الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجتثاث جذور البعث مهمة انسانية

صلاح كرميان

2003 / 6 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



/ سيدني

شهد تاريخ العراق الحديث اسوأ مراحله عندما هيأت القوى الرأسمالية الظروف اللازمة ودعمت العناصر البعثية التي تشربت من الافكار العنصرية والشوفينية التي نادى بها شبلي شميل وساطع الحصري وتبناها مشيل عفلق للاستحواذ على السلطة في العراق في 8 شباط/1963، بغية القضاء على القوى التقدمية والتحريرية وكانت الجرائم التي اقترفتها عصابات الحرس القومي التي نظمها البعثيون انذاك خير دليل على الدور الخياني الذي اوكل الى عفلق واعضاء حزبه من البعثيين. ولكن السلطة العارفية ابدت مرونة واضحة في تعاملها مع البعثيين لم تتمكن من القضاء عليهم نهائيا بعد الانقلاب عليهم في 18/ تشرين الثاني من نفس السنة، بل تم اعفاءهم من التهم الموجهة اليهم واطلق سراحهم لاحقا مما اتيحت لهم الفرصة ثانية لتنظيم عناصرهم والتغلغل داخل قيادات الجيش والمراكزالحيوية، فتمكنوا ثانية من الاقدام على القيام بانقلاب عسكري في 17/تموز عام1968 .

اراد البعثيون في بداية مجيئهم الى السلطة الاظهار بالمظاهرالثورية والتقدمية، وقاموا باجراء الحوار مع قيادات الاحزاب العراقية ودعوا الى التحالف الوطني وقيام جبهة وطنية تقدمية وفعلا تمكنوا من استمالة الحزب الشيوعي العراقي للدخول معهم في هذا الاطار واعلنوا عن عزمهم على حل القضية الكردية ودخلوا في مفاوضات مع الحزب الديموقراطي الكردستاني التي اسفرت عنها اتفاقية 11 آذار 1970، اضافة الى اتخاذ اجراءات اخرى واصدار قرارات كانت الغرض منها تقوية الجبهة الداخلية وكسب دعم الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي انذاك، ولم تكن تلك الا مناورة ومؤامرة بعثية كانت تهدف الى كشف قادة وعناصرالاحزاب السياسية من اجل القضاء عليهم نهائيا. وبدأوا فعلا بتفيذ خططهم خلال سنوات الاربعة المقررة لتنفيذ كامل بنود اتفاقية آذار وتنصلوا من ذلك بوضع العراقيل امام تنفيذها الى ان اعلنوا شن الحرب ثانية ضد الشعب الكردي والتي انتهت بانهيار الحركة الكردية بعد توقيع النظام العراقي اتفاقية الجزائرالخيانية مع شاه ايران عام 1975 التي تنازل بموجبها نظام البعث عن قسم كبير من الاراضى العراقية لايران وسمح لها بحق الملاحة في شط العرب مقابل سحب الدعم عن الحركة الكردية. بعد ان تمكن البعثيون من تنفيذ مؤامرتهم ضد الحركة الكردية، توجهوا صوب حليفهم في "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" كما كانوا يدعون، فقاموا بحملات ارهابية واسعة لتصفية اعضاء ومناصري الحزب الشيوعي العراقي وأسرهم، كما طالت تلك الاجراءات القمعية جميع الحركات السياسية والدينية والنشطاء ومعارضي النظام بل وحتى كل من لا يدين بالولاء لحزب السلطة او لا يتعاون مع اجهزتها القمعية. ازدادت عمليات القمع والارهاب والتنكيل ضد الجماهير العراقية عامة وجماهير الشعب الكردي بصورة خاصة مع تسلط الطاغية صدام بعد ان استطاع اجبار سلفه أحمد حسن البكر على التخلي عن السلطة الحزبية والحكومية في المسرحية التي خطط لها وتمكن من اخضاع جميع المؤسسات الحكومية والحزبية والعسكرية لسلطته واصبح يتصرف بما تمليه عليه اهواءه ورغباته الجنونية وزاد من البطش بابناء وبنات الشعب العراقي وراح يدخل العراق في حروب لا طائل لها والتي اودت بحياة الملايين من الشباب في محارق الموت. وبعد العدوان الجائر على ايران واستمرار النزيف الانساني والاقتصادي لمدة 8 سنوات، نيابة عن الجهات الدولية التي ارادت تدمير القوة الاقتصادية للبلدين الجارين وخلق الاسواق الرائجة لمصانع الاسلحة والعتاد، وتطبيقا لافكار مؤسس البعث الفاشي "ميشيل عفلق" في معرض افكاره القوموية الشوفينية (ان الكرد في العراق وسوريا والبربر في المغرب العربي يشكلون العرقلة امام مشروع الوحدة العربية ويجب افناءهم) اوعز الطاغية صدام الى شن حملات الابادة الجماعية ضد الجماهير المحرومة في كردستان واناب المجرم علي الكيمياوي للاشراف المباشرعلى تنفيذ لعمليات الاجرامية الواسعة في مذابح "الانفال" البربرية اضافة الى سياسات الترحيل والتعريب الوحشية بحق الكرد في مناطق سكناهم في كركوك وخانقين وسنجار وشيخان والعديد من المناطق الكردستانية الاخرى بينما استمرالنظام البعثي في استخدام شتى الوسائل لقمع جماهيرالجنوب والوسط وبالاخص سكان الاهوار بما فيها تغيير الواقع الجغرافي لمنطقة الاهوار وذلك بتجفيفها وازالة مصادر العيش فيها.

كان النظام البعثي الصدامي في سياساته العدوانية يوهم القومويون العرب والانظمة العربية بالشعارات القومية وحمايته للبوابة الشرقية للوطن العربي والتصدي لاطماع النظام الايراني، الا ان جاءت حماقته في غزو الكويت لتثبت لتلك الانظمة كذب ادعاءاته وليكشف عن نواياه الشريرة. واسفرت مغامرته الطائشة التي ارادت لها امريكا ودول التحالف ليعطي اقوى المبررات للتواجد الامريكي والبريطاني في المنطقة  وفرض الحصار الجائر ضد الجماهير العراقية دون النظام طيلة 12 سنة ومن ثم خلق التبريرات للتدخل العسكري المباشر واحتلال العراق وشهدت العالم النتائج التي الت اليها في اعقاب ذلك و تدمير ما تبقى من البنى التحتية وانعدام الامن والنظام والمقومات الحياتية والتي تعتبر بحق من اكبر الجرائم التي ارتكبها البعثيون والتي كانت خاتمة الجرائم التي ما لبثوا ان اقترفوها بحق العراق ارضا وشعبا. لم يشهد التاريخ شعبا يرضى الاحتلال ويدعو المستعمرين لاحتلال بلاده ولكن ما عاناه العراقيين من العرب والاكراد والقوميات والطوائف الاخرى من جور وظلم ووحشية النظام، خلق الاجواء المناسبة للترحيب بالمحتليين لانقاذهم من كابوس النظام البعثي ودكتاتورية صدام الدموية.

تلك القراءة السريعة لسنوات الحكم البعثي، يظهر لنا بوضوح مدى زيف الشعارات التي كانت تطلقها عصابات القتل والاجرام البعثية والتي لم تكن غير وسائل خداع وايهام للرأي العام للاستمرار بالتفرد بالسلطة على حساب ارواح الملايين من الشعب العراقي ولم يكن رئيس النظام، الطاغية المهزوم صدام صادقا الاّ في قوله "ان من يريد ان يحتل العراق، سوف يجد ارضا جرداء". نعم لقد حول البعثيون العراق الذي يملك ثاني اكبر احتياطي النفط في العالم الى خراب وجعل شعبه يتشبث بالمحتليين لنجدته . لقد دأب النظام البعثي الصدامي على خلق عشرات الالاف من اللصوص والقتلة وهدر واردات العراق في شراء الاف الذمم والاقلام الرخيصة واجهزة الاعلام المأجورة، ولا تزال هناك الالاف ممن انعم عليهم النظام من البعثيين والمرتزقة المأجورين داخل العراق وخارجه يعملون على تنظيم صفوفهم ويحاولون بشتى السبل الظهور مجددا على الساحة السياسية في العراق. لذا يتوجب على كل السياسيين والمثقفين من الاحزاب والشخصيات التقدمية واليسارية والوطنية العمل جاهدا والمطالبة بالقصاص من المجرميين البعثيين من اركان السلطة المقبورة واجهزتها القمعية والمتعاونين معهم في تنفيذ جرائمهم بحق ابناء الشعب العراقي وكذلك العمل على تطهير مرافق الدولة من كل عناصرهم وازالة اثار اجراءاتهم اللانسانية بحق الجماهير العراقية من حملات التهجير والترحيل والتعريب وتغيير الواقع الجغرافي والعمل على مساعدة اسر الضحايا من النساء والاطفال المعدومين. أن سنوات الخمسة وثلاثون العجاف من حكم الطغمة البعثية واكتشاف اثار جرائمهم والاف المقابر الجماعية التي تكتشف على طول العراق وعرضها يحث كل ذي ضمير على العمل على اجتثاث جذور البعثيين وتحريم اي نشاط لهم مثلما جرى للنازيين في المانيا في اعقاب هزيمة هتلر في حرب العالمية الثانية. وان اي تهاون من قبل الاحزاب والاطراف التي تضطلع بادوار سياسية في مجرى الاحداث في العراق وكردستان في محاسبة المجرمين من العناصر البعثية وخاصة اركان النظام والمسؤولين عن ادارة شؤون مؤسساته والمقربين للطاغية صدام وافراد اسرته تعتبر خيانة بحق الجماهير و دماء ضحايا الجرائم الوحشية مهما كانت الذرائع والدوافع التي يبررون بها مواقفهم.

  

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو