة الشيعة ليس المحكمة الدولية وإن كان التوقيت مناسب جدا لذلك ، ولا أستبعد أن حركة أمل وحزب الله قد اختار هذا التوقيت بالذات للاستقالة حتى يقع الفريق الآخر وهو 14 آذار في هذه الشبهة فيظن أن السبب هو عرقلة المحكمة الدولية مستبعداً السبب الحقيقي والذي يشغل حزب الله ولا يشغله أمر آخر وهو ما سنتاوله في نهاية المقالة بعد أن نبين ما يدفعنا إلى هذا الظن.
حزب الله والمحكمة الدولية
لقد أشارت جريدة النهار يوم السبت الماضي بأن معلومات وصلتها تؤكد بأن حزب الله وحركة أمل قد اطلعا على مسودة مشروع المحكمة وأنهما كلفا لجانا متخصصة لدرسها وأن اللجان المكلفة بدرس المسودة أكدت أن لا شيء في هذه المسودة يعزز هواجسهما . أضف إلى ذلك أن مسودة مشروع المحكمة قد اجري عليه تعديلات كثيرة جداً.
فالمحكمة التي ستتشكل من قضاة لبنانيين وأجانب لن يكون لديها السلطة لاستجواب أو محاكمة رؤساء الدول, كما أن الاغتيال لن يتم تعريفه على أنه "جريمة ضد الإنسانية" أو "هجوم إرهابي".وبالتالي نتساءل لماذا يريد حزب الله وحركة أمل أن يقنعوننا بأن الاستقالة "جاءت حرصاً على لبنان" كما قال نبيه بري من طهران في الوقت الذي يوهمون فيه الآخرين بأن الاستقالة جاءت لعرقلة المحكمة حتى اقتنع 14آذار بذلك، حتى بات يردد الكثير من 14 آذار أنهم يريدون أن يحموا سوريا من المحكمة ، وأي حماية للنظام السوري إذا كانت المحكمة لن يكون من حقها استجواب أو محاكمة رؤساء. بل إن الموافقة الروسية على المسودة في صيغتها النهائية يعني أن النظام السوري لن يتزعزع إذا أجريت هذه المحكمة ولن يطاله شيء وإلا لكان لإيران شأن آخر في الضغط على روسيا وهي صاحبة التأثير على القرار الروسي في مجلس الأمن فيما يتعلق بمصالحها الإقليمية ، والجميع يعلم كم حاجة إيران اليوم لسوريا في حل ملفاتها العالقة مع الولايات المتحدة ومجلس الأمن كورقة ضغط على الولايات المتحدة في كل من جنوب لبنان والعراق.

هل تقدم المحور الإيراني بعد نجاح الديمقراطيين هو السبب!!
بعد سقوط الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية وقدوم الديمقراطيين الذين طالما تناولوا السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جورج بوش بالنقد وبعد أن اجمع المراقبون على أن فشل الإستراتجية الأمريكية في العراق وراء هزيمة الجمهوريين أضف إلى ما طرأ مؤخراً على الإدارة الأمريكية حيث استقال رمسفيلد عرّاب الحرب على العراق وتم استبداله بروبرت غيس الواقعي والعملي والذي كان يدعو خلال السنوات الماضية الإدارة الأمريكية إلى حوار مع إيران متفقا مع رؤية بلير بدعوة بوش إلى فتح حوار مع إيران جعل من المحور الإيراني السوري أكثر قوة وثباتا من أي يوم مضى حتى انعكس ذلك على تصريحات المسئولين في كل من سوريا وإيران،فالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي قال في آخر تصريح له بأن نجاح الديمقراطيين في الولايات المتحدة يصب في مصلحة إيران ، وأنا كنت ذكرت في مقالة لي سابقة أسماء بعض الأشخاص في الإدارة الأمريكية والداعين إلى حوار مباشر مع إيران معتقدين أن الحل الوحيد للخروج من المأزق العراقي يتم عبر إيران .
فإيران تسعى كما يقول أحد الباحثين الغربيين والمعنيين بمنطقة الخليج " سوف تتطور إيران مثل الصين، ساعية لتقديم نفسها في الإقليم كشريك دبلوماسي وقطب جـاذب للاستثمـارات الخارجية المباشرة" وذلك بالتناسب مع التقارير التي تفيد بأن إيران قد وضعت لنفسها هدفاً بأن تصبح القوة الأكبر في الاقتصاد والطاقة في منطقة غرب آسيا خلال العشرين عاماً المقبلة

أما بالنسبة لسوريا فقد بدأت الأصوات تتعالى في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكذلك إسرائيل في التحاور معها حتى أن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف قال: "يستحيل تسوية شاملة في الشرق الأوسط من دون مشاركة سوريا" .لقد استطاعت سوريا وبالتنسيق مع إيران في تشكيل إرباك حقيقي للوجود الأمريكي في العراق ،حتى قال الديمقراطي "فرجنسكي": "ستخرج الحرب الأخيرة في العراق الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة كما أخرجت حرب السويس بريطانيا وفرنسا".
بناءاً على ما تقدم وبما أن المحور الإيراني السوري يتقدم على المحور الأمريكي فإن إيران تريد أن يبقى حزب الله الحليف الأقوى لها في المنطقة صاحب قوة وشوكة لما يحقق لها من نفوذ استراتجي على المدى البعيد ، فما يتمتع به السيد حسن نصر الله من مصداقية وشعبية في العالم العربي ً عند السنة قبل الشيعة كما أن المعركة الأخيرة لحزب الله مع إسرائيل والتي بحق سطرت بطولة نادرة للحزب في الميزان العسكري فإن حزب الله إضافة إلى حماس مع سوريا طبعا بعد سرقة العراق سيكون البوابة لإيران لتحقيق حلمها الأمبرطوري في المستقبل القريب. وبما أن لبنان يحتل موقع استراتجي هام كما أنه يمثل منبراً ثقافية وفكرياً ووطناً لكل المناضلين والفارّين من الأنظمة العرابية المستبدة فإن إيران لا غنى لها عنه كما أن موقعه المحاذي لفلسطين المحتلة فإنه إذا ما استطاعت إيران أن تسيطر عليه فسيبقى يمثل جبهتها الجنوبية على إسرائيل في سياسة ضغطها على الولايات المتحدة .
لقد جاءت استقالة الشيعة لتقويض الحكومة اللبنانية المدعومة عربياً وأمريكياً ولإعادتها إلى المحور الإيراني لاستكمال الدور المنوط بها في ظل استحقاقات جديدة قادمة على المنطقة تكون فيها إيران اللاعب الأساسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس