الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع من اجل العدالة،، من رجل توقع أن نحميه- روبرت فسك

كهلان القيسي

2007 / 6 / 19
حقوق الانسان



هذا التقرير من روبرت فسك الصحفي الذي كشف عن القصة الحقيقية منذ بدايتها.

منذ اللحظة التي طرقت فيها باب منزل السيد داوود موسى المالكي في مدينة البصرة، أدركت إن هناك شي خطير ورهيب ترتكبه القوات البريطانية في جنوب العراق.
لقد عايشت وحشية الجنود البريطانيين في ايرلندا الشمالية، حتى إنني هددت من قبل ضابط بريطاني في بلفاست- ولكن اعتقدت إن هذه الأمور قد تغيرت ،وان جيشا جديدا خرج منضبطا بعد تلك الأيام السوداء من الصراع الايرلندي، ولكنني كنت مخطئا ،لان بهاء موسى توفي نتيجة الإصابات التي لحقت به في مركز الاعتقال البريطاني، هذا الرجل الذي تجاوز العشرين هو ابن لشرطي من البصرة، لم يرتكب جرما سوى انه كان يعمل موظفا للاستقبال في فندق في البصرة.
ثم التقيت بالشخص الأخر الذي كان مع بهاء وهو كفاح طه، الذي عذب بطريقة وحشية بالغة وسيئة من قبل الجنود البريطانيين، وكان شاهدا على كيفية كسر عظم الحوض للسيد بهاء موسى. واخبرني كيف إن الجنود البريطانيين ينادون سجنائهم بأسماء نجوم الكرة البريطانية ومنهم ديفيد بكم وغيره، أثناء تعذيبهم في مركز الاعتقال الرئيسي في البصرة. وهناك قصص عن سجناء اجبروا على الجلوس على شظايا حصى حادة وهم يعذبون ويضربون على مناطق حساسة في الجسم ، خصوصا الكلى، واجبروا على وضع رؤؤسهم في حوض المرحاض.
كل هذه من بين الأدلة التي حملها السجين السابق كفاح طه و والد بهاء موسى الى المحكمة العليا، التي استندت على محاضر المجالس العسكرية التي جعلت الاتهام فرديا واكتفت بسجن جندي واحد لمدة سنة وطردة من الجيش لإساءته معاملة السجناء.
هناك بعض النظم القديمة التي تستخدم من قبل الجيوش في ساحة المعركة، إذا اكتشفت حالة تعذيب يمكن أن تراهن بان هناك مئات من الحالات الأخرى سوف لن يكشف عنها أبدا.
هناك قصص بدأت تظهر من البصرة عن حالات الاختفاء ألقسري وعن اختطاف أناس ونقلهم الى معسكرات الاعتقال البريطانية، أما الجنود الأمريكان فلا زالوا قيد التحقيق عن حالات القتل والتعذيب في العراق.
إذا كان بنت واحدة قد اغتصبت وقتلت وذبحت عائلتها من قبل وحدة عسكرية أمريكية جنوب بغداد- وهي واقعة لا غبار عليها- فكم هو عدد الحالات الأخرى أو الناس الذين قتلوا في نفس الظروف التي سوف لن نكتشفها أبدا.
إذا كانت جريمة ماي لاي قد تم الكشف عنها وقت حدوثها، فان جريمة أخرى حدثت في أيام الحرب الكورية لم يكشف عنها إلا بعد أربعين عاما، وهي قيام الجنود الأمريكان بقتل ألاف المدنيين في مخيمات اللجوء لأنهم ضنوا إن جنودا كوريين يتخفون بينهم. وكم من ضربات جوية أمريكية قتلت أناس أبرياء في العراق وأفغانستان، لم تغطى من قبل الصحفيين، لان الصحفيين غير قادرين على الوصول الى هذه المناطق الخطرة؟

وبالعودة الى كيفية اكتشافي قصة بهاء موسى في عام 2004 - لان الوضع كان آمنا وكنت اطرق أبواب الناس وازور المستشفيات وأقابل الأقرباء المفجعين ، دون وازع من أن اختطف أو أن تقطع حنجرتي. لقد توفيت زوجة بهاء موسى الشابة، قبله بشهور نتيجة ورم في المخ، وبقي طفليهما الصغيرين محطمين في بيتهما وهما ينظران إلي وكأنني مجرم حرب. أما والده ، فقال لي في وقتها ، كما كررها في شهادته الأخيرة، بهاء بالنسبة لم يكن فقط ولدي بل كان بمثابة صديقي.

نقمته على فشل مجالس المحاكم العسكرية البريطانية في توجيه الاتهام لقتلة ابنه ،عبر عنها في شهادته التي هي عبارة عن سيل دموع توسل من اجل العدالة لرجل بسيط توقع إن الجنود البريطانيون جاءوا لحماية عائلته وليس لقتل ابنه.حتى انه كان يصدق الضابط الذي وعده بالاعتناء ببهاء قبل يومين من استدعائه للتعرف على جثته المحطمة.
كيف خنا وخذلنا هؤلاء الناس! وأي حضارة خلقت وربت هؤلاء الشباب الصغار من جنودنا الذين يعذبون سجنائهم من المدنيين ،بهذا الاحتقار،يكومنهم ويطلقون عليهم (كومة البراز) ويعاملونهم كالحيوانات.هل تعلموا هذه الطرق في كلاسكو وكارديف ولندن؟ نعم- فالعديد من الجنود البريطانيين هم سجناء سابقين، وضيوف على حسابها، والذين يعرفون كل شي عن قواعد السجن وتعذيب السجناء.
وهؤلاء هم جنودنا في البصرة يعذبون سجنائهم، بأمان بعد أشهر من الاحتلال في نفس السجن الذي كان يستخدمه علي الكيماوي.
وكل شيء ألان انتهى بالطبع، فالعراق غارق في كارثة جهنمية والمقولة السابقة ( عن الفوز بالقلوب والعقول) أصبحت جافة كجفاف رمال الصحراء، ربما هناك قلوب وعقول يمكن الحفاظ عليها في داخل المنطقة الخضراء في بغداد أو مناطق خضراء أخرى في عموم الشرق الأوسط ، كقلاع صليبية جديدة حيث تتحصن فيها القوات الغربية من أعدائها، والتي أطلق عليها يوما الأراضي المقدسة. والمستوى الأخلاقي العالي الذي تبجحا به - الذي إن كان موجدا زمن ما- فبعد الغزو الغير أخلاقي والغير قانوني الذي قاما به بوش وبلير فان هذا المستوى انتهى الى الأبد.
سوف نغادر العراق مع كل أحلامنا المحطمة، وسوف نترك العراق للعراقيين أنفسهم للرجال أمثال داوود موسى والد بهاء، حاملا حزنه على موت ابنه الى الأبد، ليبنوا بلدا جديد بدون الآلام والأحزان التي خلفناهم لهم.

عن الاندبندنت
ترجمة: كهلان القيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو