الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فليذهب الى بنغلاديش او الصومال!

بدر عبدالملك

2007 / 6 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كثرت في‮ ‬المرات السابقة وخلال ستة أعوام مسألة التجنيس،‮ ‬وكلما هدأ الوضع قليلا طفت جذوة ذلك الملف بعد أن تم ادخاله في‮ ‬الدرج في‮ ‬قسم الملفات المعلقة أو المؤجلة،‮ ‬فقد باتت حساسية شعب البحرين من موضوع التجنيس تثير أعصاب الكثيرين،‮ ‬فاختلط الموضوعان التجنيس كحق طبيعي‮ ‬يمر بقنوات وشروط للحصول عليها وتلك شرعية دولية مع احتفاظ كل بلد بشروطه وظروفه،‮ ‬ولكن في‮ ‬نهاية المطاف‮ ‬يصبح موضوع التجنيس حق للأفراد الذين‮ ‬يعيشون في‮ ‬بلد ما ولفترة محددة ويعطونها من حياتهم وإنتاجهم الشيء الكثير،‮ ‬وللشيء الكثير معان مختلفة‮! ‬

غير أن التجنيس السياسي‮ ‬وهو المصطلح الذي‮ ‬درجنا على سماعه واستيعاب أبعاده‮ ‬يعود ويستيقظ مرة أخرى في‮ ‬صورة ذلك الداعية‮ »‬العالم العلامة والفهيم الفهامة‮« ‬وجدي‮ ‬غنيم،‮ ‬فهو نمط من التجنيس السياسي‮ ‬دينيا ومذهبيا،‮ ‬ليحتل صدارة مسألة التجنيس ليثير‮ ‬غبارا طائفيا لا‮ ‬يرى أخطاره إلا من‮ »‬ملكت إيمانهم‮« ‬وبمعنى آخر أن تمنح السكين للجزار لكي‮ ‬يعيث سلخا في‮ ‬شعبنا باسم الإسلام،‮ ‬وكأنما البحرين بذلك التجنيس حلت الناقص من تعدادنا السكاني‮ ‬لكي‮ ‬نقبل في‮ ‬الأمم المتحدة وقد كان من شروط عضويتها أن‮ ‬يكون داعية لا‮ ‬يشق له‮ ‬غبار في‮ ‬الفتنة والحرائق وشق الصفوف ونثر الويلات من عظائم الأمور لمجرد انه‮ ‬يحمل وساما عالميا حصل عليه من منظمة المؤتمر الإسلامي‮ ‬برتبة‮ »‬داعية خدم الأمة‮«. ‬

هذا الخادم الجديد فاق خدمته للحرمين بل وفاق أولئك الأنصار الذين خرجوا مع الرسول‮ ‬ينشرون دعوتهم ويقاتلون في‮ ‬صفوفه مهما كانت الظروف قاهرة والبلدان والتضاريس وعرة،‮ ‬فهم لا‮ ‬يخافون الطامة الكبرى من اجل الحق والرسالة،‮ ‬بينما رأينا الداعية الجديدة تفضل مدن هوليود وضواحي‮ ‬بركلي‮ ‬هيلز ولوس انجلوس وشواطئ ميامي،‮ ‬فهناك ليس الدولارات ابنة العم سام وحدها تنضح فرحا في‮ ‬الجيوب وإنما عبيد هارلم الفقراء‮ ‬يركضون خلفه من مدينة الى مدينة للاستزادة من نصوصه وأحاديثه المكررة التي‮ ‬اعتاد الصبية حفظها صما بكما وهم لا‮ ‬يفقهون بل وسيحل مسلمو أمريكا بؤسهم الاجتماعي‮ ‬بحفظ أفكاره‮!‬،‮ ‬لهذا وجدنا أنفسنا في‮ ‬بحرين التآخي‮ ‬كلما رفعنا بنيانا للتوافق الاجتماعي‮ ‬وتحريك سفينتنا نحو الانسجام‮ ‬يخرج لنا المصنوع من نار الوسواس الخناس،‮ ‬حيث‮ ‬يطير من مكان إلى مكان ومن محطة إلى محطة ومن مدرسة إلى مدرسة باعثا ونافخا في‮ ‬جذوة الكراهية والاختلاف‮. ‬

ما‮ ‬يفعله الأخوة في‮ ‬منبرهم وتوجهاتهم نسوا أن دولارات النفط هي‮ ‬وحدها الخدمة للأمة ونسوا أننا بعد‮ »‬محنة التجنيس‮« ‬بمثل هؤلاء الدعاة ندخل بعد التيمم نحو التدنيس‮ - ‬بدلا من التطهر بماء دلمون الزلال في‮ ‬دعاته النيّرين من الطائفتين‮ - ‬من أدران مصيبة الشقاق الطائفي‮ ‬والتوجهات الاجتماعية والدينية القائمة على الحقد‮. ‬فهل البحرين بحاجة لداعية خلت من بعده الدعاة ؟‮!! ‬

لماذا التدليس والتجنيس ونحن ختمنا صغارا وعرفنا أن بعد العسر‮ ‬يسرا،‮ ‬وهانحن نترك خلفنا استبداد ثلاثة عقود وندخل في‮ ‬مشروع إصلاحي‮ ‬أنقذنا من محنة الصدام والعنفوان،‮ ‬ولكننا بسلوكنا هذا ندفن أدوات وأسلحة الفتك في‮ ‬عقول الناشئة بطريقة اخطر من الرصاص والقنابل المدوية والمفخخات،‮ ‬ففي‮ ‬كل كلمة‮ ‬ينفثها الداعية نغذي‮ ‬الأبناء والبنات بمفاهيم خاطئة،‮ ‬وبذلك الوهم نغرق في‮ ‬مستنقع الخطيئة السياسية قبل الخطيئة الدينية والأخلاقية‮. ‬إن من‮ ‬يمجدون الداعية بتعبيرات ونعوت جوفاء كان بإمكانهم أن‮ ‬يمنعوا عنه دولارات النفط ويقولوا له‮ »‬يا أخينا المسلم والداعية،‮ ‬إن إخوتنا في‮ ‬بنغلاديش والصومال هم أحوج منا لك،‮ ‬فهناك أيضا الأمة بحاجة لخدمتك،‮ ‬هناك في‮ ‬الصومال‮ ‬يشتعل القتال ونحتاج لمن‮ ‬يطفئها وهناك في‮ ‬بنغلاديش تكاثر وفقر متواصل نرغب منك الذهاب للموعظة والحد من النسل فلعل الذين في‮ ‬تلك الأمكنة الفقيرة‮ ‬يكتشف أغنياؤها ضرورة الالتفات إلى مسألتين التناقض الحاد بالفقر الشديد والثراء الفاحش وسط محيط من البؤس،‮ ‬مثلما هناك تناقض حاد بين شدة الفقر وتزايد النفوس‮ »‬بدلا من تزايد الفلوس‮«. ‬

هناك الفقراء المسلمون في‮ ‬الصومال وبنغلاديش لا‮ ‬يملكون الدولارات ولا دخل‮ »‬النفط‮« ‬فاذهب وسنرسل لك مرتبك الشهري‮ ‬دعما لك ولكن ليس من صناديق سرية ولا جمعيات بغطاء معلن،‮ ‬وانما ستكون في‮ ‬غطاء مصرف شخصي‮. ‬
فهل نحن بحاجة لمعرفة من هي‮ ‬الفئة الضالة في‮ ‬بلدنا حتى وان تعطرت بالكرستيان ديور وتأنقت بربطة عنق وبدلة باريسية،‮ ‬فوحدها تدرك من أين تؤكل الكتف ومع من تبيع أوراقها الخفية‮. ‬مجتمعنا لا‮ ‬يحتاج لأسرار الكذب ولا للتلاعب بذكاء الناس،‮ ‬فهل نحن بحاجة لمرشد‮ ‬يغرقنا في‮ ‬أول الموج أم نتبع‮ ‬غرابا لا‮ ‬يدلنا إلا لدار الخراب فهو وحده رمز للموت والدفن؛ لهذا صار الشيطان والغراب بلونين في‮ ‬الخطاب الثقافي‮ ‬عند جميع الشعوب هو اللون الأسود‮. ‬
فلا تدخلونا في‮ ‬جنازات مستمرة بالحزن واللطم بدعاة من هذا النموذج عرفوا دورهم المطلوب ويغطون أهدافهم الخفية قبل حصولهم على جواز السفر وإذا ما امتلكه فانه سيكشر عن أنيابه الصفراء‮.‬
باركوا للداعية خدمته للأمة إذا ما ذهب للصومال وبنغلاديش فهي‮ ‬أكثر حاجة وضرورة من بلادنا الهادئة،‮ ‬والتي‮ ‬تنعم بخلافاتها واختلافاتها الودية ويكفيها من ملفات‮. ‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح