الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توجهات الموقف الأردني من العراق ( 2 من 3): المعيار الوطني

باتر محمد علي وردم

2003 / 9 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كاتب أردني

نقصد بالمعيار الوطني في هذه المقاربة معيار "المصلحة الوطنية" للأردن، والتي تمثل الحكومة والشعب الأردني معا ومؤسساته وقطاعاته المختلفة في توجهاتها تجاه التطورات الجديدة في العراق. والمبادئ الرئيسية التي نتمنى أن تحكم هذا التوجه هي:

1-    أن تكون العلاقة الأردنية-العراقية الجديدة علاقة مبنية على الاحترام المتبادل لحق الآخر في اختيار نظام الحكم والمستقبل الذي يريده.

2-    أن يكون الأردن منفتحا على كل التيارات والمؤسسات والتنظيمات التي تمثل الشعب العراقي وأن لا يقتصر في تعامله على نظام الحكم فقط، وعدم تكرار الخطأ السابق.

3-    أن يكون الهدف الرئيسي للأردن في المرحلة الحالية هو مساعدة الشعب العراقي على بسط سيادته على الأرض العراقية والعمل على نشر الأمن وتحسين حياة الناس وعدم تقديم الدعم للقوى التي تريد جر العراق نحو الفوضى.

العلاقة الأردنية العراقية كانت دوما استثنائية، ولم تكن علاقة عادية بين دولتين عربيتين يحكمها ترمومتر الوفاق والخلاف بين الحكومتين. فقد تحولت العلاقة الأردنية العراقية إلى وحدة شعبية في الكثير من المراحل، فالعراق كان  دائما العمق الاستراتيجي للأردن وحدث هناك تشابك كبير في البنية الاقتصادية للدولتين. وكان الأردن في معظم مراحل سنوات الحصار الرئة التي يتنفس منها العراق كما حظى الأخوة العراقيون الذين هربوا من جحيم البعث بحياة جيدة نسبيا في الأردن وأفضل من بقية الدول العربية، وكان هناك ود على المستوى الثقافي والشعبي بين الأردنيين والعراقيين لم يحدث من قبل بين شعبين عربيين.

ولكن مشكلة العلاقة الأردنية العراقية على الصعيد الرسمي أنها كانت غير مستدامة، فقد كانت علاقة خاصة مع نظام حكم دكتاتوري آيل إلى الزوال في يوم ما. وبفعل الترابط الاقنصادي ودور التيارات الإعلامية والسياسية الأردنية المرتبطة بحزب البعث فقد تماهى العراق وصدام في نظر الأردنيين، حتى تم اختصار الدولة العراقية بتاريخها ومواردها وشعبها وثقافتها بشخص صدام ونظامه، وهنا كان الخلل الكبير الذي تدفع العلاقات الأردنية العراقية ثمنه الآن.

ومن هذا المنطلق نتحدث عن الواقع الحالي. فبغض النظر عن عدم شرعية الاحتلال الأميركي ، فإن حكم البعث ذهب إلى غير رجعة، وتحرر العراقيون من كابوس 35 عاما من القمع، وهم ليسوا مستعدين لإعادة التجربة من جديد، كما أن العراقيين لا يزالون حتى الآن في حوار مع الذات حول الخطوات المستقبلية وكيفية استعادة السيادة العراقية المستقلة على الأرض العراقية.

العراق الآن أمام خيارين لا ثالث لهما. الخيار الأول هو المضي قدما في طريق استعادة السيادة العراقية من خلال تأمين الاستقرار وأعادة تأسيس المجتمع والدولة العراقية وهذا ما سوف يتطلب وقتا وصبرا بسبب الدمار الهائل الذي أحدثه حكم البعث ثقافيا وسياسيا والاحتلال الأميركي ماديا وتشريعيا كما يتطلب انفتاحا عربيا وأردنيا على الشعب العراقي حتى لا يقع في فخ الانعزالية الذي تخطط له الولايات المتحدة.

الخيار الثاني هو السقوط في الفوضى تحت شعار مقاومة الاحتلال، وإعادة غمر الشعب العراقي في مستنقع من الدم والدمار والقتل هو في غنى عنه، وهذا ما سوف يغرق كل الدول المجاورة وبما فيها الأردن في أتون الفوضى وصناعة الإرهاب كما في أفغانستان.

مصلحة الأردن هي في وجود جار عراقي مسالم، واستعادة العراقيين لسيادتهم وتأسيس علاقة أردنية عراقية جديدة ومؤسسية وقابلة للاستدامة تحترم خيارات الشعب العراقي، وأن تكون العراق دولة هادئة تعددية ديمقراطية منفتحة على كل العرب، وهذا بالطبع لن يحدث غدا ولكن يجب أن يكون انتهاء الاحتلال الأميركي وتسليم السلطة للعراقيين سريعا وهذا يتطلب الدعم الأردني والعربي للعراق وفتح الأبواب الدبلوماسية أمام العراق لتحقيق ذلك.

أما عزل العراق وعدم الاعتراف بمجلس الحكم، والدعوة اليومية لاستمرار الفوضى تحت شعار مقاومة الاحتلال فلن يؤدي إلا إلى انعزالية الشعب العراقي وتواصل إحساسه بالخذلان من أشقائه العرب وفتح الأبواب أمام التطرف وتحويل العراق إلى ساحة تصفيات حسابات سياسية وعسكرية سوف تطال نتائجها الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل قامر ماكرون بحل الجمعية الوطنية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حل الجمعية الوطنية، سلاح ذو حدين محفوف بالمخاطر




.. كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل حتى وقف الإبادة الجماعي


.. قوات الاحتلال تنشر فرق القناصة على أسطح وداخل عدد من البنايا




.. فيضانات تجتاح جنوب النمسا والسلطات تناشد السكان بالبقاء في ا