الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دُقَتْ جدران الخزان ولم يسمعها احد!

عبد السلام العطاري

2003 / 9 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

بعد مرور خمسة وخمسين عاما على النكبة والتشريد والتهجير، وبعد ما يقارب الخمسون عاما من قراءتنا رواية "رجال في الشمس" وهي رائعة اديبنا غسان كنفاني بتّ مقتنعا بان جدران الخزان قد دقت وقرعت بكل قوة حتى اخر لحظة في شهقة الروح ولمسة اليد السائحة على جدرانه.
 ان "اللماذا" المبهمة لأبي الخيزران كانت الصرخة الأخيرة، التي لم يُسمع صداها حتى اللحظة.
كل الشواهد، التي تلت ابتلاع الصحراء لابي قيس ومروان واسعد واضف اليهم الكرامة العربية، التي رمى بها ابو الخيزران الى جانبهم، هناك في مكب النفايات في صحراء متسع للموت دون ان تتسع لحياة فلسطيني مشرد مبعد عن ارضه، وهذه حالة الفلسطيني، الذي سلم قدره ومصيره في ذلك الوقت لقيادة عربية مهزومة لا تبحث سوى عن جشعها وطمعها وعن ثرائها ، والفلسطيني ربما كان السطر والسفر الذي يعيق وجود الذات العربية الجشعة .
وها هي الصحراء، التي قذفت بهم الى اللاعودة تعود من جديد لتبتلع الفلسطيني مرة اخرى العام 1991، وكم من صحراء وكم من ابو الخيزران وكم من طرق لاهبة مميتة سلك دروبها الفلسطيني الباحث عن وطن وعن لقمة خبز من الرويشد الى شط العرب مرورا بالرمل العربي وعودة الى جدران الجفر وتَدمُر كل خزان ملتهب بحرارة الشمس العربية التي تم نفينا اليها دون ان نعي لحظتها نهاية الحياة بأنها ستكون رهينة رواية مثلها أبو الخيزران.
 وعلينا ان نضع لماذا نبحث عن الموت المحقق تحت سقف"شادر" أو لوح "زينكو" على ان لا نبحث عن الموت الجميل تحت دالية عنب أو  بيارة برتقال في يافا؟
غسان المبدع، اقفل روايته على هذه "اللماذا" و"اللماذا" لم تكن سوى رسالة لكل فلسطيني يبحث عن وطنه في المنافي جسّدتها حالة ابو الخيزران التي صدت عن سماع دقات الجدران، التي ترددت وانكرها، واعاد ذلك الى ضميره الغائب المستتر خلف قناع الزيف وراحة بال جشعه .

وها هي اليد الفلسطينية المضرجة بالدماء، تقرع وتدق، وما زالت، تدق كل الجدران وكل خزان وجدوا به وما زال هناك ابو الخيزران يقول لماذا لم تدقوا ؟!
والآن لماذا لا نقنع انفسنا، ونقلب الصورة على حقيقتها، لأن ثلاثتهم عشقوا الحياة حين ذهبوا يبحثون عن البقاء في الرمل على حساب الرملة وحيفا واللد، وأنهم قرعوا جدران خزان الصمت العربي المطبق، حيث ما زال مطبقاً حتى الآن.
لماذا لا نقول بأن ابو الخيزران يمثل الحالة العربية، التي تتمثل في حقيقتها بالرغبة  في الخلاص من الفلسطيني؟ والشواهد كثيرة، لماذا ننسى ليالي البلور الفلسطينية في الليل العربي الطويل، ليل "ايلول، وتل الزعتر، وبغداد، والصحراء الليبية، والقاهرة، وبيروت العزيزة، التي لم تعد تطيق دقات الفلسطيني اللاجئ في ضواحيها الجميلة" هذا هو الخزان الكبير في سفر الفلسطيني الطويل، يدق على جدران الوطن هذه المرة وليس فقط في صحراء ابي الخيزران، الم يحن الوقت لنؤمن بأنه قد سمع وتجاهل طرقاتهم؟ لماذا لا نتقتنع بأن قفل الرواية بـ" لماذا، لماذا، لماذا ؟" لم تكن كما قيل بأنهم  لم يدقوا وإنها  كانت صدى طرقات "لماذا" لم يسمع ابو الخيزران؟ لماذا لم تسمعون بعد؟
هذا ما أراده غسان حين دقت اشلاء جسده جدران بيروت، وكل جدران المدن العربية، وغادر دون ان يسمعه أحد.

****

عبد السلام العطاري
رام الله – فلسطين 









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميناء غزة العائم يثير بوجوده المزيد من التساؤلات | الأخبار


.. نتنياهو واليمين يرفضون عودة السلطة إلى القطاع خوفا من قيام د




.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة ويزيد حدة التوتر في إسرائيل | #مر


.. دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر.. شرطة #مولدوفا تنقذ رجلا مسنا




.. البنتاغون يعلن بدء تشغيل الرصيف البحري لنقل المساعدات إلى قط