الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيطرة حماس على غزة : نتائج ودلالات

عواد احمد صالح

2007 / 6 / 19
القضية الفلسطينية



اذا كانت ثمة دلالات للأحداث التي جرت في غزة أي الصراع المسلح بين حركة حماس الإسلامية وحركة فتح الأقرب الى التمدن والعلمانية فان اولى هذه الدلالات هى ان قوى السلام السياسي في الشرق الاوسط والمنطقة العربية وبدوافع من قناعاتها الأيديولوجية الدينية لديها تعطش للسلطة لا حدود له .. وان ادعاءاتها بقبول الأخر والمشاركة السياسية في اطار الموجة الديمقراطية المدفوعة امريكيا ليست الا وهم وسراب .. ففي المرة الاولى استعملت هذه القوى اليات الديمقراطية وصناديق الأقتراح بطريقة مصلحية للوصول الى السلطة بدعم واسع وكبير من الجماهير المضللة والمخدرة دينيا كما جرى في فلسطين والعراق وجزئيا في مصر وذلك للبحث عن حلول سحرية لمشاكلها المزمنة عن طريق الشعارات الطوباوية والادعية التي تريد من خلالها اختراق معطيات الواقع ومعادلاته السياسية والانتصار على جميع الاعداء واولهم الصهاينة والامريكان والغرب الكافر !!! هكذا .
وكما فعل حسن نصر الله في لبنان مع اسرائيل بحثت حماس عن نصر مزعوم او " وعد صادق " يجعلها دولة موهومة داخل دولة لم يتحقق حتى الان قيامها : الدولة الفلسطينية الموعودة .
ان اهم نتيجة ودلالة هي اننا نشهد تراجعا ونكوصا على مستوى الوعي السياسي والحضاري : تحاول جميع قوى الاسلام السياسي باشكالها والوانها المتعددة العودة بنا الى مرحلة الطوائف والأمارات .. مرحلة ماقبل نشوء الدولة القومية الحديثة ، ويبدو ان التاريخ لايسير دائما الى الأمام وان منطق التطور منطق اهوج ومضلل خصوصا في عصر العولمة وصراع الاديان حيث تنبعث اشد الأفكار ظلامية وخرافة وتلقى قبولا من شرائح وقطاعات واسعة من الجماهير الامية المضطهدة والمقموعة فكريا واقتصاديا بفعل آليات تطور العولمة المتوحشة وسياسة الغرب المتغطرسة والتي تهدف الى تضليل وعي الشعوب في المحيط الرأسمالي بدفع هذه الشعوب للعودة الى "تراثها" اي كل ما كان قد تجاوزه التطور التاريخي .. العودة الى الافكار الموروثة من اجل تعميق هوة التمايز بين الغرب والشرق : أي اثبات ان الغرب هو صاحب المعطيات الحضارية والتقدم والديمقراطية وحقوق الأنسان وصاحب الرؤية الطليعية التي تنظر دائما الى الامام ... وان الشرق هو موطن البحث عن الماضي والتعلق بالأمجاد الغابرة وحضارة الاجداد وقيمها التي نتصارع الآن من خلالها مئة وثمانين درجة مع معطيا ت الحضارة الراهنة .
ان قوى الاسلام السياسي وكما اثبت احداث السنوات الاخيرة وبعد احتلال العراق وسيناريو التدمير المستمر برهنت وتبرهن كما فعلت حماس في غزة انها قوى تجزيئية تحاول تطبيق ايديولوجيتها المتعصبة واعلان دولتها اذا استطاعت حتى على قرية صغيرة نائية من قرى هذه الاقطار البسيطة والبدائية ، انها قوى مصابة بعقدة نقص وفصام (شيزوفرينيا ) تاريخية وتشعر بعزلتها وغربتها عن عالمها ومحيطها وعن منطق التطور الذي ترفضه جملة وتفصيلا .
النتائج الأخرى لأستيلاء حماس على مدينة غزة هي مزيد من التراجع والنكوص والعزلة والذي الذي سيصيب الشعب الفلسطيني المحاصر اصلا في غزة خصوصا بعدما ادركت الطبقات الحاكمة العربية والدول التي كانت تقدم لها المساعدة انها بات تشكل خطرا مع ما موجود من اخطار داخلية وخارجية عليها في سياق ما يفعلة التيار الديني المتطرف من افاعيل في المنطقة .
لقد ربحت حماس المعركة العسكرية ضد السلطة الفلسطينية وفتح في غزة ولكنها خسرت المعركة السياسية بكل معنى الكلمة .. فما يسمى المجتمع الدولي والمحيط العربي اعلن تاييدة للشرعية التي يمثلها محمود عباس وهذا يعني تطورا ايجابيا... تأييد التيار العقلاني والحضاري مقابل التيار المتعصب الرجعي والظلامي .
من النتائج الأخرى ... ان الشعوب العربية وشعوب الشرق عموما وكما حصل ويحصل في العراق واماكن اخرى ليست مهيأة حتى الآن لفهم معنى الحرية وتقبل فكرة الحوار والاختلاف في داخلها ومع الاخر وانها دائما بحاجة الى عقيدة ملهمة ورموز وزعامات تاريخية .
مطلوب ان تعي ذلك القوى التحررية وقوى اليسار خصوصا وان تلملم عدتها وعتادها من اجل خوض صراع مصيري صراع من اجل التقدم .... انه الصراع من اجل المستقبل اما تتقدم البشرية الى الأشتراكية او تتقهقر الى البربرية .

16- 6 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار