الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر بغداد والنوايا الأمريكية السيئة

محمد مصطفى علوش

2007 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يكاد المرء للوهلة الأولى يعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية التي تجر ذيول الخيبة والهزيمة في العراق وأفغانستان قد أقرت بالوضع الراهن واعترفت بعجزها عن ادارة الملف العراقي وراحت توصّل الحبال المنقطعة بينها وبين دول "محور الشر" سوريا وإيران للإستماع لهما وللإستعانة بهما في البحث عن حل جدي للوضع الأمني المتردي في العراق من خلال الدعوة لمؤتمر بغداد .

وعلى الرغم ممن يعتبره بعض المراقبين من ان مؤتمر بغداد الذي ترعاه الامم المتحدة وممثلو الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الامن والجامعة العربية وسوريا وإيران ومصر ودول الجوار الاقليمي هو اذعان لتوصيات بيكر-هاملتون ، فإني في الحقيقة أميل بأنه ليس إلا تكتيك سياسي جديد يتمثل في إعطاء شرعية إقليمية وإسلامية ودولية للتحرك الامريكي القادم في كل الملفات العراقية ، بدأً بالخطة الأمنية الأمريكية التي من المتوقع أن تأخذ منحى تصعيدياً مع استمرار أعمال المقاومة وانتهاء بتحقيق الأجندة الأمريكية الحقيقية التي من اجلها تم احتلال العراق.

وإذا كانت إيران التي حضرت المؤتمر والتي تعتبر من اكبر اللاعبين على الساحة العراقية شككت بأهداف المؤتمر ، على لسان رئيس مجلس صيانة الدستور الايراني "احمد جنتي" الذي اتهم "بعض دول المنطقة والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي تسعى من خلال مشاركتها في مؤتمر بغداد الى سحب السلطة من ايدي الشعب العراقي وتقديمها الى جماعات امريكية او الى تلك التي ترتبط بها" فما هي الفائدة من تصريحات السفير الأمريكي لدى بغداد "زلماي خليل زاد" من استعداد بلاده لعقد محادثات ثنائية مع طهران إذا رأت أنها ستحقق فائدة.
توريط دول الجوار، بعد اقرار قانون النفط

وفي ظني فإن المؤتمر الذي استمر ليوم واحد واقتصر مستوى التمثيل فيه على السفراء ،إضافة لما قاله المبعوث الامريكية للمؤتمر بأنه تحضير لما سيعقبه من مؤتمر ثان على مستوى الوزراء يعقد في القاهرة في أبريل/نيسان المقبل يدل على ان المؤتمر ليس الهدف من ورائه معالجة الوضع العراقي بجدية بقدر ما هو تدويل للأزمة العراقية.
كما أن الإتهامات الأمريكية لكل من ايران بتزويد جماعات شيعية مسلحة داخل العراق بمعدات يتم استخدامها في الهجمات وسوريا بغض الطرف عن تسلل المقاتلين الأجانب عبر حدودها إلى العراق للانضمام إلى حركة التمرد ، ليس إلا محاولة من الولايات المتحدة الامريكية لتوريط البلدين مع غيرهما طبعا من دول الجوار امثال السعودية والأردن أكثر فأكثر في الوضع العراقي ، في الوقت الذي تنسحب هي تدريجيا من الملف الامني لتتركه كاملا للحكومة العراقية الهزيلة ومن ورائها للدول المجاورة.

فالأمريكيون يأملون بأن تقوم دول الجوار العراقي التي تخشى على كياناتها من تسرب العنف الى داخلها بالتدخل المباشر في الملف الأمني بحيث إذا تدهور الوضع أكثر تكون التبعة ملقاة على دول الجوار اكثر مما هي ملقاة على الامريكيين ، فضلا عن ان ذلك قد يعجل بسرعة في انشغال هذه البلدان ببعضها البعض على حصص النفوذ ، في الوقت الذي يتعهد فيه الجميع باحترام قانون "النفط العراقي" ،إضافة الى انسحاب القوات الامريكية الى البوارج التي سترابط في المحيط النهدي وبحر العرب حتى تكون في مأمن عن اي عمل عدائي .
ولا يخفى على أي متابع حرص الولايات المتحدة في توريط دول الجوار من خلال التصاريح التي ترشح عن مسئوليها فالمبعوث الأمريكي نوه بأهمية دول الجوار حين قال بأن للحكومة العراقية "احتياجات للحصول على المساعدة والدعم من دول الجوار فيما يتعلق بالأمن والمسار السياسي وكذلك المجال الاقتصادي".
سبب تحول السياسة الأمريكية
والسبب في هذا التحول في السياسة الأمريكية يعود لعجز الإدارة الامريكية عن حماية النفط التي جاءت من أجله من جانب ولتخوفها من أن تتحول الأراضي العراقية الى منطقة استقطاب للحركات المسلحة المعادية للولايات المتحدة ، على غرار أفغانستان في ظل نظام طالبان وفي هذا يؤكد جورج بوش ان "الانتصار في هذه الحرب ضروري لمنع أن يصبح العراق ملاذا للإرهابيين مثلما أصبحت أفغانستان في ظل حكم طالبان".

جل ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية الآن بعد سلسلة الهزات التي تتعرض لها الإدارة الأمريكية في الداخل والخارج، هو تمرير مشروع قانون النفط العراقي الجديد الذي قام بوضع مسودته شركة أستشارية أمريكية تدعى "بيرينجبوينت"، كانت قد استأجرتها السفارة الامريكية في بغداد للقيام بعدة أعمال لها في العراق. واطلعت عليه شركات النفط الأمريكية الكبرى وكذلك صندوق النقد الدولي قبل طرحه على الحكومة العراقية.

واذا كان الرئيس الأمريكي بوش قال ذات يوم ان وجود القوات الأمريكية في العراق يعود لسببين أساسين وهما النفط العراقي وحماية اسرائيل فإنه وفي ظل هذا القانون الجديد يستطيع السيطرة على هذا النفط من خلال الإمتيازات التي حصلت عليها شركات التنقيب الامريكية . وبحسب ما ذكرته صحيفة "ذا إندبندنت أون صنداي" البريطانية في 7/1/2007 فإن هذا القانون الذي سيعرض على البرلمان العراقي خلال أيام يمنح الشركات الاجنبية "فرصة لاستخراج النفط في العراق -ثالث أكبر احتياطي في العالم- لمدة 30 عامًا مقبلة، حيث يتيح القانون لتلك الشركات بتحقيق أرباح ضخمة على مدار فترة التعاقد تصل إلى 75% من الأرباح خلال السنوات الأولى، وهي ما تُعَدّ أوسع عملية لاستغلال للنفط العراقي منذ تأميمه عام 1972".

وبما ان مشكال عديدة حالت حتى الآن دون الإستفادة القصوى من النفط العراقي في ظل الأوضاع الحالية حيث تشير الوقائع الى:
• سيطرة الميلشيات الشيعية المدعومة من ايران على معظم الآبار النفطية جنوب العراق حيث النفوذ عبد العزيز الحكيم الموالي لإيران ، ففي محافظة البصرة حوالي 8 مواني غير شرعية يسيطر عليها ميلشيات شيعية حيث يتم من خلالها تهريب كميات من النفط وتقسم عائداته فيما بينها بحسب ما أشارت صحيفة الزمان العراقية.
• ما كشفت عنه صحيفة نيويرك تايمز من حصولها على تقرير سري يؤكد ان الجماعات المسلحة في العراق أصبحت تمول نفسها بنفسها من خلال تهريب النفط والحصول على فدى مقابل الإفراج عن الرهائن الأجانب المخطوفين لديها . ويوضح التقرير ان ما تحصل عليه هذه الجماعات سنويا هو ما بين 25مليون و100مليون دولار لتمويل عملياتها ضد القوات الأمريكية.
فإنه لا بد للويات المتحدة الجلوس الى باقي أطراف دول الجوار العراقي والتفاهم ، ما بعد ان أكد المفتش المستقل للحكومة الأمريكية بشأن مشاريع الإعمار بالعراق في سبتمبر الماضي ان العراق " فقد 16 مليار دولار من عائدات تصدير النفط خلال عامين تقريبًا، على تسوية ما تضمن تمرير قانون النفط العراقي الذي سيحقق للأمريكيين بالدبلوماسية ما عجزت عنه الآلة العسكرية، في الوقت الذي تظن دول الجوار أنها حققت انجازا تاريخيا بإبعاد الولايات المتحدة الامريكية عن أي تهديد لها ولنظامها!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ