الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات في المهب : في الكتابة الجديدة

كمال سبتي

2007 / 6 / 21
الادب والفن


تجد ((الفكرة )) في الرواية حضورا فاعلا لها , بل ان الرواية مهما اعتمدت من اساليب جديدة في تكوين ما هيتها , لا يمكن الا ان تعلن (( فكرة )) ما في النهاية , تحمل معاني عديدة تتيح للقاريء , ان يتمتع بقراءته للرواية , او لا يتمتع , بمقدار ما تهيىء له اساليب الكتابة , اي اساليب طرح الفكرة , الفرصة للتمتع . ولعلنا نتذكر , ان عدداً كبيراً من الروايات ارتسم في الذهن (( افكاراً )) محددة , تطرح احياناً كتسمية للرواية نفسها , وتذكيرا بها دون اية حاجة لذكر اسم الرواية .

هذا يحدث عادة في الرواية , فهل يحدث شيء منه في الشعر ؟

لقد كان هناك قديماً - بيت القصيد - ذلك البيت الذي يقول فيه الشاعر- فكرته - كاملة , اي ان روح القصيدة قد اختزلت في هذا البيت , وبالتالي يمكن معرفة ما يقصده الشاعر من خلال هذا البيت , ويقينأ ان (( بيت القصيد )) قد اسقط الاهمية الشعرية للابيات التي تسبقه والابيات التي تليه .

بمرور الوقت , الغي , في الشعر هذا البيت , لنجد ان القصيدة لا تمنح نفسها , الا اذا نظر اليها على انها كل لا يتجزاء , شكلا ومعنى واخذت ما تسمى (( الفكرة )) تؤكد في الشكل والمعنى معاً رغم ان وجودها في الشعر , هو وجود مجازي , ومن باب الكلام في النقد , اي ان ليس ثمة (( فكرة )) في القصيدة , بالمعنى نفسه الذي نراها عليه في الرواية . ان هذه (( الفكرة )) المجازية , اصبحت , النبض الذي يقيم العلاقة مع المتلقي , فاذا اعجبته - الفكرة - تكون القصيدة قد اتمت فعلها الشعري , واذا لم تعجبه فهي ليست قصيدة . وبذلك خلق (( معنى )) محدد في ذاكرة القاريء وذائقته , يحدد الشعر ويعرفه ايضا.


وهنا حدث الالتباس , عندما حاول الشاعر الجديد ان يقول : لي معناي , الذي هو ليس ذلك المعنى الذي تربى عليه القاريء , وهنا ايضا حدثت المفارقة , عندما قال القاريء , لا معنى لديك , وفي حقيقة الامر , ان الشاعر الجديد , له معناه المغاير , معنى هو ليس (( فكرة )), معنى لا يأتي محددا في القصيدة ., اي ان الشاعر الجديد لا ينوي مطلقأ تحقيق (( وحدة الانطباع )) , بل انه يحاول - جاهدا - ان يكوّن قاموسه الجديد في الدلالة وفي تقديم تسمية للاشياء , ما كانت قد اطلقت من قبل , حتى ليظن القاريء , ان الشاعر لا يسمى شيئأ هنا على الاطلاق بينما هو قد سمى , و برع في التسمية .


لقد ارتبط (( المعنى )) بايقاع نفسي وتاريخي في ذهن القاريء , ومن الصعب على الشاعر ان يلغي هذا الارتباط دفعة واحدة ..


فأن يأتي الشاعر , ليقول , (( المعنى )) ليس فكرة , وان التتابع في طرح الوقائع لا يعني الشاعر في شيء , فهو امر بلا ادنى شك لا يرضي مخيلة القاريء , المتشبعة بفهم ترسب فيها عبر قرون طويلة ..

لقد حدثت المفارقة في فهم المعنى , القاريء يريد (( تحد يدا ما )) , والشاعر يرى في شكله الشعري معنى واضحأ , معنى ليس ككل معنى ..

هذه المفارقة , هي التي تجعل (( الكتابة الجديدة )) , تؤكد مرارأ على معناها , بل وانها تجد فيه وضوحأ , حقاً انه وضوح اخر , غير الوضوح المتعارف عليه , ولكنه رغم ذلك , يؤشر توجهاً اساسياً للكتابة في ان تعلن مشروعها بجدية اكثر , مدعومة من هذا الفهم العالي لعنصر (( المعنى )) والتي تؤشر له في ماهيتها طريقأ اخرى لم تكتشف من قبل .

9- 2 - 1988








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال