الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب الفلسطيني والشعب الفنزويلي

ناجح شاهين

2007 / 6 / 19
القضية الفلسطينية


حسنا الدنيا انفجرت في بلادنا.ِ وقد ترددت حقا في الكتابة. إذ ما قيمة الكتابة عندما يعلو ويلعلع صوت الرصاص. البحث عن الحق والحقيقة؟ ليس هنالك حق وحقيقة في الحروب الأهلية. دائما تكون النهايات مثلما سيرورة الحدث حبلى بكل أنواع الخطايا والآثام. ولن يتمكن أحد في النهاية حتى لو كان برئيا كما الذئب من دم يوسف أن يدعي البراءة. انظروا ذلك الذئب المسكين إنه في كل الأحوال يذكر كلما ذكرت الجريمة. ولن يستطيع على مر الزمن أن يقنعنا بأن ننسى واقعة أنه كان مشبوها. إنه المشبوه الأبدي. ولأن النص المقدس أعطاه البراءة فهو مع ذلك –أو بسبب ذلك - يمثل أمامنا ببراءته وشبهته طوال الوقت. من يعطي حماس أو فتح البراءة؟
لا أريد أن يظن القارئ أنني أمارس التهويم وادعاء الطهارة في لحظة لا يجوز فيها كلام الأنبياء والشعراء. ليس هذا ما نقصد. بالطبع إن حدثا فعليا قد وقع. وقد كان قائد ثورة روسيا الحديثة الناجحة مطلع القرن العشرين -أعني لينين- دائم التسفيه لأفكار الطهرانيين الذين يريدون انتظار الظرف التاريخي الملائم حتى يتحركوا. ترى هل برهن التاريخ بسخريته اللاذعة أن الصبر كان أفضل في حالة روسيا؟ هل اتضح أخيرا للينين أن الإمساك بالسلطة ليس أنبل الغايات ما دام تحقيق الحلم الإشتراكي غير ممكن في بلد متخلف؟ لا بد أن لينين يعيد حساباته ويفكر أنه كان من الأجدى الإصغاء إلى حكمة العجوز ماركس وانتظار أن ينضج الظرف الملائم تاريخيا. وإلا فلا داعي لسلطة مسخ لا فائدة منها إلا تعميم البؤس وتشويه صورة الثورة والثوار.
هل وقعت حماس في الفخ؟ أم أنها دفعت إليه دفعا دون إرادتها؟ هل تحركت لأنه لم يعد لها من خيار سوى أن تدافع عن نفسها أو ان تختفي من الساحة السياسية كما اختفى من قبلها اليسار الذي ما يزال يقلب في حيرة معجمه؟ لا أرغب في بيع حكمة اليسار لحماس ففي كل الأحوال ليس فكر اليسار بعامة سوى فكر مأزوم. وهو يحاول دون جدوى أن يجد له موقع قدم في خضم الرأسمالية في إحدى مراحلها الجديدة التي لم يعد لدينا القدرة على متابعتها من كثرة ما تتقلب وتتبدل. الرأسمالية اليوم في شيخوختها أم في شبابها المستعاد. هل أكلت هذه المتوحشة من نبتة " جلجامش " الشهيرة فاكتسبت طاقة عجيبة للتجدد إلى ما لا نهاية؟ في هذه اللحظة يحز في النفس ونحن نرى إلى السكين من جانبي الواقع الاجتماعي التاريخي الفلسطيني تحز في لحمنا بالذات، يحز في انفسنا أننا لا نجد ما يقال أو ما يجب أن يقال.
أمريكا تواصل حروبها التحريرية في كل العالم وخصوصا في العالم الموسوم بالعروبة. لم يكفها احتلال العراق او ربما شدد احتلال العراق والحاجة إلى تأبيده ضرورة التخلص من المقاومة في بقية المناطق الساخنة. طبعا لبنان وفلسطين على رأس قائمة الأولويات. رأس حزب الله مطلوب ورأس حماس وإن بدرجة أقل. هنا وهناك أمريكا تؤازر أنصارها أو أنصار الديمقراطية والليبرالية لا فرق. وعلى الآخرين تسليم أسلحتهم والآختفاء من المشهد السياسي. في لبنان القصة معقدة، وهناك قوى إقليمية لا يستهان بها ما تزال تقاوم. هناك سوريا وايران. في فلسطين القصة أهون من ذلك. وإذا كانت غزة التي لا شيء أسهل من عزلها ترغب في أن تكون كوبا بالذات فلا بأس في ذلك وما أهونه عند أمريكا. وإذا كانت كوبا بكل ما لديها من مزايا مقارنة بغزة لم تنجح أكثر من أن تكون حالة مخنوقة ومعزولة وعاجزة عن فعل شيء لنفسها قبل أصدقائها، فكم بالحري أن تختنق غزة بأصغر جهد ممكن. دع غزة تتحرر وتجوع إذا كانت لا تريد الاحتلال. من يريدها في المقام الأول أو يفكر في شأنها. شمعون بيرس منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي – وأخرون أيضا- اقترح أن تعطى غزة لأي راغب في خطبتها لا يهم المهر. لا بد من إراحة اسرائيل من ذلك العبء. حتى أريحا كان هناك من يريد خطبتها في منزل أبناء عمومتنا، أما غزة فلتذهب إلى الجحيم أو فليبتلعها البحر كما دعا النبي المعروف اسحق رابين ربه في ليلة ظلماء أزعجه فيها عش الدبابير الذي لا يقدر عليه أحد في غزة.
لا، لن أزعم أن قيادات حماس لا تعرف هذه الوقائع الشديدة البساطة. اظن على الأرجح أنهم ُدفعوا إلى ذلك وبهذا الشكل تكون اسرائيل قد عادت إلى حلمها الأساس نعني إعادة غزة فقط. " والسيادة " الفلسطينية تكون فقط في غزة أما في الضفة فسوف تسود فترة انتقالية كما لاحظ الأخ رئيس السلطة الوطنية قبل أن يستقر في نهاية المطاف شكل من التقاسم المباشر أو الوظيفي أو ما شئت الذي يبقي الأرض بوصفها مجالا حيويا في مدى عمليات جيش الدفاع وعمليات الاستيطان على السواء. ويسمح بالتخلص من فائض السكان الفلسطينيين بحيث تبقى أعدادهم تحت السيطرة. أنا لا أرغب حتما في أداء دور الغراب – أو حتى البوم رمز الحكمة في بلاد البيض- ولكن إذا كان لا بد من افتراض أن الأمور ستسير باتجاه آخر يجب على الأرجح أن يكون بمقدورنا نحن الفلسطينيين أن نوقف ما يجري. ولا أظن أن ذلك هو أيضا من قبيل المحالات الثلاثة، فلسنا في صدد تحرير فلسطين أو في صدد طرد أمريكا من المنطقة فقط نرغب في تحديد مسارنا الداخلي. ونحن نميل إلى تقدير أن أمريكا أو اسرائيل لن تدخل بدباباتها لتمنعنا من اختيار قياداتنا وطريقة عملها. أصلا نحن ما زلنا تحت الاحتلال هنا وهناك.
عندما وقع انقلاب مدبر في فنزويلا في مطلع الألفية الجديدة وبدأ الرأي العام الغربي يهلل له على الرغم أنه تم ضد قيادة منتخبة، بدا لي أن الأمر قد انتهى. لكن بعد قليل فرك الشعب الفنزويلي حصاة كبيرة ممزوجة بالملح في عيني التي لا ترى وعيون وسائل الإعلام الغربية. ترى هل مهمة شعبنا أصعب من ذلك؟ ذلك على الأرجح هو الطريق الوحيد باعتبار أن توجيه اللوم أو الاتهام للقيادات أو محاولة توعيتها – كأنها لا تعرف – هو عمل هزلي لكن مع الأسف دون أن يكون له القدرة على الإضحاك.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد يختبران مدى التوافق بين عمار وريم ????


.. بحثا عن غذاء صحي.. هل المنتجات العضوية هي الحل؟ • فرانس 24 /




.. خروج مستشفى الأهلي المعمداني عن الخدمة بعد العملية الإسرائيل


.. إسرائيل قطعت خدمات الاتصالات على قطاع غزة منذ نهاية شهر أكتو




.. أمهات المحتجزين الإسرائيليين ينظمن مسيرة في الكنيست