الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباحث والحقوقي عبد السلام أديب يتحدث عن رؤية المغاربة لمسلسل الانتخابات الفرنسية

مصطفى عنترة

2007 / 6 / 21
مقابلات و حوارات


ـ في رأيكم كيف قرأ المغاربة نتائج المسلسل الانتخابي الذي شهدته فرنسا في الأيام الأخيرة؟

هناك إحساس واسع ينتاب المغاربة كلما تتبعوا الانتخابات الفرنسية، ويتلخص هذا الإحساس في نوع من الأسف أو الغيرة في أن المغرب لم يقطع تلك المراحل الديموقراطية التي قطعتها فرنسا، فقد شاهد المغاربة كيف يحدث الصراع السياسي الشريف بين المرشحين للرئاسة الفرنسية، فيبدل كل طرف قصارى جهده لإقناع الشعب الفرنسي بنجاعة برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، وأن تلك البرامج هي التي ستخدم المواطن أكثر، وبعد انتهاء الانتخابات يصبح المرشح المنتصر رئيسا لكافة الفرنسيين بمختلف تلاوينهم. ويعلم المغاربة أن الانتخابات في المغرب رغم التطبيل والدعاية الفجة، لا تكون لها نتائج ملموسة على الوضع المعيشي للمواطن، بل أصبح من المؤكد أن المواطن سواء أدلى بصوته لما يسمى باليمين أو لما يسمى باليسار أو الوسط أو للأحزاب التي تخلط ما بين الدين والسياسة فإن نتائج السياسات المعتمدة تكون كارثية على حياته، فالمرافق العمومية تتفكك عبر تفويتها للشركات متعددة الاستيطان، والخدمات في تدهور مستمر أو في غلاء مستمر، والبطالة في ازدياد وكل المظاهر السلبية الأخرى من أمية ورشوة وفساد ونهب المال العام. وفي مقابل كل ذلك يتم التضييق أكثر فأكثر على حرية الرأي والاعتقاد وممارسة الحريات العامة، وتفاحش موجات الغلاء. فالانتخابات لا علاقة لها بكل هذه الأشياء بل لربما تعمل على تكريسها. فانتخابات السابقة عرفت مقاطعة عارمة للمواطنين، أما حاليا في ظل التراجع الخطير للحريات العامة ولمستوى المعيشة وانتشار البطالة، فيمكننا أن ننتظر مقاطعة أوسع للانتخابات بجميع أشكالها، فستقاطع الجماهير الشعبية الانتخابات من تلقاء ذاتها ودون أن تحتاج إلى وساطة، وهذا هو الرد الجماهيري التلقائي على غياب الديموقراطية في بلادنا.


ـ هل تعتقدون أن العلاقات المغربية الفرنسية ستعرف تطورات بعد هيمنة "اليمين السياسي" على مؤسسات الحكم؟
تعلم أن الكثير من المسؤولين في المغرب كانوا يتطلعون إلى فوز اليمين السياسي في فرنسا بقيادة ساركوزي، نظرا لأن هذا الفوز سيخدم توجهاتهم ومصالحهم أكثر. فالمغرب تحكمه علاقات كومبرادورية بين الرأسماليين المغاربة والرأسمال الفرنسي حيث تتميز المبادلات بين البلدين بارتفاع معدلها مقارنة مع البلدان الأخرى، فبينما تجد الرأسمالية الفرنسية في المغرب سوقا للمنتوجات فرنسية الصنع ومستهلكا للقروض ورؤوس الأموال والاستثمارات الفرنسية التي تحقق فوائد وأرباح خيالية خصوصا بالنسبة لاستغلال الأيدي العاملة الرخيصة، نجد الكمبرادورية المغربية تمتهن الوساطات والمناولة وتصدير بعض المنتوجات الفلاحية والمنسوجات وبعض الصناعات التحويلية. هذا على مستوى المصالح الاقتصادية والمالية والتي تتحكم أكثر في صنع القرارات السياسية، أما بالنسبة للعلاقات الدولية فيجد المسؤولون المغاربة في اليمين السياسي الفرنسي حليفا طبيعيا على عدة مستويات، خصوصا وأن من مصلحة فرنسا استمرار أسلوب الحكم القائم في المغرب واستقراره، وأن أي انحراف نحو "ديموقراطية أكثر" قد يهدد مصالح فرنسا في المستقبل. إذن فاليمين السياسي الفرنسي صمام أمان للحكم القائم في المغرب.


ـ لكن ماذا لو فاز اليسار الفرنسي في الانتخابات التشريعية الأخيرة؟
يحمل اليسار الفرنسي تاريخا من المطالب الاجتماعية والحقوقية تجعله يبلور سياسات قائمة على المبادئ الكونية لحقوق الانسان ذلك على عكس اليمين السياسي الفرنسي الذي يرجح الهوية والمصلحة الفرنسيتين. من هنا فإن تجربة العلاقات بين المغرب وفرنسا خلال عهد ميتران كانت تمر بين الشد والجذب خصوصا في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان واحترام مبادئ الديموقراطية والكشف عن ماضي الانتهاكات الجسيمة. لذلك فإن فوز اليسار الفرنسي لن يرتاح لها المسؤولون المغاربة بل وتسير عكس مصالحهم، لأنهم قد يضطرون تحت ضغط المصالح الرأسمالية القائمة، إلى التنازل شيئا ما في مجال الحقوق السياسية والمدنية وكذا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي نلاحظ كيف تعرضت هذه السنة للمزيد من الخروقات نتيجة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية.

ـ في نظركم هل من شأن وجود فرنسيين من أصول مغـاربية في مواقع القرار السياسي أن يساعد على تطوير العلاقات بين فرنسا ودول المنطقة المغاربية؟

قد يلعب هذا المعطى دورا في تطوير العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وكذا على تسهيل التواصل وإبرام بعض الصفقات، ومحاولة تقريب وجهات النظر في عدد من النقاط الخلافية. لكن الكثير من التقارب وإن كان يخدم بعض المصالح الاقتصادية للرأسمالية فإنه يكون وبالا على المشهد الحقوقي ومبادئ الديموقراطية. فيصعب على نشطاء حقوق الإنسان في المغرب مثلا أن يجدوا دعما كبيرا لهم في إطار الحكومة الفرنسية.

ـ هل تعتقدون أن موقف ساركوزري من قضية "الوحدة الترابية" سيكون مشابها للموقف الفريد الذي ميز شيراك؟
سيجد الموقف المغربي بدون شك دعما من طرف ساركوزي كاستمرار لموقف جاك شيراك مع استعمال هذا الدعم في ابتزاز بعض المواقف والقرارات السياسية التي تكرس هيمنة الإمبريالية الفرنسية في المغرب. فالسياسة تبقى فن إدارة الممكن لخدمة المصالح، وشخص في مثل دهاء ساركوزي لن يفوت الفرصة في استغلال كل إمكانياته لخدمة المركزية الفرنسية ولو على حساب شعب مقهور كالمغرب. لذا فإن المخرج السليم سواء على مستوى العلاقات الدولية أو على مستوى السياسة الداخلية هي الديموقراطية الحقيقية أولا وأخيرا، أي الديموقراطية كما يفهمها الجميع وهي حكم الشعب بالشعب من أجل الشعب، وليس حكم الشعب بواسطة الفرد أو بواسطة جزء من الشعب. لأن مثل هذا المنظور الذي لم يتحقق بعد في بلادنا أن يرجح اختيارات الشعب المغربي على باقي المصالح الشخصية، سواء عند بلورة السياسات الاقتصادية والاجتماعية أو عند الدخول في علاقات دولية مع قوى إمبريالية تتحين فقط فرص الاستغلال والهيمنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار