الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساءٌ مختصر

سليم البيك

2007 / 6 / 22
الادب والفن


تركتُ البيت فجأة. رميتُ ما كان بين يدي. نزلتُ إلى السيارة، أدرتُ المحرك و مضيت.
وصلت إلى منطقة الكاسر في أبو ظبي، حيث لا أمواج للبحر هناك. مياه مالحة راكدة مشتدٌ أزرقها، تتحرش بصخورٍ تتمنع أحياناً، و أحياناً يتكسر الحياء فيها فتمارس حباً مع مياه متسللة من بين انكسارات بحرها: تلك الصخور تكسر الأمواج فيخنع البحر للمدينة و يصلها مستسلماً مستكيناً، مكتفياً بمياه تتحرش بصخورها، فسُمّيت المنطقة بالكاسر.
ألقيت بنفسي خارج السيارة و مشيت مبتعداً عن الرصيف بغير وجهة. سحرٌ ما سحبني من خلال الأشجار و خليط الرمل و العشب، إلى حيث الصخور، و كأنني على موعد مع مداعبة المياه لإحداها ، فأشهد حباً جديداً، و كأنني أردت أن يكتمل ذلك المساء قُبيل احمرار الشمس خجلاً فتتلاشى، و يشتعل الليل بنوره الأسود.
صرت أمشي محاذياً صخرة و مياهها، أنظر إليهما تارة، و تارة إلى رجل تقدّم العمر به، اقتعدَ احدى الصخور الرطبة و جعلَ ينتظر أن تعلق سمكة في صنارته، و إلى حينه يمضي الوقت بالنزق و اليأس و لعن الطقس. رآني أراقبه و لما ما خجلت، و لا درت برأسي عنه حينها، ظل ينظر إليّ مستغضباً اتخاذي لفشله تسلية في هذا المساء.
لم أعرف لماذا تركت البيت، و لماذا كانت تلك وجهتي، و لم أعرف لماذا أراقب الرجل بنفاذ صبر و لماذا لم أزح ناظريّ عنه.
قبل عودتي سألت حفنة المياه على حافة البحر، مستلقية على حضن الصخرة: هل ستحبني يوماً؟ أم أن شعوري هذا يكفي اثنين، فلا هي ترى حاجة لحبها لي و لا أنا ربما؟
أحتاجها لتشهد معي هذا الحب، لأحكي لها عن المياه و الصخرة، و عن وجودها معي هنا، تُسمِعني ضحكاتها عليهما، و تعليقاتها. فهل أكتفي بصوتها الآن؟
اتصلت بها لحظتئذن، و ما حظيت حتى بصوتها. سمعت أنين هاتفها، ظلّ يئن متلمساً تبرير غيابها، إلى أن انقطع .
عدت بعد أن استأثرا بطقوسهما، و ما سمعت جواباً. و عرفت حينها لماذا أتيت. و لماذا عشقت ذلك المساء الذي يشبهها، رأيت حبي لها و شعرت به يتململ في حضور مسامات روحي كلها، يتأهب للاستيقاظ، في مساء ضمّ لحظة عشق و آثر الرحيل.



كاتب فلسطيني مقيم في أبو ظبي
www.horria.org
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كليات ومعاهد تقبل طلاب ا


.. أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية.. وفرحة كبيرة للط




.. نتيجة الدبلومات الفنية بعد قليل.. إزاي تحصل على النتيجة من م


.. الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل




.. سؤال حول ماهر الأسد يغضب الفنان السوري باسم ياخور: -أنا كنت