الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الجديدة!

نوري المرادي

2003 / 9 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



بيانا طلب عمل في وكالة!!
 

قبل أيام صدر بيانان عن مجموعة من المواطنين العراقيين، أحدهما يناشد بوش وبول وبلير أن لا يجعلوا دورا، غير الإنساني، للأمم المتحدة. وفي الثاني يستصرخون ضمير بول وبوش وبلير، الحي طبعا، أن لا يسمح للقوات التركية بدخول المنطقة الكردية.

والبيانان موَقعان من أسماء كثيرة.

ولابد من مقدمتين:

الأولى إني افترضت يدا لموقع (الحوار المتمدن) بتأليف البيانين، فأخذتني العزة بالإثم على الأستاذ روزجار عقراوي، لكن تبين لي أنه مجرد نشر البيان الثاني ولا يد له به، لذا أقدم اعتذاري الصادق له عما صدر مني بحقه من سوء ظن، وأنا واثق من سعة صدره.

الثاني: كل ما يرد أدناه لا أعني به حشر الموقعين، إنما الجهة التي حررت البيانين وتبنت جمع التواقيع عليهما. أي إني لا أخص من الأسماء الواردة إلا بعض الموقعين الذين هم أساسا وراء نشر البيانين، أو نقلهما من الإنجليزية إلى العربية.

أقول نقل البيانين من الإنجليزية لأني حين أعدت النظر بهما، وقارنتهما بالبيان المعهود (500 كلمة لربيع بغداد القادم) وجدت وحدة في المضمون والمعنى والقصد معا. وقد أثبت مرة أن بيان ربيع بغداد منسوخ عن الإنجليزية بدليل تعابيره ومفاهيمه!

وبيان ربيع بغداد بالمناسبة، أثبت صحة توقعاته من حيث الربيع الأمريكي الذي حل بالعراق بعد الاحتلال، فجعل نساءه تباع في سوق النخاسة النفطية ومدنه تتخرب وأهله يقتلون بالجملة ولمجرد أن جنديا أوكرانيا، مثلا، أحب أن يجرب القتل.

ومن مراجعة للبيانين فأول ما يثير الانتباه، هو الفهم الجديد للثقافة. حيث صدرا وكأنهما من طبقة أو شريحة أو فئة المثقفين العراقيين، بينما وفيما عدى أسماء معروفة في عالم الثقافة والأدب، ذكر السواد الأعظم من الموقعين مؤهلاته المهنية وشهاداته السابقة (وليتها كانت صادقة) مما يدل، ومع احترامنا للأسماء المعروفة الموقعة، على تسذيج وتسفيه لمفهوم الثقافة بجعله يرتبط بالمهنة أو بنوع الشهادة. ومعلوم أن العالِم على سعة علمه، شيء والمثقف شيء آخر، رغم رهافة الحد الفاصل بينهما أحيانا.

والشيء الآخر الذي يثير الانتباه في البيانين أيضا، هو غلبة طبع ناشرهما، والذي يمكن استشفافه بمجرد زيارة الموقع الذي سوّقهما أولا، ليرى المرء أية سوقية تلك الثقافة المعنية،، والتي يجتمع رموزها على بذاءة اللفظ وسقط الجدل والعقلية المخابراتية والتي لسفهها صارت مثارا للتندر.

والموقع الذي سوقهما أولا هو بطبعة الحال ليس موقع (الحوار المتمدن) وأكرر إعتذاري للأستاذ الفاضل روزكار عقراوي.

وأكبر دليل على مستوى ناشروي البيانين الثقافي الجديد، هي أنهم أساؤوا لنخبة كبيرة من الموقعين على البيانين دون أن ينتبهوا. فأحد أشكال تسقيط شخص هو أن تحشر اسمه مع ساقطين. وقد حشر محررو البيانين بين الموقعين أسماءً معادية لهم ومعارضة لتوجه من قبيل كتابة العرائض للسفاحين القتلة أمثال بول وبوش وبلير. طبعا حشروا أسماء المعارضين بغية إسقاطهم سياسيا. ويا للفذلكة! والذكاء!! والشطارة!!! والمستوى الثقافي العظيم!!!!

فذلكة وشطارة وفطنه، ربما توصلوا إليها بعد مشاورات بينية طويلة، تمخضت عن رؤيا هي أنك لو أردت إسقاط خصمك فاقرن اسمه باسمك!

ومحررو البيانين حشروا أسماء أعدائهم معهم كموقعين توخيا لإسقاطهم. فإذا سقط الأشخاص بمجرد حشر أسمائهم مع موقعين، فمن الساقطين حقا، المحشورين أم الموقعين؟! ولا مجال للتعميم هنا، ونستثني الأسماء الواردة ضمن الموقعين، إلا أن فذلكة وذكاء ناشري البيانين للأسف توحي بهذا.

ولنعد إلى البيانين لنر جوهرهما! هل هما بيانان سياسيان أم شيء آخر بعيد كل البعد عن السياسة والنضال المطلبي؟!

فبعد المداهنة الرخيصة بتقديم فروض الطاعة وشكر العبيد المعهود قال البيان الأول: ((نحن الموقعين أدناه مجموعة من المثقفين العراقيين، نود أولاً أن نتقدم لكم وللشعب الأمريكي بالشكر والامتنان على مساعدتكم لشعبنا العراقي في تحريره من أشرس نظام دموي عرفه التاريخ المعاصر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولولا دعمكم هذا لكان صدام حسين لا يزال يواصل نشر المقابر الجماعية))

 ولا إشكال في أن يستعير مثقفون لفظا غربيا ويعربوه في موضوعة نشر المقابر، إنما الملاحظ على هذا البيان إلغاء ناشريه لاثنتين من المسلمات الثلاث للدعاية الأمريكية قبل الحرب كان هؤلاء الناشرون قد اعتادوا ترديدها قبل الاحتلال: أسلحة الدمار الشامل والأسرى الكويتيين.

ومثقفون أذكياء من وزن ناشري البيانين لاشك يصعب عليهم فك لغز ((أهو تحرير أم احتلال)) لذا فلا عتب عليهم في هذه.

ويواصل البيان الأول قائلا: (( السيد الرئيس، نتابع بقلق عميق ما تقوم به فلول النظام السابق وحلفاؤه من الإرهابيين من منظمة القاعدة والمرتزقة العرب، من إرهاب وأعمال تخريب المؤسسات الإقتصادية والبنى التحتية وقتل الأبرياء المدنيين وجنود قوات التحالف وبمباركة الفضائيات العربية المعروفة وشيوخ الفتاوى الدينية التحريضية في البلدان العربية. وتتكلف أمريكا خسائر بشرية يومية، وتتحمل عبء تكاليف مالية ضخمة تصل لأربعة مليارات دولار شهريا في العراق. لا شك أن الغرض من هذه الأعمال الإرهابية هو إجبار قوات التحالف على الرحيل المبكر لتسهيل عودة حكم صدام لمواصلة قتل العراقيين وتهديد الأمن والسلام في المنطقة والعالم ،،، ورغم العشرات من الأحداث الدموية الإرهابية في اليوم ،، وهذا هو السبيل الوحيد أمام الولايات المتحدة لإنقاذ الوضع من التدهور، وفي الوقت نفسه لتقليل الخسائر البشرية الأمريكية))

ولن نعلّق هنا على وطنية الناشرين الأمريكية الرخصية أو مزايدتهم حتى على المواطنين الأمريكان المعارضين للحرب. لن نعلق لأن من رخص كله رخصت أجزاؤه. لكن الناشرين هنا يشيرون وبصريح العبارة إلى الخسائر البشرية والمالية. الأمر الذي ينفونه دائما إن حين ننشر خسائر الأمريكيين بالمختصر الشهري (أرشيف المقاومة) أو بما تقوله القنوات الفضائية التي يشتكونها إلى أسيادهم هوش وبول وبوش. وليس أنكروا فحسب وإنما نسبوا إلى المقاومة الوطنية أنها لا تستهدف الأمريكان وإنما فقط البنى التحتية العراقية كالكهرباء والماء والمواطنين الأبرياء،،الخ. ونحن، إذاً، أمام ظاهرة جديدة للثقافة، وهي ازدواجية اللسان، لسان تكشف به الحقائق لسيدها ولسان تكذب به على مواطنيها.

ويستمر البيان ليدخل معمعة الانتخابات الأمريكية لصالح هوش بول بوش، فيقول: ((وقد استغل معارضو الحرب في الإدارة الأمريكية والساسة المدفوعون بحسابات انتخابية و"ثأرية " في لندن وواشنطن هذا الوضع الصعب للمطالبة بتقليص قوات التحالف في العراق وجلب قوات دولية "لحفظ السلام". أما فرنسا وألمانيا وروسيا فقد استغلت الصعوبات الأمريكية في العراق للتسلل سياسيا واقتصاديا إلى العراق تحت علم الأمم المتحدة، ولفرض الهيمنة السياسية على شعبنا وعلى مستقبله ولتحجيم الدور الأمريكي. وهكذا تواصل الدول المذكورة ممارسة الضغوط العلنية لتعديل مشروع القرار الجديد في مجلس الأمن إلى مظلة لتحقيق أهدافها الخاصة، علما بأننا لا نرى أي ضرورة لتقديم مشروع قرار جديد في الوقت الحاضر. وليس من الصدف أن يطالب مستشار رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، بتحجيم دور مجلس الحكم، وفرض جدول زمني مبتسر وغير عملي عليه، لتكون النتيجة دستورا مرتجلا ينجز بسرعة والمطالبة بإجراء انتخابات آخر السنة كما دعا لها وزير خارجية فرنسا، أو في آذار المقبل كما يدعو آخرون من باب "المرونة"! ))

وقويسات التهكم من كتبة البيان طبعا!

المهم إن هؤلاء الناشرين– المثقفين الذين يقولون أنهم عراقيون، غير وارد في أعرافهم شيء أسمه دستور ولا دور للأمم المتحدة ولا استقلال وطني. وكل ما في جعبتهم هو التبعية المطلقة للدور الأمريكي، والبوشي منه وحسب. بدليل أنهم بصدد العداء حتى للعملية الانتخابية في أمريكا طالماها تهدد موقع رئيسهم بوش!

ويقول البيان: ((إن عدم استتباب الأمن بعد سقوط النظام شجع كثيرين ممن عارضوا الحرب، أن ينهضوا ثانية ويطالبوكم بتسليم العراق إلى الأمم المتحدة. نحن العراقيين، نعتقد أن هذا الحل سيئ وسوف يزيد من معاناة العراقيين ويجعل المشكلة أكثر تعقيداً،، إن تاريخ الأمم المتحدة لا يبشر بالخير في حل القضايا المشابهة لقضيتنا العراقية،،،))

وبهذه صدق ناشرو البيان. صدقوا من أن الأمم المتحدة ستكون أعجز من أن تحكم العراق وترسيه إلى بر أمان، حيث أمريكا تهيمن على قرارها، وحيث أمريكا استحوذت على كل شيء وسرقت الأموال والودائع وجعلت من العراق قاعا بلقعا سيستجدي رواتب موظفي الأمم المتحدة الذين سيديرونه، وسيرحمهم العالم أول الأيام فيمنحهم ثم يتركهم كما ترك أفغانستان!

وصدق الناشرون من أن العراقيين لا يريدون تسليم بلدهم إلى الأمم المتحدة أو إلى أمريكا وغيرها. لا يريد العراقيون هذا، لأنهم بقوة السواعد المكينة للمقاومة الوطنية سيطردون المحتل الذي لم يعد أمامه بد غير الرحيل.

تم يأتي البيان على مجلس الإمعات وغلمانهم ليقول: (( كان تشكيل مجلس الحكم قبل أسابيع هو الخطوة الكبرى بعد سقوط نظام صدام، وجاء قبل أيام تشكيل الوزارة من ذوي الكفاءة والخبرة الفنية والسياسية. كما شكل المجلس لجنة أمنية تنسق مع التحالف، واتخذ عددا من التدابير الحسنة. وهناك تدابير وخطط عملية لحماية الأمن وتحسين الخدمات والعودة لحياة طبيعية للمواطن ))

إذن، فباقر حسن صولاغ (بيان جبر) الذي لم ينه السنة الثانية في كلية الزراعة، هو خبرة فنية عظيمة في مجال الزراعة، وهوش يار زيباري خال مسعود هو وجه خارجي لامع. بل وكل التعيينات التي اعتمدت القرابة والمحسوبية هي تعيينات عظيمة كيف لا وهي تمت بالقرابة لفطاحل الدين والدنيا والسياسة الذين لم تأت بمثلهم الأمم – أعضاء مجلس الإمعات! ألا يشعر ناشرو البيان في هذه على الأقل أنهم يؤسسون لثقافة المديح والتأليه التي ادعوا أنهم كانوا ضدها فاستنجدوا بأمريكا ذات القيم عليها؟!

ويستمر مجلس المثقفين هذا ويقدم نصائحه إلى بوش، ليقول: (( لسنا بحاجة إلى "حفظ السلام"؟! ،،، إن معظم أبناء الشعب يلتفون حول مجلس الحكم ،، وواجب الأمم المتحدة هو العون الإنساني ** وتشجيع عمل مجلس الحكم الانتقالي العراقي وقوات التحالف  في مهماتهما الصعبة ،، نقترح إعطاء صلاحيات أكبر لمجلس الحكم الانتقالي، وخصوصا في المجال الأمني، وتشكيل جهاز شرطة قوي بعدد كاف وجيش جديد يجب أن يدعى لصفوفه حالا مائة ألف من جنودنا المسرحين،،،إن جنود الأمريكان أنفسهم يقعون في مطبات يومية بسبب جهل اللغة والتقاليد وقلة الاعتماد على العراقيين. فكيف سيساعدنا وجود قوات متعددة الجنسيات من قارات العالم؟ ،، إن الفراغ الأمني لا يعالجه سوى العراقيين بالتعاون المرن مع إدارة بريمر وقوات التحالف التي لا ينبغي تقليصها في الوقت الحاضر ،، فالعراقيون بقيادة مجلس الحكم العراقي وبمساعدة قوات التحالف هم وحدهم القادرون على مطاردة فلول صدام وحلفائه الأجانب وإلقاء القبض عليهم وتحقيق الأمن والاستقرار ،، وهذا هو السبيل الوحيد أمام الولايات المتحدة لإنقاذ الوضع من التدهور، وفي الوقت نفسه لتقليل الخسائر البشرية الأمريكية، من ضحايا الإجرام الصدامي ،، إن إلغاء عقوبة الإعدام من قبل السفير بول بريمر،،، كان سابقاً لأوانه وشجع فلول صدام المجرمين على التمادي والإمعان في ارتكاب الجرائم،،، وعليه نطالب بإعادة عقوبة الإعدام لمرتكبي الجرائم الكبرى في هذه الفترة ،،، وتفضلوا يا فخامة الرئيس بفائق الاحترام ،، صورة منه إلى: وزير الدفاع – دونالد رامسفيلد،، وزير الخارجية- كولن باول، نائب وزير الدفاع – بول ولفويتز،السكرتير العام للأمم المتحدة – كوفي آنان ))

وحقيقة فبيان الناشرين هذا، مثله مثل بيان (500 كلمة لربيع بغداد القادم) في العام الماضي، كتبه موظف في الدرجة العاشرة من المسؤولية تحت رئيس الـ  ciaوطلب من جهات عراقية أن تسوقه إلى بعض الكتاب وأن تجمع التواقيع عليه.

لكن لنترك هذه الحقيقة ونفترض أن بوش سيقرأ هذا التقرير ويلتزم بنصائحه ويطبقها حرفيا باعتباره صادر عن المفكرين العراقيين،، فما سيتغيّر بالأمر؟! هل ستكف المقاومة العراقية عن أن تذيق المحتل الويل؟ هل سيصمد بوش لهذه الخسائر التي بدأ هؤلاء المفكرون بعترفون بها؟!

حتما لا!

وبالتالي فهو بيان من قبيل هواء في شبك،، حتى لو تغاضينا عن حقيقة كاتبه الأساس! لكن في هذه النصائح مفارقات، أسفه من أن يضحك عليها، على سبيل المثال: انحياز البيان إلى وول فريتس والذي يجهله حتما أغلب الموقعين، ومنها أيضا الافتراض أن ليس لبوش ناصحين غير الموقعين على البيان، وإيهام (!!) بوش بأن الشعب العرقي ملتف حول مجلس الحكم،، الذي لا يجرأ زبانيته على الظهور في الشارع العام حيث شعبهم الملتف حولهم!!

أما البيان الثاني الذي يستصرخ بوش بأن لا يرسل قوات تركية إلى العراق فيقول: (( يتابع أبناء شعبنا بجميع قومياته المتآخية وبقلق شديد المساعي التي تبذلها الادارة الأمريكية لضمان مشاركة القوات التركية في العراق،، ونحن الموقعين أدناه في الوقت الذي نساند فيه موقف مجلس الحكم في العراق الداعي لتعزيز وتطوير دور الأمم المتحدة وقوات حفظ الأمن والاستقرار المتعددة الجنسيات ** نعبر من جديد عن قلقنا ورفضنا مشاركة القوات التركية للأسباب التي سبق وتوقفنا عندها مفصلا في رسالتنا السابقة الى سيادتكم قبل سقوط النظام ،، ويعود رفضنا للتدخل التركي إلى عوامل كثيرة منها ،، ارتباط صورة هذه القوات بالاحتلال العثماني ،، والأطماع التركية المكشوفة في هذه المنطقة ،، والتهديدات التي يطلقها الأتراك بشأن الموصل ،، والرغبة باجتياح شمال العراق لأطماع في ارضه وثرواته ،، ولتقارير منظمات حقوق الإنسان حول الممارسات القمعية للسلطات التركية ضد أبناء شعوبها،، إضافة إلى تورط القوات التركية في قيامها بمحاولات متعددة لزعزعة االاستقرار منها ضبط قوات التحالف لأسلحة متنوعة مرسلة من قبل تركيا إلى أعوانها وأجهزة مخابراتها في كركوك ،، وإلقاء القوات القوات الأمريكية القبض على عناصر من الاستخبارات التركية في السليمانية. إن إرسال القوات التركية إلى العراق سوف يخلق المبرر لدول إقليمية أخرى لها مصالح خاصة في العراق للتدخل في شؤونه ،، ونحن في الوقت الذي نسعى فيه جاهدين إلى بناء مستقبلنا الجديد ومجتمعنا المدني بحيث تنعم فيه كافة تلاوين شعبنا العراقي و أطيافه الزاهية بالديمقراطية والحرية والمساواة، ومن باب الحرص على المصلحة العامة للوطن , فاننا نتطلع الى أخذكم مخاوفنا هذه بعين الاعتبار، والى تفهمكم بأن التواجد التركي سوف يجر البلاد حتما إلى أتون حروب أهلية تراق فيها دماء نحن وانتم والمنطقة في غنى عنها ))

وهكذا!

فمفكروا الشعب العراقي هؤلاء وفي بيانهم الأول استنتجوا أنه لا يجب على رئيسهم بوش أن يعطي دورا للأمم المتحدة وقوات الجنسيات المتعددة، وذلك لأسباب رأوها بعد مراجعتهم للتاريخ والجغرافيا ومشاورات عديدة تبادلها حكماؤهم. لكنهم عادوا وفي بيانهم الثاني الذي نشروه بعد أسبوع فقط من بيانهم الأول وارتأوا أن يعمل بوش على إعطاء دور للأمم والجنسيات!! (راجع الفقرتين المعلمتين بالنجمة الحمراء أعلاه!)

ولنتصور أن بوش يأخذ حقا بمشورة مرؤوسيه العراقيين هؤلاء، ولنتصور معها أيضا كم من مرة في الشهر سيضطر إلى تغيير إستراتيجيته!!

وبينما يصرح كلبي - الرئيس الأبجدي للمجلس أن قرارا كوجود القوات التركية على أرض العراق هو ليس من اختصاص مجلسه، يلتف مفكرو العراق هؤلاء حوله!!

بالمناسبة! فأكثر الناس اتهاما للفضائيات وللوطنيين العراقيين بالارتزاق والعمالة لأجل المال، هم ناشرو البيانين هؤلاء، وهم عينهم من يسكت على هذا الارتزاق المهين لمجلس الإمعات وغلمانهم على حساب الشعب العراقي، فما هو السر؟! أو حقيقة هل هناك سر؟!

أما عن مضمون البيان الثاني، فلنغض الطرف ولو مؤقتا، عن التحالف الصهيوني التركي! ولننس أن إسرائيل زودت الجيش التركي بالرادارات الروسية المتطورة التي تستطيع تتبع شارة الهاتف اليدوي أو ساعة اليد والتي استخدمتها تركيا ضد بعض المناضلين الأكراد. ولننسى أن تخطيط تركيا لدخول العراق، تم أساسا بمساعدة الموساد الذي يفترش أرض كردستان وبدعم قيادة الطرزان وبحمايتها! لننس هذا كله على خطورة أهميته! ولنسأل:

-    لماذا نعم لقوات بولونيا وبلغاريا وأوكرانيا ومن لف لفها من دول الشحذنة، ولا للقوات التركية، بينما كل هذه القوات تحت سيطرة أمريكا وتحت توجيهها؟!

-          لماذا نعم للقوات الدولية على أرض العراق ولا للقوات الدولية على شماله فقط؟!

-          لماذا نعم للموساد على أرض العراق كله ولا لتركيا!؟

-    لماذا يحرك هؤلاء المثقفين خوف على الأكراد فقط بينما القوات الأمريكية وأتباعها هي من قام بمجازر العامرية وإبادة القوات المنسحبة من الكويت ومن قام بقصف الأحياء السكنية في كافة مدن العراق خلال العمليات الحربية الأخيرة؟!

-    لماذا يقول كل العالم والأمم المتحدة بأن أمريكا محتلة بينما هؤلاء المثقفون، وحدهم لازالوا يقولون بمصطلحات دونية من قبيل التحرير والتحالف!

-    لماذا أيد هؤلاء المثقفون كل قرارات الحصار على العراق وكل ما قال كلمة لصالح الشعب العراقي اتهموه بالعمالة والارتزاق!

 

على أية حال، قد ينفع التساؤل إذا كان المقابل حصيفا يراجع سلوكه. وهو ما لا يبدو على البيانين، فهل من سر وراء نشرهما غير الذي تعكسه نصوصهما!

نعم!

والسر في زيارتي السفاحين رامسفيلد وباول الأخيرتين إلى بغداد.

وربما كانت زيارة رامس رفعا منه لمعنويات جنوده بعد القيل والقال بحقه من أنه تركهم للذبح وهو قابع في واشنطن. لكن لزيارة باول وما تسرب منها علنا على الأقل علاقة إن لم تكن مباشرة فحاسمة!

ذلك أن باول كان ممنوعا من قبل صقور البنتاغون من النشاط في القضية العراقية، أو كان مسموحا له دعم رؤيا وزارة الدفاع الأمريكية فقط، بتجميع المرتزقة، تحت مسميات القوات الدولية أو حفظ السلام، ليموتوا عن مصالح أمريكا. لكن لزيارته الأخيرة طابعا آخر تماما، على الأقل هكذا أنا أقرأه من عدة أوجه.

فالملاحظ أن المقاومة الوطنية لم تستهدف طائرة باول في مطار بغداد، كما استهدفت طائرة رامس عند إقلاعها. طبعا تستهدف عند الإقلاع لأنه الموعد الوحيد الذي يمكن رصده أما القدوم فشبه مستحيل، لأن الإعلان عن مواعيده لا يتناسب والحقائق الأمنية التي تفرض التمويه عنه. وقد استهدفت طائرة رامس لكن طائرة باول لم تستهدف. وقد أكون بالغت وأن المقاومة لم تتمكن من ضرب طائرته لصعوبات ميدانية. لكن هناك احتمال آخر يكمن في تسهيل مهمته، التي صرح عنها علنا يوم 14 أيلول قائلا: (( لابد من عودة تدريجية للسيادة في العراق،، الجميع يريد العملية،، نحن لا نريد أن نبقى هنا يوما إضافيا، فالأمر يكلفنا غاليا وجنودنا يرغبون بالعودة إلى عائلاتهم،، نحن لا نبقى لمجرد البقاء ))

وإضافة إلى هذا فقد التقى باول بمندوب عن الإمام الصدر والإمام السستاني وطرح وجهة نظره( أي نية الحكومة الأمريكية الأكيدة عن الوضع في العراق).

وحيث المقاومة الوطنية ليست إرهابا، فيهمها أن يتحرر العراق بأقصر الطرق. ويهمها أن لا تسفك دم الجنود الأمريكان الأبرياء ولاشك من سياسة بلدهم العدوانية. بل وأنا أجزم أن الأمريكان لو حددوا شهرا أو اثنين أو ثلاثة لمغادرة قواتهم العراق، فلن يقتل منهم أحدا. وستبقى المقاومة ترقب عن كثب حتى يتم الانسحاب، ما لم تعتدي قوات الاحتلال الأمريكي هذه على مواطن أو ممتلك أو سيادة. فإن سهل باول هذه العملية فمرحبا!

المهم إن باول هو الآخر اعترف بالخسائر، التي لو استمرت وعلى نصف هذا المعدل أو ربعه، فلن يتجرأ ويهتم بسلامة أناس كمجلس الإمعات، وهم أذنابه وأقل ما يقال عنهم أنهم باعوا بلدهم له لقاء هذه المرتبات العالية التي ينعمون بها. فهل يجب أن يموت جنوده لأجل هؤلاء التنابل؟!

ومجلس التنابل لابد وفهم المعنى، لذاه استنجد بسيده وولفريتس ومجموعات اللوبي الصهيوني الداعمة للمجلس ورئيسه الأبجدي الحالي، فحرروا البيانين ونشروهما وقعوا الناس عليهما،، على أمل أن يعود بوش عن قراره المحتوم بمغادرة العراق.

ولو غادر الجيش الأمريكي بغداد فلا لائذ ولا عاصم للعملاء من السقوط خلال ثوان، كما حدث لقوات لون نول في فيتنام ولمرتزقة كوبا يوم فشل الغزو وكما حدث لكل المرتزقة والعملاء على أوطانهم في التاريخ.

ملخصا فالبيانان، هما حقيقة استنجادان من مجلس الإمعات وغلمانهم ليحول بين بوش ومغادرة العراق. تلك الحقيقة الماثلة والتي لن يفصلنا عنها سوى الانتظار!

أما أن يغري البيانان بوش بمساعدة انتخابية أو ينصحه بما يجب عليه أن يفعله لحملته الانتخابية القادمة، فهذا دليل إضافي على أمريكية الكاتب الحقيقي لنص البيانين!

أما أن يذكر الموقعون مؤهلاتهم الحقيقية (والملصقة) إلى جانب أسمائهم، فهذه من إساءة الفهم! فالبيانان ليسا نشرة لتقديم طلبات العمل في الحكومة الأمريكية، وإنماهما بيانان يراد بهما نجدة هوش بول بوش وحسب.

يا ترى!

هل سيعود ناشرو البيانين وينكروا المقاومة الوطنية؟! وهل يفترضون أن وريقات كالتي ينشرون ستنقذ جلود المحتلين ومرتزقتهم من يد المقاومة الوطنية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟