الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الكرامة بعض النقاط على بعض الحروف

عبد المجيد راشد

2006 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


"ليس ردا على السفير أمين يسرى ولكن توضيحا"
كان موعدنا في الاسكندرية - مارس 1996 - مع القدر، أما شره فقد عشنا مشهده الاخير مع إسدال الستار على قرار بتجميد البعض و إحالة الاخر الى لجنة إنضباط حزبي بتهمة لم ينكرها أحد وهي إتخاذ اللجنة المركزية وهي أعلى سلطة بعد المؤتمر العام لاثنين وخمسون قرارا - بإغلبية كاسحة- يصلحون حال الحزب والجريدة ودخلنا في أفق مسدود وتدخل العقلاء من هنا وهناك ليصطدموا بجدار أسمنتي لا تصلح لعبوره أي صيغة من التي توصلوا إليها. وأما خير هذا القدر فكان في إكتشافنا عبر وقفة حاسمة مع النفس، أن المشكلة أولا، لا تكمن في لائحة أو برنامج أو موقف سياسي بالأساس، أنما مكمنها في طريقة تفكير نرى عكسها لإحالة اللائحة والبرنامج والموقف إلى حركة تدفع الغالبية الكاسحة من القوى الإجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير للسير بإتجاهه ووفق ظرف موضوعي يزداد نضوجا كل يوم بفعل سياسات متوحشة إقتصاديا وإجتماعيا تتراكم كميا كل يوم، ويحتاج بالتوازي إلى ظرف ذاتي قادر على قيادته لإنجاز التحول النوعي.

* وإكتشفنا ثانيا، أن المشكلة ليست الحزب في ذاته، وإنما هي في الصيغة الحزبية المحكومة بترسانة من القوانين المكبلة لحركتها، وبالتالي فإن العمل السياسي في مصر يحتاج الى طلائع متجاوزة نمط تفكير تياراتها الايديولوجية التقليدي لكسر الحواجز وعبور المحظور للوصول الى كتلة من القوى الاجتماعية المنوط بها مهمة أنجاز التحول النوعي في مسار مصر المنهوبة، المسلوبة، المخطوفة، ومن ثم فإن أي تصادم بين هذه الطلائع وبين أحزابها العاجزة المقيدة، هو في الأخير دوران في حلقة مفرغة، وجرى وراء سراب، وسير على طريقة "محلك سر".

* وإكتشفنا ثالثا، أن نمط الخطاب السياسي السائد من مختلف القوى السياسية، لم يعد صالحا للغالبية المتعطشة لخطاب آخر، مغاير، يصون ويوحد، لا يفرق ولا يبدد، خطاب يدعو الجميع لإدراك المشترك وسد الفرج وفتح البصر والبصائر على عالم تغير من حولنا، وعلى عصر جديد بأدوات لم تكن في حسبان أحد ووسائل عبرت كل الحواجز بفضل تكنولوجيا الرقائق متناهية الصغر والمعلوماتية المتخطية حدود الخيال البشرى والفضائيات العابرة للقارات وغيرها من منجزات علوم وإختراعات وإكتشافات إنسانية وطبيعية وهيمنة الحضارة الغربية بمركزيتها التي إنتقلت قيادتها إلى شيطان العصر "أمريكا"، رغم بروز قطب جديد مقاوم لهيمنتها متمثلا في آلاف المنظمات الشعبية وحركة شعبية عالمية مناهضة لعولمتها بعد أفول نجم القطب الروسي، فضلا عن بروز التنين الصينى كقطب محتمل.

* وإكتشفنا رابعا، أن حصاد تفاعلنا مع لجان شعبية أو جبهوية أو لجان خلعنا فيها أرديتنا الايديولوجية، وإنصهرت في بوتقتها كوادر رئيسية من مختلف مدارس حركة الوطنة المصرية، كان حصادا متجاوزا من حيث التأثير أداءات قبائل المنتمين الى أحزابنا مجتمعة، كلجنة الدفاع عن الثقافة القومية، أو لجنة الدفاع عن سليمان خاطر، أو اللجنة القومية للدفاع عن ثورة مصر، أو لجنة الدفاع عن الحريات، أو الحركة الشعبية لمقاومة الصهيونية ومقاطعة "إسرائيل"، وغيرها الكثير.

* وإكتشفنا خامسا، أننا مؤهلين بحكم طريقتنا في التفكير، ورؤيتنا الفكرية المنفتحة وفق صيغة التوفيق الفعال، وإيماننا بمقولة القائد والزعيم جمال عبد الناصر "بأن من أعظم الملامح في تجربتنا الفكرية والروحية أننا لم ننهمك في النظريات بحثا عن حياتنا وإنما إنغمسنا في حياتنا ذاتها بحثا عن النظريات"، و إعادة قراءة التجربة الناصرية على قاعدة الخطاب الوطني الخالص بثوابته القومية والحضارية الاسلامية، إكتشفنا أننا مؤهلين لصياغة مشروع الخطاب الوطني الجامع بروافده وثوابته. ومن ثم كان الحوار الواسع حول "نداء الكرامة"، ثم الحوار الأوسع حول مشروع برنامج حزب حركة الكرامة، وما بينهما من محاولات متعددة لوضع الافكار على محك الواقع والذي تجلى في ذروة أدائه عبر "اللجنة القومية للدفاع عن الفلاحين"، وبثها روح المقاومة للظلم الاجتماعي الذي طال فئة لا يستهان بها من مستأجري الأرض الزراعية وصغار الفلاحين، ورأينا بأم أعيننا الرايات السوداء يشرعها فلاحى مصر على أسطح بيوتهم، وعشنا معهم نموذج مصغر للعصيان المدني بكافة أشكاله، من الاعتصام، والإضراب، والتظاهر والتجمع السلمي المنظم، والاصطفاف على الطرق الزراعية، وإنتزاع حق التنظيم في روابط، وغير ذلك الكثير.

* كانت أهم الدروس المستفادة من هذه التجربة، أن العمل بالناس وللناس وحده هو طوق النجاة من بحر الظلمات وأمواج يأسه العاتية، وأن إنطلاق الطلائع المتقدمة من خطاب وطني جامع كفيل بذوبانها وسط الجموع المتعطشة للحرية والعدل والكرامة

* وهنا بالذات بدأنا في الشروع لرفع الراية السياسية لهذه الحركة بتأسيس حزب حركة الكرامة إنطلاقا من نقطة البدء وهي طبقا لنص وثيقته السياسية: إعادة صياغة العلاقة بين مدارس الفكر والعمل السياسي في حياتنا، والنداء مفتوح للكل، وللأجيال الوسيطة والشابة بالذات، مفتوح لنا ولغيرنا في المدرسة القومية، ومفتوح لأبناء المدرسة الليبرالية، ومفتوح لأبناء المدرسة الإسلامية، ومفتوح لأبناء المدرسة اليسارية، وقد أعطت كل مدرسة لأمتها قدر ما استطاعت في الظروف التاريخية التي نشطت وتطورت فيها، وكان لكل منها سلبياته ونقائصه التي صنعتها نفس الظروف، وقد آن الأوان لإعادة صياغة العلاقة بين المدارس الأربعة في ضوء الخبرة والتاريخ، وهي مهمة ملحة في ظل واقع الهزيمة الذي يريد أعداء الأمة أن يفرضوه عليها، ولا تستطيع مدرسة بمفردها أن تحمل عبء التحديات الجسام التي تواجهها الأمة.

* والعلاقة الجديدة تنطلق من أن الحقيقة الكاملة لا يحتكرها أحد، وترتكز على اعتراف الكل بالكل، وتستوجب نقدا ذاتيا أمينا شجاعا يمارسه كل طرف ويعلنه على الملأ، وتلك ليست محض ضرورة أخلاقية أو نزعة ديمقراطية أصيلة، إنها أيضا ضرورة للانفتاح على المستقبل والوفاء بشروطه، وضرورة لاكتساب وتعميق المصداقية لدى الجماهير، وهنا لا نعنى على أي نحو إلغاء الحدود بين القوى والمدارس، ولا التنكر لحقوقها البديهية في التعدد المؤسسي، ولا نعني وضع الرؤوس في الرمال أو التعامي عن خلافات طبيعية وموضوعية، فليس ذلك مما نقصده، المقصود: إدراك المشترك وفتح البصر والبصيرة على مساحات الاتفاق الممكنة في بناء المستقبل عبر تخليص الوطن من التغريب والصهيونية والفقر والفساد والاستبداد. المقصود: صياغة مفهوم اﻠ "نحن" ليتجاور ويتحاور مع مفهوم الأنا والآخر، ومن تفاعلهما تجنى الأمة أفضل ما يستطيع الكل أن يقدموه لها في أزمتها الراهنة، والمصالحة التاريخية المطلوبة بين المدارس الأربعة - وغيرها- شرط تأسيس لحركة وطنية شعبية فاعلة، المصالحة المطلوبة شرط جوهري لتنظيم الجماهير الحرة ونيل حقوقها الطبيعية والدستورية.

* والحركة الشعبية المطلوبة ليست محض ائتلاف بين مدارس الفكر والسياسة، ولا مجرد حاصل جمع لأحزاب عاجزة ومقيدة.. فرقم التغيير الصعب لا ينتج إلا من حاصل جمع أرقام الآحاد مضروبا في رقم الملايين من الجماهير. وهذا هو الدرس الواجب تعلمه من التاريخ في وقائعه المتعددة على مر مراحل عديدة في التاريخ المصري، بدءا من الحركة الشعبية في مقاومة الغزو الفرنسي والإنجليزي، وفي ثورة 1919، وحركة الطلبة والعمال قبل ثورة يوليو 1952، والكفاح المسلح في القنال، وغضبة 9، 10 يونيو 1967 رفضا للهزيمة، وانتفاضة 18 و19 يناير 1977، لقد كانت جميعها تعبيرا عن تحرك جماهيري واسع ذابت فيه الطلائع وسط الجماهير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس