الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معرض أطفال العراق في حفل زواج

هاشم تايه

2007 / 5 / 20
الادب والفن


في مبادرة رائعة لم يسبقه إليها أحد، كما أظنّ، أقام الفوتغرافي إحسان الجيزاني المقيم حاليّاً بألمانيا، معرضاً لأعماله الفوتوغرافية في يوم زفافه على الكاتبة والتشكيليّة البحرينيّة كريمة زهير، وفي نفس القاعة التي احتضنت حفل زفافهما، قاعة مرمريز في مملكة البحرين..
المعرض الذي أُقيم تحت عنوان (أطفال العراق) سبق أن عُرضت مادته في عدد من العواصم الأوربيّة.
كرّس الجيزاني معرضه هذا لتصوير الوضع اللاإنساني الذي يعيشه الأطفال العراقيّون المحرومون من أبسط ما يتوفّر لأقرانهم في بلدان أخرى...
أطفال بلا طفولة حقيقيّة.. أطفال أخرجتْهم معاناةُ ذويهم القاسية من فضاء الطفولة الحرّ إلى سجن الواقع الرهيب، حيث يجري تدجينهم فيه لأعباء الحياة الشّاقّة الباهظة، ويتمّ استغلال أجسادهم الطريّة بأعمال الكبار ، بذرائع الحياة وحاجاتها إلى البقاء بأيّ ثمن حتّى لو كان التضحية بطفل بريء يُرغَم على التنازل عن حقّه الطبيعي في التمتّع بأجواء طفولة صحيّة تمدّه بمقوّمات بناء كيانه بصورة سليمة، وتكفل له حاجاته، لينمو ويزدهر ويكون فاعلاً في محيطه الذي يعيش فيه..
غياب الطفولة عن الأطفال العراقيين غدت ظاهرة مؤلمة وعلامة فارقة من علامات الوضع المأساوي لعراق اليوم الذي تتكالب عليه المحن والكوارث...
عدسة الجيزاني اصطادت الأطفال العراقيين في لحظتهم الأليمة خارج حقل الطفولة الذي يُفترض أن يكونوا فيه، وبعيداً عن مقاعد الدراسة، وأجواء اللّعب التي يجب أن ينالوا نصيبهم منها، ولم يكتفِ الفنّان الجيزاني بتسجيل لحظات الطفولة الضائعة تسجيلاً بقصد التوثيق بكاميرا باردة فحسب، وإنّما ذهب أبعد من ذلك، بتجسيده عذاب الطفولة في لقطات ذكيّة حرص على اختيارها بمهارة فنّان محترف، وحذق فوتوغرافي موهوب صاغ مادته بصورة بصَريّة نستطيع خلالها أن نمسك بلحظة يختلط فيها إحساس الطفل بإحساس الفنّان الذي اجتهد في تقديم عمل فنيّ بلغة فوتوغرافية تقترب من التعبيريّة وإن تكن بعناصر واقعية...
أطفال عراقيون في لحظتهم غير السعيدة، اللحظة الكاسرة للظرف الاجتماعيّ الظالم الذي يرغم الإنسان على أن يُخرِج طفله العزيز من عالمه، ويلقي به في معمعان الحياة والضياع لينخرط في أعمال شتّى، فيبيع الطاطلي في الأسواق، أو يعمل أجيراً لدى ميكانيكيّ، أو يركب حماراً ويبيع قناني الغاز، أو يتسوّل المارّة في الطرقات والساحات، لينحرف، أو يقتل على أيدي متعاطي العنف...
وليس أدلّ على صدق إحساس الفنان بمادته من حرصه على دمجها بأحد منعطفات حياته الخاصّة، وباللحظة السعيدة فيها، لحظة إشهار الاقتران بكائن اصطفاه ليقيم معه في شركة الحياة، وكأنّ الجيزانيّ وقد اختار أن يحتفي بأطفال العراق في حفل زفافه على الرغم من أنهم سيظهرون بصورة لا تسرّ أحداً في حفل بهيج، كأنّه أراد أن أن يعلن للإنسانة التي اقترن بها وللآخرين اقترانه بفنّه الذي يريد أن يكرّسه لقضيّة إنسانيّة يدافع عنها بالصورة الفنيّة وشروطها الجماليّة... كأنّه أراد أن يوصل رسالة إلى أطفال العراق المعانين، رسالة تقول لهم: إنني معكم حتّى في هذه اللحظة الخاصّة...
ولابدّ أن يسجّل المرء لهذا الفنّان تجاوزه للإطار التقليديّ بعرضه أعماله خارج الكاليريهات المعتادة، وفي طقس اجتماعي خاصّ... كماّ أنّ قرينته التي استجابت لفكرته قد عبّرت عن وعيها العميق كإنسانة أوّلاً وكفنّانة يهمّها كثيراً المصير الإنسانيّ...

* تنويه من الفنان الجيزاني
أغلق عدد من الكاليريهات العربية أبوابه أمام معرضي (أطفال العراق) فضيّعوا عليّ فرصة نقل ما يعانيه الطفل العراقي من حرمان ومن قتل مجاني الى العالم العربي فاضطررت إلى عرض أعمال معرضي في قاعة مرمريز في البحرين التي شهدت حفل زفافي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية