الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتنياهو ووحش الفقر

تمار غوجانسكي

2003 / 9 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



الاثنين 15- 09- 2003
"الاولاد هم مشكلة خاصة لأهاليهم وليس من مهمة الدولة الاهتمام باولاد يستعسر اهاليهم إعالتهم"، تلك الأقوال، أسمعها وزير المالية بنيامين نتنياهو، في مقابلة إذاعية أجرتها معه الصحفية، شيلي يحيموفيتش، في (10/9) عبر إذاعة :غالي تساهل". وعندما طرحت شيلي السؤال بصيغة أصعب حول كيفية مواءمة القلق للطبقات الفقيرة الذي وضعه نتنياهو هدفًا للعام (2004)، مع التقليصات الكبيرة في مخصصات الاولاد، وعن ذلك أجاب نتنياهو، ان معنى القلق للطبقات الفقيرة، هو ان يعمل كل اب حسابا، لكم ولد يكفي دخله الشهري!! وردا على ذلك عبرت شيلي عن أملها "أن تربية جديدة من هذا النوع لا تتضمن العقم ايضًا"!
ولكن على الرغم من ان القرار بالنسبة لحجم العائلة مهم، لكنني أريد معالجة الموضوع بالرغم انه من ناحية نتنياهو غير قائم اطلاقا هو حقوق الاولاد.

ان اي اعلان استعلائي حول واجب الاهالي الاهتمام بأولادهم لا يحرر حكومة اسرائيل اطلاقًا، من واجبها للاهتمام بحق كل ولد كولد، خاصة اذا كان يعيش في عائلة فقيرة، ان يعيش حياة كريمة ومريحة دون اي تمييز، ان يتطور وفي صحة جيدة ولان يتعلم ويتربى ويحظى بالرفاه والحرية.
ولقد جاء في ميثاق الامم المتحدة حول حقوق الطفل والذي صدّقت عليه اسرائيل في عام (1991) والتزمت بتطبيق بنوده، ان مستوى الحياة اللائق هو حق كل طفل وجاء في احد البنود: "الدول الاعضاء في الميثاق تعترف بحق كل طفل في مستوى حياة ملائم لتطوره الجسدي والعقلي والنفسي والاخلاقي والاجتماعي".
وان التأكيد الذي أبرزته الامم المتحدة في ميثاقها حول حق كل طفل في مستوى حياة ملائم لا يعفي الاهل من المسؤولية. وجاء في بند (27,2): "على الاهل المسؤولية الاولى لضمان في اطار قدراتهم ومواردهم المالية، شروط الحياة الضرورية اللازمة لتطور الولد، لكن عندما تنعدم قدرة الاهل لتوفير مستوى الحياة المطلوب للاولاد، فهنا تكون مسؤولية الدولة الواضحة لاحترام حق الولد وبحكم احترام الحق، مساعدة الاهل ماديًا ووضع برامج مساعدة اخرى.
ولقد جرى في إطار خطة نتنياهو الاقتصادية التي قدمها في آذار الماضي، دوس وبكل فظاظة على حقوق ثلث الاولاد في اسرائيل الذين يعيشون فوق خط الفقر، في ان يحصلوا على مستوى حياة ملائم، وقد تقرر في خطة نتنياهو تقليص (70%) من مخصصات الاولاد لكل عائلة فيها اكثر من ثلاثة اولاد. انتبهوا، كذلك لعائلات فيها ثلاثة اولاد، وذلك في عملية تتواصل حتى (1/2006)، لكن الجزء الاكبر من التقليصات كان في آب الماضي وسيتواصل في كانون الثاني القادم.
وتبين من فحوى المقابلة مع شيلي يحيموفيتش، انه يمكن الاستنتاج ان التقليصات في مخصصات الاولاد والتي أصابت العائلات الفقيرة، ليست حتمية ناتجة عن الازمة الاقتصادية، ومن وجهة نظر نتنياهو انه يجب تنفيذ تلك التقليصات في أي حالة كرسالة ايدلولوجية، وكجزء اساسي في التفكير في آرائه الاجتماعية التاتشرية. ويمكن الفهم ان نتنياهو سئم من الاولاد الفقراء، خاصة العرب واولاد المتدينين اليهود، الذين يستعسر أهاليهم اعالتهم، لذلك سيعمل ويتسبب لكي يعيش هؤلاء الاولاد في فقر وحتى معاناة الجوع، وللشعور بالرجفة في الشتاء حيث لا توجد تدفئة وعدم تلقي الادوية التي يحتاجونها وللتساقط من المدارس بسبب النقص في كتب التعليم والقرطاسية، او بسبب الحاجة للمساعدة في اعالة العائلة والعمل.

لقد جرت العديد من الأبحاث والتحقيقات الكثيرة عالميًا وبشكل قليل في اسرائيل حول اوضاع الاطفال الفقراء وكيف يعيشون ولماذا يعيشون هكذا. وأبعاد العيش في ظل الفقر على صحتهم وتعليمهم ومشاعرهم وتطورهم، واحتمالات اندماجهم اجتماعيًا.
ومن ناحية الولد فان الفقر معناه، عدم التغذية الصحيحة او تغذية غير ملائمة. والمعاناة الخطيرة من الامراض وخاصة الامراض الخطيرة والخطر الاكبر للمعاناة من الاهمال ومن مشاكل سلوكية والغياب الكثير عن المدرسة وارتفاع نسبة التساقط من المدارس والتنكر الاجتماعي لهم وعدم الطموح وقتل الآمال والمشاعر وانعدام الثقة للتخلص من الضائقة والمآسي والفقر.
وبالنسبة للطفل فان العيش في ظل الفقر، ليس فقط حاجزًا اجتماعيًا شبه مغلق كليًا ولا يمكن تجاوزه، ان الفقر هو وحش حقيقي وليس خياليًا، يقضم وينهش صحته وجسده، ومؤهلاته واحلامه وقدراته، وحاضره ومستقبله، ان حياة الفقر تُملي وتفرض على الطفل ولا يمكنه التهرب منها، فلا توجد له الادوات والاجهزة للتخلص منها، ومن ناحية الولد فإن الفقر هو حالة الأشياء كلها وهو يعرف انه لا يستطيع تغييره، كما لا يستطيع تغيير لون عينيه.

لكن من ناحيتنا نحن الكبار، فان الفقر هو حالة اجتماعية تسببه ظروف معينة يمكن تغييرها، والاستقطاب الاجتماعي ليس منزلا من السماء، انما هو ثمرة نظام اجتماعي مشوه وسياسة منهجية هدفها تقوية الطبقة الثرية الغنية الحاكمة بأي ثمن، وحتى على حساب دوس الحقوق الأساسية لسبعمائة الف طفل فقير!!
لقد أوضحت اقوال نتنياهو خلال المقابلة مع شيلي، ان ثمن "المعافاة الاقتصادية" الخيالية، يدفعه وليس صدفة، الاولاد اليهود والعرب الذين يعيشون في المجتمع على الهامش وفي ظل فقر مدقع وبخيبة امل كبيرة. والثمن الكبير الذي يدفعه الفقراء من اولاد ومجتمع يستوجب رفض وشجب موقف نتنياهو والعمل المكثف لاسقاط الحكومة.


نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة