الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لبنان على طريق الفدرالية ؟

محمد مصطفى علوش

2006 / 11 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لعل غير اللبناني إذا سمع ما يردده دائماً رئيس الوزراء اللبناني"نحن محكومون بالتوافق" يظن أن لبنان بلد معافى سياسياً وأن أهله ارتضوا العيش بالتوافق إلا أن هذا الظن لا يلبس أن يتلاشى إذا فهم حقيقة هذه المقولة والتي يترجمها وليد جنبلاط الزعيم الدرزي بصراحته الخشنة أحيانا حيث يقول:"لبنان عبارة عن صفقة طائفية" في حين يشرح ايلي فرزلي نائب رئيس مجلس النواب ووزير الإعلام السابق المقولة السابقة في لحظة غضب بقوله:"لبنان بلد مزرعة" قاصداً أن لكل طائفة حصتها من الكعكة اللبنانية )الدولة اللبنانية)

منذ إنشاء دولة لبنان الكبير والطوائف في لبنان منقسمة من حيث الولاء للجهات الخارجية ما عدا الولاء للبنان العيش المشترك ففي الوقت الذي كان البريطانيون يدعمون الدروز كانت فرنسا تحن على الجالية المسيحية أما السنة فقد كانوا يميلون للانضمام إلى سوريا، وكما ترى فالولاءات كانت دائما للخارج والخاسر كان دائما لبنان. لقد تعزز الفرز الطائفي وتأجج وحاولت كل طائفة أن تأخذ لبنان ولم تتخيل لبنان إلا وفق عقيدتها وتركيبتها ثم جاء الدستور اللبناني ليعزز هذا الشعور ففي مقدمة الدستور تقرأ الفقرة "ي" من مقدمة الدستور التي تنص على أنه "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" بين الطوائف اللبنانية، وبما أن الدستور راعى الجانب الطائفي ورغم أن المادة 95 من الدستور تنص على أن "تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة حتى تحقيق إلغاء الطائفية السياسية" إلا أن الطائفية لم تزول ولم تفتر بل ازدادت تجذراً في المجتمع اللبناني حتى وصل الحال إلى أن الحرب الداخلية في لبنان كانت حرب طوائف تديرها وتحركها وتغزيها أيادي خارجية وقد خرج الناس من الاقتتال الداخلي غير متفقين على تاريخ موحد لتلك الحقبة السوداء في لبنان وحتى الآن لا يقام إحصاء حقيقي رسمي )أقول إحصاء رسمي حيث أن هناك إحصاءات عديدة كان آخرها منذ أيام قليلة يفيد أن عدد المسيحيين في لبنان 35% وأن عدد السنة يعادل عدد الشيعة) لعدد سكان لبنان وذلك لأن معظم الطوائف لا يرغبون بأن يعرف حجمهم العددي في لبنان

هذا هو لبنان الذي كلما مرّ في أزمة داخلية وما أكثر ما يمّر به من أزمات سرت به الشائعات بين السياسيين اللبنانيين قبل غيرهم بأن لبنان يتعرض للتفتيت وأن فيدرالية أو كونفدرالية سوف تلبس لبنان . فلم يمض أيام يتيمة على استقالة وزراء الشيعة من الحكومة اللبنانية حتى خرج علينا رئيس حكومة لبنان الأسبق عمر كرامي والمحسوب على سوريا بأنه بدأ يسمع همساً من بعض الأفرقاء بأن لبنان يتجه نحو فدرالية أو كونفدرالية
طبعاً لم يكن كلام السيد كرامي صوتاً ناشزاً في سيمفونية يعزفها كل أطياف اللون السياسي في لبنان، بل إن كلامه جاء ليضع النقاط فوق الحروف حقيقةً. فلبنان اليوم يقسم بأيد السياسيين اللبنانيين (من يسمون أنفسهم وطنيون بامتياز) قبل غيرهم ولا أظن أن المواطن البسيط في لبنان والذي يعاني ويلات الحرب وغلاء المعيشة وثقل الدين العام الذي يبلغ 40 مليار دولار وحتى الآن لا يعرف من وراء كل هذه الديون أضف إلى البطالة بكل أنواعها المتفشية والمستشرية في المجتمع ، هذا المواطن البسيط يثق بلبنان أكثر من كل هؤلاء ، حتى أن لسان حال المواطن اللبناني البسيط يقول لهؤلاء السياسيين :"أف لكم ولما تصنعون".
نحن لا نقسو على السياسيين اللبنانيين إذا اتهمناهم بأنهم من أكثر من يفتت البلد ويضيعه ، والخبر عند أهله، فلبنان اليوم كما كل يوم يتشكل من تيارات متصارعة في أهدافها وسلوكها وكل تفاصيلها وفي داخل هذه التيارات تيارات أخرى وقس على ذلك. فهناك فريق 8آذار والذي يتألف من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، الذي يتهم الحكومة والتي كان جزءاً منها منذ ولادتها حتى مرضها المميت بسببه الآن ثم يخرج عليها ليتنصل منها وليعلن عدم ولاءها للبنان السيد وأنه يسعى باستقالة وزرائه إلى إيجاد حكومة نظيفة كما يصرح السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، حكومة نظيفة من الولاء والارتهان لأمريكا وإسرائيل وكل المتآمرين. وفي المقابل فريق 14 آذار والذي يحوي تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وقرنة شهوان وحزب الوطنيين الأحرار وحركة اليسار الديمقراطي . والذين يتهمون فريق 8آذار بعرقلة إقامة الدولة اللبنانية وبقائها مرتهنة إلى النظام السوري الذي نهب الأرض وقطع النسل في لبنان وأن-أي فريق 8آذار- يريد أن يجعل من لبنان إيراناً ثانية أو دولة شيعية . وفريق يسمى بقوى اللقاء الوطني والذي يترأسه عمر كرامي والذي يضم وزراء ونواب سابقون يحسبون على النظام السوري وفريق يسمى بالقوة الثالثة والذي يترأسه رئيس الوزراء السابق سليم حص والذي لم يكتب له النفوذ كما لغيره وبين هذا الفريق وذاك نجد فريق بل نجد أفرقاء تميل لهذا الفريق تارة ولذاك الفريق تارة والمغيب عن كل هؤلاء هو المواطن اللبناني البسيط الذي يحلم بحياة كريمة .
إن المتابع لتصريحات السياسيين في لبنان من كل الأطياف لا يدري ولا يمكن أن يحكم ، من العميل ومن الوطني من الذي يريد أن يبني ومن الذي يريد أن يهدم من الذي يسوق لبنان إلى المذلّة والارتهان ومن الذي يسوقه إلى العزة والاستقلال فالجميع خطابهم واحد يتوحدون في الخطاب والإدعاء والاتهام ويختلفون على التوحد في أي شيء. فكلهم يدعي الحرص على البلد والحد من السرقات وإنقاذ لبنان من التجاذبات الدولية والإقليمية وبناء لبنان حر.

الجدل البزنطي اليوم في لبنان
في ظل ما نعيشه اليوم في لبنان يظن المراقب وكأنه يعيش في زمن الجدل البزنطي القائم على الجدل لا لشيء إلا الجدل فالحكومة القائمة والتي كانت دستورية بالأمس أصبحت غير دستورية والحكومة التي جاءت من قبل الأكثرية هي حكومة لا تمثل الأكثرية ، والأكثرية هي الأكثرية الوهمية كما يسميها حسن نصر الله ، والأقلية هي الأكثرية ولكنها لم تُمثل ، وهكذا دواليك ، والدستور الذي يختبئ وراءه كل فريق يُصدق ذلك ويكذبه، فكل فريق يجادل بالدستور ويبرهن بالدستور بل بنفس الفقرة من الدستور على الشيء ونقيضه فأستاذ بالقانون يميل إلى فريق 8 آذار يقول بأن الحكومة الحالية وبعد استقالة وزراء حزب الله تناقض صيغة العيش المشترك والتي جاءت في مقدمة الدستور وأستاذ قانون آخر والقريب من فريق 14 آذار يقول بأن الحكومة ما زالت دستورية واستقالة بضعة وزراء من طائفة واحدة لا يعني إلغاء لصيغة العيش المشترك فلبنان بلد ديمقراطي يُحكم بالأكثرية وبناء عليه يزداد الانقسام ويرتفع الصراخ حول ما ينبثق من هذه الحكومة فهل ما بني على باطل فهو باطل فما يصدر عن الحكومة التي أصبحت غير شرعية باطل لأنه بني على باطل أم أن الحكومة التي أُنشئت بطريقة شرعية تبقى شرعية على اعتبار أن اليقين لا يزول بالشك؟.
في ظل هذا الجدل يذهب كل فريق ليحشد جنوده ويحزم أدلته حتى أن الشارع الذي يهددون باللجوء إليه باعتباره الحكم الحيادي دوماً هو نفسه من يخوفون بعضهم به، من أن النزول إلى الشارع لن يكون للبنان حتى، حيث أن طابوراً خامساً في الشارع يتهيأ ليأكل كل هؤلاء ويأكل لبنان بعد ذلك فقد صدر عدة تحذيرات من كثير من المراقبين بأن هناك تيارات إسلامية متشددة تريد أن تنقض على لبنان كله لترهنه هي الأخرى للحركات الإسلامية كالقاعدة لتتخذه منطلقاً في تحقيق أجندتها في المنطقة ،أضف إلى أن التاريخ في لبنان يثبت كما يقول رفيق خوري رئيس تحرير جريدة الأنوار في لبنان بأن الشارع في لبنان دائما ما ينقسم إلى شارع طائفي.
ويستمر هذا الحال وهذا التصعيد بين الأفرقاء السياسيين في الوقت الذي يتعطل فيه كل شيء في لبنان وكأننا نعيش غيبوبة تاريخية فالزمن عند اللبنانيين توقف ريثما نخرج من عنق الزجاجة ويعود لبنان إلى أهله الذي لا ندري من خطفه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا