الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد....

ليلي عادل

2007 / 2 / 5
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


(يمته نرجع لبغداد...) يفاجئني طفلي بسؤاله البريء (بيتنا و العابي وبايسكلي و الطووووووبة) سؤاله هذا أصابني بالمرض و الحيرة التي لازمت لساني و اغرقتني في صمت ...لا نهاية له ..ووجه طفلي المليء بالملل من انتظار جواب يتمناه ..و ربما كنت انا ايضا اتمنى قوله ...:قريبا ...كلا ..ربما ابدا ...
انسى بغداد ...هذا هو شعارنا الجديد ..انسى البيت و الحديقة التي تركت فيها كرتك عند آخر ركلة وجهتها نحو الحائط الذي يفصلنا عن الجار انسى الدراجة التي لوحتها شمس صيف العراق و أخفت الوانها ..انسى غرفتك التي امتلأت حيوانات محشوة و سيارات سباق صغيرة و كبيرة ..نعم كانت متعتي ان اتسوق الألعاب تحججا بك لأمارس الجزء الصغير مما تبقى من طفولة بداخلي ....
انسى انه كان لديك يوما وطن ..و لا تنتظر ان يكون لك يوما عراق بديل تسكنة و تغمض عينيك تحت سمائه مطمئنا كما لم نذق يوما طعم الأطمئنان و السكينة تحت سماء ذاك الوطن العتيق المبتلى بناسه و بأطماع من هم خارجة...ذاك الوطن الذي بيع في مزادات المذاهب و الأديان و القوميات و ذهبت هوياتنا و عراقيتنا فوق البيعة ...ضاعت الجراوية العراقية بين عمائم قذرة و شماغات غبية طائشة ...حضاراتنا التي كنا نتباهى بها ..سومر ..أكد ...بابل ...آشور ..و الحضر ...تمر كشريط سينمائي في مخيلتي كأني عشتها و كأنها ما زالت تعيش بداخلي ...ما قيمتها اليوم و نحن نغرق دما و جثثا و فنون في القتل و السلب و الفناء ...هل يعرف القتلة من هم و ابناء من و أحفاد من...ما هو تاريخهم و كيف سيرسمون المستقبل ...هل يعرف صاحب العمامة المريض فكريا من هي شبعاد ...و هل يعلم من يرتدي شماغه و يخفي به وجهه ممسكا بسيف يقطر دما من هو اوتو حيكال ..او دموزي ..من اين اتيتم لنا و شطبتم على بلد ذو تاريخ و هوية مميزة تجعل صاحبها يتميز عن كل الشعوب ..يتميز بكونه عراقي يحمل ارث العراق ...لا المادي ..بل الحضاري وا لفكري ...جئتم من الهامش و شطبتم على كل شيء و شطبتم علينا و على هوياتنا التي كانت هي كل ثروتنا ...و ها انتم بعد ان بعتم الوطن برخص التراب تبيعوننا بالجملة يوما اثر يوم و بأبخس الأسعار ...
سلام لبيتي الذي سكنه الغرباء ..سلام على كل لوحة معلقة و اسفي لها عن كل نظرة من غريب لا يفهمها و يسيء اليها ...سلام على الكتب المكدسة على الرفوف .. سلام على النخلة و الشجرة ..سلام على العاب طفليّ... التي تركوها و في قلوبهم الصغيرة حسرة ...ستبقى تلازمهم طول العمر ...
هل اجيبك يا صغيري ..اننا لن نعود و اننا سننسى ان لابد للأنسان من وطن و تراب ...اننا سنتخذ من اي بلد يحتضننا و يقدم لنا الأمان و السكينة ..وطن ننتمي اليه و نخدمه كما حلمنا ان نخدم العراق ...اننا سنغير هوياتنا و لغتنا و حتى الوان وجوهنا ..انا اكيدة انك و لصغر سنك ستتمكن من فعل كل هذا ...اما انا فسأضل احلم بذاك اليوم الذي أعود فيه الى العراق الذي اعرفه ..الى بغداد ..التي ادمنتها ..الى بيتي الذي هجرته...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م